حسين علي الحمداني
مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة العراقية في الربع الأخير من العام الماضي شهدت تحركات عراقية نشطة على دول الجوار العراقي ومنها الدول العربية وبالمقابل كانت هنالك زيارات لبغداد أبرزها بالتأكيد زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، تلك الزيارة التي تعكس بالتأكيد رغبة الأردن بالتعامل إيجابيا مع العراق وتعد هذه الزيارة بوابة لزيارات نتوقعها من قبل القادة العرب للعراق الذي بات اليوم مختلفا عما كان عليه في السنوات الماضية.وهي رسالة مهمة وإيجابية على أن العراق استعاد دوره المعهود به من جهة،ومن جهة ثانية إن العراق اليوم يدعم وبقوة أمن واستقرار المنطقة التي شهدت صراعات متنوعة في العقدين الماضيين، ومن جهة ثالثة إن العراق حكومة وشعبا طوى صفحة الإرهاب منتصرا عليه ويتطلع لفتح صفحة التنمية والازدهار ليس للعراق فقط بل لعموم دول المنطقة وهو الأمر الذي سيكون حاضرا بقوة في الملفات التي ستبحث بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم من دول المنطقة والعالم سواء في العاصمة بغداد أو عواصم الدول الأخرى.
وهذا ما يجعلنا نقول إن السياسة العراقية بدأت تتضح معالمها بشكل كبير جدا في هذه المرحلة التي تمثل مرحلة بناء العراق بعد القضاء على الإرهاب وهي مرحلة تحتاج لجهد دبلوماسي كبير جداً، اذ نجد أن العراق له دور في هذا الجانب عبر طرح وجهة نظره في القضايا المهمة التي تخص بلدان المنطقة ومنها قضايا سياسية كالقضية السورية والحرب في اليمن والصراع الأميركي- الإيراني ومحاولة العراق الوصول لنقاط التقاء بين جميع الأطراف في هذه القضايا.
قد تبدو المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة خاصة وإن تجربة العراق في السنوات الماضية أعطت السياسي العراقي نضوجا كبيرا يؤهله لتبني حلول إيجابية في الكثير من قضايا المنطقة وتفكيك أزماتها بما يخدم مصالح الجميع. وبالمقابل نجد أن الرأي العام العراقي ينظر بإيجابية لهذه التطورات التي جاءت منسجمة مع رغبة العراق ببناء علاقات قوية مع الأشقاء العرب ويدعم توجهات الحكومة العراقية في هذا الجانب التي تأتي في ظل موقف دولي متضامن مع العراق وانفتاح دولي ذي أبعاد سياسية واقتصادية كبيرة جدا، لتؤكد بما لا يقبل الشك أن العراق اليوم محور مهم ليس في المنطقة فقط، بل يتعدى ذلك خاصة إن السوق العراقية بحاجة كبيرة للاستثمارات في مجالات عديدة سواء الطاقة أو البنى التحتية، ما يجعل العراق يتحول لورشة عمل كبيرة جداً.
وعلينا أن نشير هنا الى أن بإمكان العراق أن يلعب دوراً ايجابياً في أمن واستقرار المنطقة التي تعاني من محاور ومحاور مضادة لها وبالتالي فإن علاقات العراق المتميزة مع جميع دول الجوار من شأنها أن تسهم بتقريب وجهات نظر الفرقاء في المنطقة من أجل الوصول للقواسم المشتركة بين دول المنطقة وصناعة الأمن والاستقرار المنشود من قبل شعوب المنطقة.