تقارير عربية بغداد
عادل النواب
الخلافات بين الحلبوسي والسوداني بدأت قبل شهرين (الأناضول)+
تتسع مساحة التسريبات من أطراف وقوى سياسية عراقية فاعلة حيال الخلاف الجديد بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خصوصاً فيما يتعلق بأسبابه ومآلات استمراره، والحملات الإعلامية التي نفذتها أخيراً جيوش إلكترونية وكُتّاب مقربون من “الإطار التنسيقي”، على رئيس البرلمان.
ونهاية الشهر الماضي، منح الحلبوسي نفسه إجازة لمدة 15 يوماً، بالتزامن مع إرسال الحكومة قانون الموازنة المالية إلى رئاسة البرلمان لغرض مناقشته والتصويت عليه، أعقبها عدة اجتماعات لائتلاف “إدارة الدولة” المشارك بتشكيل الحكومة، تغيّب عنها الحلبوسي، ثم تسريبات بشأن حراك لرئيس تيار “الحكمة” عمار الحكيم، لعقد لقاء تصالحي بين الطرفين خلال عيد الفطر لم ينجح.
أحمد العيساوي: ما يحصل ليس صراع مكونات وإنما صراع سلطات
وأكدت مصادر رفيعة المستوى في بغداد، لـ”العربي الجديد”، وجود مساع لحل تلك الخلافات، على الرغم من تلويح بعض قوى “الإطار التنسيقي” بالتحرك لإقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان، وترشيح آخر عنه من القوى العربية السنّية.
الخلافات بدأت قبل شهرين
وأكد نائب بارز في البرلمان العراقي ضمن اللجنة القانونية فيه، لـ”العربي الجديد”، أن الخلافات بدأت قبل أكثر من شهرين، بسبب قرارات اتخذها رئيس الوزراء تتعلق بمناصب حكومية وإدارية وأمنية اعتبرت استهدافاً لحزب “تقدم” الذي يتزعمه الحلبوسي.
وأضاف أن “السوداني منح تحالف العزم الذي يرأسه مثنى السامرائي، والحليف للإطار التنسيقي، مناصب وامتيازات، على اعتبار أنه الكتلة السنّية الأكبر، على الرغم من أن تحالف السيادة هو من يمتلك أكبر عدد مقاعد في البرلمان عن المحافظات الشمالية والغربية، وبواقع ضعف ما يمتلكه تحالف العزم”.تقارير عربية
حراك استبدال رئيس البرلمان العراقي يدخل مرحلة جمع التواقيع
وأكد أن الخلاف احتد أكثر بعد ملاحظة الحلبوسي وجود تمييز كبير في التخصيصات المالية للمحافظات المحررة والمحافظات الأخرى، إلى جانب التنصّل عن وعود تتعلق بتخصيصات صندوق إعمار تلك المحافظات (صندوق إعمار المناطق المحررة)، وكذلك ملف إنهاء ملف النازحين والمدن التي تستولي عليها الفصائل المسلحة، ومساعي السوداني استبدال محافظي الأنبار ونينوى المحسوبين على الحلبوسي.
وبحسب النائب، فإن اعتراضات الحلبوسي اعتبرها السوداني على أنها تدخّل من السلطة التشريعية في عمل حكومته، وطرح ذلك بشكل علني في آخر اجتماع لائتلاف “إدارة الدولة”.
تحرك أطراف في “الإطار” لإقالة الحلبوسي
وأكد مصدر سياسي آخر، لـ”العربي الجديد”، تحرك أطراف بارزة في “الإطار التنسيقي” لإقالة الحلبوسي، واستبداله بشخصية سنّية أخرى من تحالف “العزم” المناوئ لتحالف “السيادة” الذي ينتمي له الحلبوسي.
وأشار إلى أن أن نوري المالكي وقيس الخزعلي وأحمد الأسدي يقودون هذا الحراك داخل التحالف الحاكم، لكن في المقابل يعترض هادي العامري وعمار الحكيم على الفكرة، ويعتبران أنها ستسبّب عدم استقرار سياسي جديد.
ويمكن إقالة رئيس مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بطلب مسبق من ثلث أعضاء المجلس فقط (وفقاً لقانون استبدال أعضاء مجلس النواب)، أي أنه مجرد تقديم 110 نواب طلباً بإقالته لأي سبب كان، فإن الإقالة تتحقق بعد حصولها على 165.
عضو الهيئة العامة لتيار “الحكمة” أحمد العيساوي قال، لـ”العربي الجديد”، إن أصل الخلاف بين السوداني والحلبوسي، هو بسبب محاولة تدخل السلطة التشريعية في عمل السلطة التنفيذية، وهذا ما رفضه السوداني، مضيفاً أن “الحلبوسي مصرّ على تمدده على السلطة التنفيذية كما عمل بذلك مع الحكومات السابقة”.
وبيّن العيساوي أن “الوساطات السياسية مستمرة ومتواصلة بين السوداني والحلبوسي”، مضيفاً: “ما يحصل ليس صراع مكونات وإنما هو صراع سلطات، والدستور هو الفيصل لحسم هذا الصراع. ونحن في الإطار التنسيقي داعمون لتوجهات رئيس الوزراء، بجعل السلطة التنفيذية هي الأعلى وفقاً للدستور وعدم السماح بالتجاوز على صلاحيات هذه السلطة من قبل رئيس البرلمان”.
ورأى أن الحراك السياسي الهادف لإقالة رئيس البرلمان من منصبه، ليس له أي علاقة بقضية خلافه مع رئيس الوزراء، خصوصاً أنه لا خلاف شخصيا بين الطرفين، والخلاف فقط على تداخل صلاحيات السلطتين.
لكن عضواً في حزب “تقدم” الذي يرأسه الحلبوسي قال، لـ”العربي الجديد”، إن الخلافات لا تتعلق بمسائل شخصية، إنما ملفات تم الاتفاق عليها قبل تشكيل الحكومة ولم ينفذ شيء منها.
وأضاف، طالباً عدم ذكر اسمه بسبب ما قال إنها توجيهات من الحزب بعدم التطرق للأزمة، أن “الخلاف الحالي عمل على توسعته نوري المالكي وقيس الخزعلي بدفع رئيس الحكومة إلى المضي فيه”.
إحسان الشمري: الخلاف بين السوداني والحلبوسي ستكون له ارتدادات كبيرة
وكشف عن “وجود ورقة مطالب وقّع عليها قادة الكتل السياسية قبل التصويت على الحكومة، تتضمن مطالب وحقوقا إنسانية للمدن والمحافظات السنّية (شمال وغرب العراق) لم يتم تحقيق شيء منها حتى الآن، ونعتقد أن سبب ذلك ليس السوداني، بل هناك أطراف تضغط عليه داخل الإطار التنسيقي”. واعتبر أن أي حراك يستهدف إقالة الحلبوسي يعني إمكانية انسحاب تحالف “السيادة” بشكل كامل من البرلمان، على غرار ما حصل مع التيار الصدري.
ائتلاف مصلحي مرحلي
في المقابل، قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، لـ”العربي الجديد”، إنه “من غير المتوقع أن يكون هناك خلاف بين السوداني والحلبوسي، خصوصاً أنه كان يفترض على ائتلاف إدارة الدولة أن يكون أكثر تماسكاً، وبالتالي وجود هذا الخلاف يؤشر أن هذا الائتلاف كان ائتلافاً مصلحياً مرحلياً لا يهتم بالوعود التي أطلقها”.
وبين الشمري أن “الخلاف بين السوداني والحلبوسي، ستكون له ارتدادات كبيرة، منها تراكم الاعتقاد بأن هذه الطبقة السياسية لن تنتج أي حلول لأزمات ومشاكل العراق، وفشل السلطتين التشريعية والتنفيذية في التقدم بما يرتبط بالمساحات مختلف عن الأداء السابق، إضافة الى انهيار ائتلاف إدارة الدولة، فهذا الأمر أصبح شبه مؤكد، حتى وإن لم يعلن ذلك رسمياً حتى الساعة”.
وأضاف أن “عدم حل الخلاف بين رئيسي الوزراء والبرلمان، سيدفع القوى السياسية لإقالة أحدهما لإنهاء هذا الصراع، الذي يمكن أن يتسبب بمشاكل كبيرة وخطيرة، والحلبوسي هو الأضعف، ولهذا يمكن جداً إقالته”. وتابع: “الحراك لإقالته أصبح واضحاً من خلال تهديدات يطلقها بعض قيادات الإطار والمنصات الإعلامية المدعومة من قبل أطراف الإطار”.
وكانت الحكومة العراقية قد أحالت إلى البرلمان، منتصف الشهر الماضي، موازنة ثلاث سنوات مالية (2023، 2024، 2025)، لكنها لم تأخذ طريقها إلى الإقرار بسبب خلافات حصلت بين السوداني والحلبوسي، دفعت الأخير إلى منح نفسه إجازة لمدة أسبوعين.