“العراق يسير على خطى لبنان”

3

 

ان الأزمات السياسية واللأمنية والاجتماعية التي تعصف بالعراق، تظهر أوجه تشابه مقلقة مع التجربة اللبنانية التي مزجت بين الطائفية السياسية، التدخلات الإقليمية، وانهيار الدولة المركزية. وبينما يتجه العراق نحو مسار متشابه، فإن العواقب قد تكون أشد خطورة على استقراره ومستقبله .
النظام السياسي: طائفية مغلفة بالمحاصصة
كما في لبنان، تأسس النظام السياسي في العراق بعد عام 2003 على أساس المحاصصة الطائفية، حيث توزع المناصب الرئيسية بناءً على الانتماءات الدينية والقومية. هذا النهج، وإن بدا في البداية كحل لضمان تمثيل عادل، تحول إلى عامل تدمير للدولة. فالطائفية السياسية أفرزت قيادات تهتم بمصالح طوائفها وأحزابها أكثر من المصلحة الوطنية .
التدخلات الخارجية: ساحة للصراعات الإقليمية
أصبح العراق، على غرار لبنان، ساحة مفتوحة للتدخلات الإقليمية والدولية. فكما كانت إيران وحزب الله حاضرين بقوة في المشهد اللبناني، نجد أن النفوذ الإيراني يسيطر بشكل كبير على مفاصل الدولة العراقية، من خلال دعم الفصائل المسلحة والضغط على القرارات السياسية .
الاقتصاد: بين الفساد والانهيار
شهد لبنان انهياراً اقتصادياً غير مسبوق نتيجة للفساد وسوء الإدارة، والعراق بدوره يعاني من أزمة اقتصادية مستفحلة رغم ثرواته النفطية. تفشي الفساد، غياب التخطيط، واعتماد مفرط على النفط عوامل دفعت بالبلاد نحو حافة الانهيار الاقتصادي .
الشعب: بين السخط واليأس
كما خرج اللبنانيون في احتجاجات شعبية ضد الفساد والطائفية، شهد العراق مظاهرات واسعة تطالب بالتغيير الجذري وإنهاء الهيمنة الحزبية والطائفية. ورغم ذلك، تواجه هذه الحركات تحديات كبرى، أبرزها القمع المنظم، وغياب القيادة الموحدة، وافتقار الدعم الدولي .
هل يمكن تجنب المصير اللبناني؟
رغم التشابهات، فإن العراق يمتلك بعض النقاط التي يمكن أن تحول دون تكرار السيناريو اللبناني بشكل كامل. فالموارد الطبيعية الهائلة، والتنوع السكاني الكبير، والموقع الجغرافي المتميز يمكن أن تكون عوامل قوة لو تم استغلالها بشكل صحيح .
الحل: رؤية وطنية شاملة
لتجنب الانهيار، يحتاج العراق إلى رؤية وطنية شاملة تقوم على بناء دولة مدنية تتجاوز الطائفية والمحاصصة. كما يجب العمل على إعادة هيكلة العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية بما يحقق المصالح الوطنية أولاً، بالإضافة إلى وضع خطة اقتصادية حقيقية تركز على تنويع الموارد ومحاربة الفساد .
إذا استمر العراق في السير على نفس النهج الحالي، فإنه يقترب شيئاً فشيئاً من المصير اللبناني. لكن بوجود إرادة شعبية واعية وقيادة وطنية مخلصة، قد يتمكن العراق من قلب المعادلة وتجنب السقوط في مستنقع الانهيار . التحدي الآن هو القدرة على استثمار اللحظة التاريخية لتغيير المسار قبل فوات الأوان .

التعليقات معطلة.