العراق: حكومة السوداني متهمة بالتضييق على الحريات

1

تقارير عربية بغداد

زيد سالم

مخاوف من استمرار حكومة السوداني بهذا النهج (الأناضول)

مخاوف من استمرار حكومة السوداني بهذا النهج (الأناضول)

تواجه الحكومة العراقية، برئاسة محمد شياع السوداني، اتهامات بممارستها عمليات تضييق على الحريات العامة والرأي، خصوصاً بعد سلسلة قرارات وإجراءات اتخذتها خلال الأشهر الستة الماضية، كان أبرزها صدور أوامر قبض بحق صحافيين وناشطين، ورفع شكاوى على آخرين، وإطلاق ما عُرف لاحقاً بحملة “مكافحة المحتوى الهابط”، التي يعتبرها مراقبون بأنها مخالفة للقانون، وجرى تنفيذها بشكل انتقائي.

وكان من بين أبرز الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال، الصحافية قدس السامرائي والباحث بالشأن السياسي محمد نعناع. كما جرى اعتقال ما لا يقل عن 20 صانع محتوى فيديو، ضمن حملة “مكافحة المحتوى الهابط”، التي استثنت متهمين بنشر خطاب كراهية وطائفية.

هادي جلو مرعي: الإجراءات والقرارات العقابية للصحافيين والناشطين تنسجم مع طبيعة الأحزاب المسيطرة على السلطة

كما بدأت أجهزة الأمن بتطبيق قانون “حظر المشروبات الكحولية”، بيعاً واستيراداً وتصنيعاً، الذي اعتبره ناشطون أنه يسهم في التضييق وخنق مفهوم الحريات المدنية والشخصية، لا سيما مع بلد متعدد الطوائف والثقافات مثل العراق.

مخاطر كبيرة على حرية التعبير

وقال المرصد العراقي لحقوق الإنسان، في بيان في 13 إبريل/نيسان الحالي، إنه لاحظ “مخاطر كبيرة” على حرية التعبير والرأي والاجتماع في قانون “مطروح حالياً داخل البرلمان، يتناول تنظيم مسألة التظاهر والحريات العامة والتعبير عن الرأي”.

وذكر أنه أرسل، بداية مارس/ آذار الماضي، ملاحظاته إلى البرلمان العراقي، حول وجود مخاطر كبيرة يتضمنها القانون على حرية الاجتماع والتعبير عن الرأي، تحتوي على مصطلحات فضفاضة، وتخالف المادة 38 من الدستور العراقي، التي تكفل حرية الرأي والتعبير عنه بالطرق السلمية.تقارير عربية

العراق: تضييق على المعارضين واستثناء صُنّاع خطاب الكراهية والطائفية

ودعا المرصد البرلمان إلى “التشاور مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، قبل تشريعه (القانون) وتحويله إلى طوق يخنق الحريات، ويُعيد اتباع الأساليب والسلوكيات الديكتاتورية التي تخلق فجوة كبيرة بين المواطن ومؤسسات الدولة”.

وتزداد مخاوف الصحافيين والناشطين أكثر من احتمال توجه البرلمان لإقرار قانون “الجرائم المعلوماتية”، أو ما يُعرف بلائحة “تنظيم المحتوى الرقمي” التي تضمّنت عبارات فضفاضة مثل “تهديد استقرار العملية السياسية”. وقد وصفها بعض الناشطين بأنها سلاح السلطة ضد أصحاب الرأي، فيما حوت الأوراق المسربة لبنود العقوبات السجن لسنوات وغرامات.

وفي الوقت الذي يرفض فيه صحافيون هذه الإجراءات، فإنهم يستغربون في الوقت نفسه من “الانتقائية” في تطبيقها، بين صحافيين وناشطين مدنيين، وآخرين يُعتبرون مقربين من هذه الفصائل المسلحة.

في السياق، قال عضو نقابة الصحافيين العراقيين أيسر اليوسف إن “الفترة الماضية شهدت اعتقالات لعدد من الصحافيين وصدور أوامر قبض، وبعض الأحزاب استهدفت صحافيين وناشطين بسبب آرائهم ومواقفهم من حكومة محمد شياع السوداني”.

وأضاف: “لعل ما تعرض له الصحافي والباحث محمد نعناع كان مثالاً على ذلك، بسبب انتقاده السوداني، إضافة إلى الصحافية قدس السامرائي، وقبلها الصحافية تغريد العزاوي التي تعرضت للحبس مدة 67 يوماً على ذمة التحقيق”.

وأضاف اليوسف، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “هناك مخاوف حقيقية من استمرار هذا النهج من قبل حكومة السوداني”، مبيناً أن “رئيس الحكومة عادة ما يمارس ما تفكر به القوى التي تدعمه”، في إشارة إلى قوى “الإطار التنسيقي”.

الإجراءات تنسجم مع طبيعة الأحزاب

من جهته، اتفق رئيس المرصد العراقي للحريات الصحافية هادي جلو مرعي مع اليوسف في أن “الإجراءات والقرارات العقابية للصحافيين والناشطين في ظل حكومة السوداني تنسجم مع طبيعة الأحزاب التي تسيطر على الحكومة ومؤسسات الدولة، ومنها الأجهزة الأمنية والرقابية على الإعلام والنشر”.

واعتبر، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “من ينكر وجود الاعتداءات والتضييق على الصحافيين والعاملين في مجالات المجتمع المدني وأصحاب الرأي، هو ينكر الحقيقة”، لافتاً إلى أن “الانتهاكات تصل أحياناً إلى حد الضرب والإهانة، بسبب موقف أو رأي يُذكر في التلفاز أو الصحف أو مواقع التواصل”.

وأشار إلى أن “اعتبار حكومة السوداني أكثر من تضيق على الصحافيين والناشطين غير منصف، ويمكن اعتبار الحكومات العراقية منذ عقود تمارس الأساليب نفسها ضد أصحاب الرأي والمواقف المعارضة، لكن هناك تبايناً وتفاوتاً في التعامل مع قضايا الحريات”.

ورأى مرعي أن “هناك جهات سياسية تتمنى تحويل العراق إلى ساحة موحدة الموقف، ولا تسعى إلى فسح المجال أمام الأصوات الوطنية. وهذه الجهات تنظر إلى أن كل من يخالفها بالرأي يمثل تهديداً حقيقياً لوجودها، لذلك تتعامل مع المعارضين لها بطريقة بوليسية”.

أما عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي نيسان الزاير، فقد لفتت إلى أن “اللجنة على تواصل مع منظمات المجتمع المدني والجمعيات الصحافية والناشطين، وفي الحقيقة هناك مؤشر واضح في الإجراءات التي تنال من الحريات المدنية، وهذا الأمر يؤدي إلى التضييق على الناشطين والصحافيين، خصوصاً العاملين والقريبين من الوسط السياسي”.

نيسان الزاير: على حكومة السوداني أن تؤمن بوجود الآراء المختلفة

واعتبرت، في اتصال مع “العربي الجديد”، أن “حكومة السوداني عليها أن تراعي الوضع العراقي، وتؤمن بوجود الآراء المختلفة وعدم التأثر بالضغوط الحزبية أو التي تطلبها الفصائل المسلحة، لأن حرية الرأي والتعبير عادة ما تشرح مدى التقدم في الدول”.

وفي سبتمبر/ أيلول العام الماضي، قرّر مجلس القضاء الأعلى في العراق إنشاء محكمة خاصة للنظر بالقضايا المرفوعة ضد الصحافيين، مع حظر استجواب أيّ صحافي من دون وجود ممثل عن نقابته، في سابقة لم تحدث من قبل، ما أثار حفيظة صحافيين من توقع زيادة بالدعاوى الموجهة إليهم.

وفي فبراير/ شباط الماضي، هاجمت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) مشروع قانون “حرية التعبير”، ومحاولات التصويت عليه في مجلس النواب العراقي.

وزعمت أن هناك أجندة سياسية تقف خلفه، مشيرة إلى أنه “مخالف للدستور العراقي ولا يتماشى مع المعايير الدولية لحرية الرأي”. وهو قانون مثير للجدل قوبل برفض واعتراضات كبيرة حالت دون تمريره في مجلس النواب منذ سنوات، إذ يتضمن فقرات توصف بأنها تقيد حريات التعبير وتفرض عقوبات وغرامات مالية كبيرة قد تستغل سياسياً.

التعليقات معطلة.