توجه لمواكبة عصر الطاقة المتجددة لاستثمار الطاقة النظيفة لتكون بديلاً عن الغاز والنفط
جبار زيدان صحافي عراقي @jabarzed الأحد 2 يناير 2022 6:54
يمثل التوجه نحو الطاقة المتجددة فرصة اقتصادية استثمارية وخياراً استراتيجياً بالنسبة للعراق (أ ف ب)
يُعد العراق أحد أهم القوى الدولية الفاعلة في تحريك دواليب الطاقة التقليدية في العالم سواء من خلال مخزوناته النفطية أو قدراته الإنتاجية الكامنة لموارد الطاقة وإمداداتها، حيث تتمتع بلاد الرافدين بميزة مهمة أساسها ثروة عالية من الطاقة الشمسية. فالعراق يُعد من بين الدول القليلة التي تتمتع بمتوسط سنوي أطول من ساعات الشروق التي تتيح الاستفادة الاقتصادية المباشرة من الطاقة الشمسية.
وأعلن وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن بغداد بصدد توقيع عقد مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل، “مصدر” الإماراتية، لتوليد طاقة كهربائية بقدرة إنتاجية تبلغ 1000 ميغاوات، وذلك ضمن مساعي الحكومة العراقية لحل أزمة نقص الكهرباء التي تعانيها البلاد.
وقال الوزير العراقي إن هذا يُعد “أحد المشاريع المهمة التي تم الاتفاق عليها، وفق مذكرة التفاهم الموقّعة بين الأطراف المعنية ضمن استراتيجية الحكومة والوزارات المعنية للتحول إلى الطاقة المتجددة والنظيفة”.
ووقعت شركة “مصدر” الإماراتية مع الحكومة العراقية في يونيو (حزيران) من العام الماضي، اتفاقية لتطوير مشاريع طاقة شمسية في العراق بقدرة إنتاجية إجمالية تصل كحد أدنى إلى 2 غيغاوات.
طاقة صديقة للبيئة
ويكشف المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، بأنه “على الرغم من أهمية النفط كسلعة استراتيجية لا يمكن للعالم الاستغناء عنها كمادة أولية مهما تبدلت سياسات الطاقة، الأمر الذي أثبتته احتياجات العالم الأخيرة لهذا المورد السهل الاستخدام والناضب والمهم في النمو والنشاط الاقتصادي الدولي، إلا أن بلادنا علاوةً على ذلك تتمتع بميزة مهمة أساسها ثروة عالية من الطاقة الشمسية، فالعراق هو من بين مجموعة الدول القليلة التي تتمتع بمتوسط سنوي أطول من ساعات الشروق التي تمكّن من الاستفادة الاقتصادية المباشرة من الطاقة الشمسية. إذ تُعد الطاقة البديلة والنظيفة من الشمس من أهم مصادر الطاقة المتاحة لتوليد الكهرباء في العراق وبتكاليف اقتصادية هي الأقل عالمياً وبمرونة إنتاج عالية تمكن من تحريك مفاصل الوحدات المنتجة وتزويدها بالطاقة النظيفة الرخيصة وباستقلالية وتحكّم وتنظيم عاليَين”.
اقرأ المزيد
- إجراءات دولية للحد من البطالة في العراق
- كيف يقود تحول العالم للطاقة النظيفة إلى أزمة عنيفة في سوق المعادن؟
- البيئة النظيفة والصحية يجب أن تصبح حقاً أساسياً من حقوق الإنسان
- خطة بوريس جونسون في الطاقة النظيفة لا تتحمس كفاية للمناخ
- توقعات بارتفاع قياسي بالطلب العالمي على الطاقة في 2022
وتابع صالح، “كذلك إنها أنسب طاقة صديقة للبيئة ويُعد التعاطي مع مواردها نقياً دون مخلفات من التلوث، فعلى صعيد سياسة الطاقة المتجددة ، قام البنك المركزي العراقي في واحدة من مبادرته الفاعلة لتنشيط الاقتصاد الوطني بتوفير التمويل اللازم للجهاز المصرفي عبر منح القروض الميسّرة للمواطنين عبر المصارف وعلى نحو الذي يسهم باستخدام وسائل توليد الطاقة من الشمس وتشجيع استعمالاتها، وباتجاهين، الأول: تشجيع استخدام الطاقة النظيفة من الشمس في بلادنا المشرقة ووفق أحدث التكنولوجيات المتاحة عالمياً، ما سيساعد على دفع الحركة المصنعية الوطنية في إنتاج وسائل تحصيل الطاقة الشمسية، والثانية هي المساهمة والتعجيل بالتخفيف من فجوة الطاقة الكهربائية المجهزة مركزياً وهي الفجوة التي تزداد بمعدلات متسارعة مع تزايد السكان والنشاط الاقتصادي وتتقلص مع درجة تطور الاستثمار في الكهرباء المركزية وتعاظم قدرات التجهيز، وأمست القدرات على غلق تلك الفجوة في عرض الطاقة الكهربائية التي تراكمت أزمتها منذ عام 1990، تتلازم مع قدرات التنفيذ والتمويل للطاقة الكهربائية المموَّلة مركزياً، فضلاً عن توافر المياه الصناعية التي أمست ضرورةً ملحة ومطلوبة لتعظيم قدرات توليد الكهرباء بكفاءة عالية”.
وختم مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حديثه بالقول “ربما ستقترب البلاد في يوم ما في سياساتها في مجال الطاقة، من اعتماد تنويع وسائل تمويل مساعِدة مستقبلاً للطاقة النظيفة، من خلال تداول أدوات مالية تُسمى السندات الخضراء، وتعني الاقتراض من الفوائض المالية المتاحة داخل الاقتصاد لتمويل مشاريع إنتاج وتصنيع الطاقة البديلة من الشمس وبأقل التكاليف، بما يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، بدعم واشراف حكومي وضمن الرؤى المستقبلية للبلاد في نهضتها في مجال التنمية المستدامة”، منوهاً بهذا الشأن بأن “البنك الدولي كان أول جهة تصدر سندات خضراء، قبل 12 عاماً عندما وضِع المخطط الأول للاستثمار المستدام في أدوات مالية بفائدة أو ما يُسمى بالدخل الثابت، ومنذ هذا الوقت أصبحت السندات الخضراء أولوية استراتيجية للبنك الدولي كونها تدعم كل أهداف التنمية المستدامة، إذ اكتسبت السندات الخضراء مكانةً بارزة في العالم في السنوات الأخيرة، وعُدت من أكبر أنواع السندات نمواً، حيث وصل حجم إصدارات هذه السندات خلال عام 2019 مبلغ 212 مليار دولار، مقابل مبلغ 150 مليار دولار عام 2018، بنسبة نمو 41 في المئة؛ وتُعتبر فرنسا من أكبر الدول في إصدار السندات الخضراء، حيث أصدرت خلال عام 2019 سندات بقيمة 7 مليار دولار، تلتها هولندا بقيمة 6 مليار دولار. وتُعد نيجيريا أول دولة أفريقية تصدر السندات الخضراء، حيث أصدرت عام 2017 سندات بقيمة 30 مليون دولار”.
نحو الاقتصاد الأخضر
بدوره، قال الباحث الاقتصادي بسام رعد، “أُطلقت أخيراً مجموعة مبادرات لدعم فرص استخدام وسائل الطاقة المتجددة وبذلك فإن العراق بدأ يخطو خطواته الأولى نحو الاقتصاد الأخضر وهي خطوة متأخرة جداً، فقد أثبت الإحصائيات الأولية انعدام استغلال الطاقة المتجددة في العراق مقارنةً مع دول الشرق الأوسط والعالم”.
ورأى رعد بأن “التوجه نحو الطاقة المتجددة يمثل فرصة اقتصادية استثمارية وخياراً استراتيجياً، حيث يمتلك العراق الموارد الطبيعية المتجددة وغير الناضبة مثل الرياح، الشمس، والمياه، ومن خلال إجراء تحليل للمنافع والفرص والمخاطر نرى أن الاقتصاد الأخضر يمثل مساراً نحو التنمية المستدامة وسيحقق التنويع الاقتصادي والاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية”.
وأشار إلى أن “قطاع النفط يشكل عصب الاقتصاد العراقي إلا أنه لا يساهم بشكل كبير في امتصاص البطالة. كما يمكن للطاقة المتجددة أن تخفض كميات النفط المستهلكة في إنتاج الكهرباء، ما يمكّن الدولة من الحفاظ على مواردها النفطية لفترة أطول في مجالات تدر أرباحاً أكثر، وكما يعلم الجميع فإن مشكلة توفير الطاقة الكهربائية لا تزال متعثرة بسبب سوء الإدارة على الرغم من إنفاق العراق أكثر من 120 مليار دولار فالتوجه نحو الطاقة المتجددة يساهم في توفير الكهرباء وتقليص التلوث البيئي” .