كتب / محمد حسن الساعدي…
يمتلك العراق من الإمكانيات ما يجعله متقدم ومتطور ،فالتاريخ والحضارة وجوده،وثرواته مركزه الاقتصادي إلى جانب حجمه بشماله الطبيعي وجنوبه الخلاب ونهريه العظيمين ، والاهم من ذلك كله تنوع شعبه وتجّذره بالعادات والتقاليد التي جعلت منه في مرمى الأطماع والأهداف الاستعمارية،وكانت أولى هذه الاستهداف هو البعث الصدامي الذي عمل بمنظومته القمعية من سحق تاريخه وتحطيم كبرياء شعبه،وتحويله إلى شعب أكول لا يفكر سوى في تحقيق رغباته دون حمل هم وطنه أو مصالحه العليا،وما تحقق بعد ذلك من احتلال أمريكي كانت مخارجه هو ولادة فراخ الإرهاب بكل أنواعه بدءً من القاعدة والى التوحيد والجهاد وآخرها داعش،حيث تعرض لخطره إلى جانب خطر التقسيم،وسرقة ثرواته وأرثه وحضارته ونفطه،وتدمير بناه التحتية .
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه في ظل كل هذه المعطيات ما هي الأسباب التي تجعل العراق يتعرض لمثل هذا الخطر،ويكون مرتهن بيد أشباح الصحراء الإرهابي .
هل الحكومات المتعاقبة على حكمه كانت سبباً في هذه الويلات أم أن شعبه لا يملك الانتماء له،فكان سهلاً لهذه الأطماع سرقة الوطن من أهله ؟ّ!
العراق شعب متعدد الأعراق والمذاهب ،وهذا التعدد والتنوع خلّف تنوع في المواقف والاستراتيجيات والرؤى المستقبلية،وعلى الرغم من العيش الواحد في البلد الواحد،إلا أن المواقف تتغير تبعاً للولاءات والاملاءات السياسية والحزبية والعرقية والمذهبية، وهذا أكبر الأخطاء التي وقع فيها الشعب العراقي ، فالسني ينتخب سنياً ، والشيعي ينتخب شيعياً، والمسيحي يختار من دينه وهكذا ،وبغض النظر عن خلفيته المهنية ونزاهته،فانه يكون ممثلاً لهذا المذهب وهذه القومية ،ويحمل معه العقلية تلك دون بحثه عن حل لمشاكل الوطن، إلى جانب تعدد القيادات في جميع المكونات،فعلى الرغم من وجود المرجعية الدينية العليا للطائفة الشيعية ألا أن هناك ولاءات أخرى ظهرت،وهذا ما يعد شرخ في الموقف العام للمذهب الواحد،وهكذا عند السنة وتعدد قياداتهم السياسية جعلتهم كأمواج تتلاطم لا يمكنها الهدوء أو الاستقرار عند جرفاً واحد.
غياب الرؤية السياسية والمستقبلية للبلاد وضعته على المحك مع الخطر أكثر من مرة،كما أن انعدام التخطيط الاستراتيجي في العراق جعلته يسير وفق الأهواء والمزاجيات السياسية والاهم من ذلك كله هو غياب الخطط المستقبلية في أي مشروع استراتيجي مستقبلي ، فالناظر يجد أن أغلب هذه المشاريع ما هي آنية لا تقف على رؤية مستقبلية ومبني على أساس الكثافة السكانية المتغيرة إلى جانب المشاريع التي لا تعتمد الخطط المستقبلية والتي تنتهي وتفشل بعد أشهر من تشغيلها .