في مكتبه داخل المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، تحدث رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عن “وباء” الفساد في بلاده، وما تتطلبه الجهود لمنع تنظيم داعش من إعادة تجميع صفوفه، وكذلك قضايا إقليمية مثل الحرب في سورية، والنزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
كان العبادي أيضاً صريحاً بشأن الدعم الذي تلقاه العراق من إيران، وتمنى من إيران والولايات المتحدة ألا تحولا بلاده إلى ساحة معركة لأي صراع بالوكالة. ومما جاء في حوار مع مجلة التايم:
-الآن وبعد أن كسرتم شوكة «داعش» فعلياً، لماذا لاتزالون تحتاجون إلى القوات الأميركية هنا؟ ألا يجب أن يعودوا إلى بلادهم؟
كان خطأ فادحاً من الإدارة الأميركية، عام 2003، أن تجعل غزو العراق احتلالاً رسمياً.
-أنا لا أدعو إلى بقاء القوات الأميركية في العراق، لكنني في الوقت ذاته لا أريد مهمة نصف منجزة، هناك ملاذات آمنة لـ«داعش» في سورية، والبعض منها على الحدود مع العراق، يجب ألا ننسى أن «داعش» حاول تأسيس دولة له في المنطقة، ولم يكونوا بعيدين جداً عن تحقيق ذلك الحلم.
-تتعاونون مع الإدارة الأميركية المعادية لإيران، مع أنكم حلفاء مقربون من إيران، وتعتمدون على الدعم الإيراني في محاربتكم «داعش»، كيف توفقون بين هذين التحالفين؟
-هناك قاسم مشترك، هو أن هذه المنظمة الإرهابية تمثل تهديداً للأسرة الدولية، وتمثل تهديداً أيضاً لإيران والمنطقة، وأعتقد أن هناك مصلحة استراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها في ذلك تحت القيادة الأميركية. لا نريد تدخلاً في شؤوننا الداخلية، فالصراع بين الولايات المتحدة وإيران يعود سنين للوراء، ولا علاقة له بنا، ورسالتي لهما هي: أطلب منكما ألا تصفيا حساباتكما على التراب العراقي، نحن نحتاج لدعمكما.
-هل يستطيع العراق أن يصمد أمام هجوم آخر شبيه بهجوم «داعش».. ربما تحت مسمى آخر؟
-لا يمكن لأي بلد أن يتحمل مثل هذا الهجوم. إنها كلفة ضخمة من الناحية البشرية والمادية. تتمثل سياستنا في منع حدوث ذلك. يجب أن يشعر الناس بأنهم جزء من هذا البلد، وأنهم مواطنون في هذا البلد. وإعادة الإعمار أمر ضروري أيضاً. لقد دفعنا الثمن مرتين: عندما تدفقت قوات «داعش» داخل العراق من سورية، وتسبب ذلك في نزوح الملايين من المواطنين، ولقي العديد منهم مصرعه. وأيضاً عندما بدأنا تحرير مناطقنا، حيث حدث دمار كبير. لدينا تقديرات للكلفة تصل إلى 46 مليار دولار.
-كل من تحدثت إليه اشتكى الفساد، هل وجدتم صعوبة في اقتلاع هذه الآفة خلال السنوات القليلة الماضية؟
-هو بالفعل وباء. يطلب مني الناس وضع الفاسدين في السجن. لكن من أين أبدأ؟ إنه عمل صعب. وهذا يعني الكثير من التحقيق، والكثير من هذا التحقيق يجب القيام به في الخارج، لأن الأموال تم تحويلها إلى الخارج. إن التغيير الأساسي الذي نحن بصدده هو جعل نظامنا شفافاً، وإزالة البيروقراطية، لأن الفساد يختبئ في البيروقراطية والروتين. هذا هو سبب الفساد، أنا متأكد من ذلك، لأن هناك اختناقات. شخص ما في النظام يستخدم هذه الاختناقات، وهذه البيروقراطية لتحقيق غاياته الخاصة.
-مرت 15 سنة على الغزو الأميركي للعراق، ويقول الكثيرون إن الأميركيين ارتكبوا أخطاء كارثية، وإن العراق لايزال يدفع ثمنها.. هل هذه هي الحقيقة؟
-نعم إنه كذلك. كان خطأ فادحاً من الإدارة الأميركية (عام 2003) أن تجعل الغزو احتلالاً رسمياً. كانت لديهم فرصة لنقل المسؤولية إلى أي سلطة عراقية، وتقديم الدعم لأي مواطن عراقي. كان الخطأ الرئيس الآخر هو الاعتماد على جيش أجنبي لتطبيق القانون والنظام. لا يمكن للجيوش تطبيق القانون والنظام في المدن.
-هل تتوقع أن تكون للعراق علاقات مع إسرائيل؟
-هذا أمر صعب، هناك لاجئون فلسطينيون في العراق والأردن وسورية، وفي كل مكان. ستظل المنطقة غير مستقرة إذا لم تحل هذه المشكلة بشكل عادل، وأنا لا أرى حالياً سوى فرض سياسة الأمر الواقع، بما في ذلك ما تم بشأن القدس.