برز في الآونة الأخيرة تكاثر الشبكات المتعاملة مع العدو «الإسرائيلي» وهي من النوع الخطير، والتي هدفها لا يقتصر على تنفيذ عمليات اغتيال أو تفجيرات تستهدف الجيش أو المقاومة أو مواطنين أبرياء، بل غايتها الأهم هي إحداث فتنة داخلية تعيد شبح الحرب الأهلية التي استنزفت مقوّمات الدولة اللبنانية ووضعتها على شفير الانهيار الكلي كمقدمة لتقسيم لبنان كيانات طائفية.
فبعد سلسلة توقيفات لعملاء للعدو في عدد من المناطق اللبنانية، تكشّفت أمس شبكة هي الأخطر في هذا السياق نظراً للمشبوهين فيها والمهمات المكلفين بها من قبل مشغّليهم، وذلك استناداً إلى ما ورد في بيان لجهاز أمن الدولة حول هذا الموضوع.
الموقوف الأبرز في هذه الشبكة هو الممثّل والمخرج والكاتب المسرحي، زياد عيتاني الذي كلّفه مشغلوه، بحسب البيان، بجمع معلومات عن شخصيات سياسية والعمل على تأسيس نواة لبنانيّة تمهّد لتمرير مبدأ التطبيع مع «إسرائيل»، والترويج للفكر الصهيوني بين المثقفين. بالإضافة إلى تزويدهم بتقارير حول ردود أفعال الشارع اللبناني بجميع أطيافه، بعد التطوّرات السياسية الّتي طرأت خلال الأسبوعين الفائتين على الساحة اللبنانية».
وعلى أهمية المهمات الأولى المكلّف بها في ما يتعلق بمراقبة شخصيات سياسية والعمل على الترويج للتطبيع، فإن المهمة الأخيرة تشي بأهداف تلك المهمات. وهذه المهمة هي رصد أفعال الشارع اللبناني بجميع أطيافه بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته ثم التريّث فيها والحملة السعودية، بين التطوّرين المذكورين، ضد لبنان.
وبانتظار جلاء التحقيقات الرسمية مع الموقوفين، فإن هذه المهمة، وما سبقها، تصبّ في خانة هدف واحد وهو التسبّب بفتنة كبرى بين أطياف المجتمع والانزلاق نحو حرب أهلية بغلاف طائفي ومذهبي لغايات سياسية أكبر، وهو تفتيت لبنان كيانات متباعدة أو على الأقل إنهاكه تمهيداً للسيطرة على دولته والتحكم بقرارتها وأهمها إنهاء المقاومة.
«إسرائيل» إذن، بدأت بالعمل على مخطط أميركي – صهيوني بمشاركة بعض الدول الخليجية، في لبنان، وسط هدوء لافت للحملة ضده، وكأن هناك ما يحضّر له لتنفيذه بشكل مفاجئ يفسح في المجال لردود أفعال حزبية وشعبية غرائزية وبهذا تكون الخطوة الأولى لانزلاق المجتمع نحو الحرب الأهلية.
وهذا ما ستسعى إليه «إسرائيل» في المرحلة المقبلة بعدما رفضت طلباً سعودياً، بشن جيشها حرباً عسكرية على لبنان، وفق معلومات كشف عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وأكدتها مصادر دبلوماسية ووسائل إعلام غربية و«إسرائيلية» وألمح إليها العديد من المسؤولين في الكيان الصهيوني.
لكن يبدو أن الصفقة لم تلغَ بل بدأ تنفيذها بأساليب أخرى غير الحرب على لبنان، والتي ستخرج منها دولة العدو خاسرة بعد تكبّدها خسائر فظيعة على الجبهة وداخل كيانها، نظراً للمقاومة الواسعة التي ستواجهها من اللبنانيين.
الوجه الآخر للعدوان، بحسب المعطيات، قد تكون الحرب الأمنية التي ستسعرّها «إسرائيل» وبعض الدول الخليجية في لبنان. وهذا ما كان ألمح إليه السيد نصرالله في إحدى إطلالاته التلفزيونية في الأسبوعين الماضيين الأمر الذي سوف يتطلب اليقظة والتنبّه، لصد هذا النوع من العدوان الذي بدأ بالفعل على لبنان واللبنانيين.