“ملتقى الرواية العربية” يناقش تحولات اللغة السردية بين…
مسميات لمحال تجارية.. ‘‘برستيج‘‘ اللغة الأجنبية على حساب…
‘‘راس غليص 3‘‘ يسلط الضوء على الأطماع الأجنبية بالصحراء…
الموسى: أميركا تسعى لتكريس أهمية اللغات الأجنبية على حساب…
كائنات فضائية تتحدث اللهجة العامية!
وفاة شاعر العامية المصري سيد حجاب
الإعلان عن جائزة لشعر العامية باسم الأبنودي
باحث سعودي يحذر من مخاطر تغلغل العامية
ندوة تستعرض هموم اللغة العربية وارتباطها بتطور المجتمع…
ندوة حول دور مؤسسات المجتمع المدني في خدمة اللغة العربية
الدبلجة: ريادة أردنية تعاني من اتّساع المنافسة وانتشار…
جياع بيننا!
جياع بيننا
قصائد تقرأ السلام على دمشق وأخرى تنهل من ثراء العامية…
من مثله بيننا؟
التاريخ يعيش بيننا!!
شكسبير يعيش بيننا
هل بيننا إصلاحيون؟
لو كانوا بيننا
الفارق بيننا وبينهم
ميشال سماحة بيننا !
الوجود الأرمني بيننا
المجالي: بناء المجتمع يحتاج لتفعيل دور الأحزاب السياسية…
إطلاق جائزة لشعر العامية تحمل اسم الشاعر المصري الراحل أحمد…
اعلاميون واكاديميون: لغة ثالثة تأخذ من الأكاديمية منطقها…
الدولة الاسلامية ليست بيننا
دواعش بيننا بأشكال مختلفة
بيننا وبينهم.. الفرق كبير!
“الطفيلة”: باحثون يناقشون دور مؤسسسات المجتمع بخدمة اللغة…
تحقيق: شروق طومار
عمان – ملامحهم عربية وأسماؤهم كذلك، غير أن ألسنتهم تتحدث بلغةٍ مُعوجّة تختلط فيها عاميّة ركيكة بمفردات أجنبيّة، لا تنتمي إلى أصولهم ولا تتناغم مع الملامح والأسماء.
ليس عملا دراميا مدبلجاً، إنما هو مشهد واقعي لمجموعات من الطلبة التقتهم “الغد” أثناء تجوالها في اثنتين من الجامعات الأردنية، ليتبين أن الأمر لا يتوقف على الأحاديث الخاصة لهؤلاء، بل يتعدّاه إلى المناقشات أثناء المحاضرات وإلى إجاباتهم على الامتحانات الخطية.
وتبدو الصورة أكثر إرباكاً في أحد المراكز الترفيهية في عمان، حيث أطفال تغيب اللغة العربية عن أحاديثهم بشكل كامل، بينما يتبارى الأهل فيما بينهم أيُّهم يجيد أبناؤه الإنجليزية بطلاقةٍ أكثر دون الحاجة لاستخدام مفرداتٍ عربية معها.
ولا يحتاج إلى كثير عناءٍ من يريد تلمُّس حالة الضعف العامّة في اتقان مهارات اللغة العربية بين أبناء الجيل الجديد من طلبة المدارس والجامعات وحتى من هم في سوق العمل من القطاعين؛ العام والخاص، حيث تكثر الأخطاء اللغوية والإملائية في الكتابة، ويخفق كثيرون في التعبير الشفوي بالفصحى، بينما يعجز البعض عن فهم العديد من مفرداتها.
تتعدّدُ المظاهر والنتيجة واحدة، وهي أن اللغة العربية في الأردن تعاني “أزمة” حقيقية، إذ ترزح تحت وطأة ثلاثة ضغوطٍ متوازية، يكمن الأول في تعاظم الفجوة بين الأجيال الحديثة وبين اللغة العربية الفصحى، ويتمثل الآخر في سيادة اللهجة العامية، بينما يتجسد الأخير في الميل إلى تبني اللغات الأجنبية.
مختصون وأكاديميون يؤكدون أن خطراً جسيماً بات يهدد لغة الضاد لدى المجتمع الأردني كما العديد من المجتمعات العربية، وينذر بضياع هوية شخصيته العربية، ما يوجب الوقوف على الأسباب ومعالجتها، بغية التصدي للتحديات التي تعصف باللغة العربية وإخراجها من هذه المحنة التي تكاد تخفيها من ألسنة وأقلام أهلها.
وزير الثقافة الأسبق د. صلاح جرار يبين لـ”الغد” أن ضعف اللغة لدى الجيل الجديد “مقترن بالضعف الذي تعاني منه الأمة العربية والتي تشكو تراجعاً على جميع الصعد”، لافتا إلى أن “قوة الآخر سببت لنا نوعاً من الصدمة ففقدنا ثقتنا بهويتنا، وتمثّل ذلك بأشكال مختلفة كان أهمها فقدان ثقتنا بلغتنا”.
شعور بالدونيّة وخلل في الهوية
طالبة الإعلام في جامعة البترا نور عبد الهادي، تصر على إرسال المعايدات لصديقاتها باللغة الإنجليزية وتشعر بأنها من “العصر الحجري” إن أرسلت تهنئة باللغة العربية من قبيل (أتمنى لك الشفاء العاجل) مثلاً، حسب قولها.
وتحرص منى حسن (أم لطفلين) على أن يتعلم أطفالها جميع العلوم باللغة الإنجليزية وتقول لـ”الغد”: “الإنجليزية لغة العصر والمستقبل، وليس مهمّاً إذا لم يعِ أبنائي المصطلحات العلمية باللغة العربية، فهم لن يحتاجوا إليها”.
“شعور الفرد العربي بالهزيمة والدونية وبأن حضارة الغرب أرقى من حضارته هي من أهم أسباب هذا التحول اللغوي نحو لغة الحضارة المتفوقة”، بحسب أستاذ اللسانيات التطبيقية في الجامعة الهاشمية د. عيسى برهومة.
وقالت أستاذة علم الاجتماع الإكلينيكي في الجامعة الأردنية د. رولا السوالقة لـ”الغد”: “تعرَّض المجتمع الأردني لموجة من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتتالية والسريعة خلقت لديه صراعاً قيمياً، وأحدثت خللاً في هويته الاجتماعية دفعته إلى التقليد الأعمى لكل ما هو سطحي من مظاهر التمدن والتحضر”.
ويرى برهومة ضرورة أن يقتصر تعليم العلوم والمعارف للطفل في سنوات عمره الأولى وحتى العاشرة على اللغة الأم منعا لإحداث تشتت لغوي معرفي عند الطفل، مؤكداً أن تمكن الطفل من لغته الأم يُسَهّل اكتسابه لأي لغة أجنبية في السنوات اللاحقة.
عضو مجمع اللغة العربية الأردني وأستاذ اللغويات في الجامعة الأردنية سابقاً د. جعفر عبابنة، يرجع الضعف إلى أن “المجتمع، وللأسف، يحتقر لغته الوطنية، وليس المقصود أن لا يتم تعلم اللغات الأجنبية، وإنما أن لا يتم تغليب تعلم تلك اللغات على تعلم اللغة العربية الأم، فهذا واحد من أهم أسباب ضعف العربية لدى الناشئة”.
تواصل اجتماعي بلغة “هجينة”
تفضل نيفين حسن (17 سنة) استخدام ما يسمى بـ”العربيزي” على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصفها بأنها أكثر عصرية من استخدام الأحرف العربية.
وتنتشر على فيسبوك إدراجات وتعليقات بالعامية المليئة بالأخطاء مثل “الله يحرصك”، “كاست عصير”، و”إن لله وإن إليه راجعون” وغيرها الكثير.
ويجد الشاب عمر فتيان طالب هندسة الحاسوب في كلية الأميرة سمية سهولة أكبر في استخدام اللغة الإنجليزية في التواصل عبر “واتس أب” و”فيسبوك” وغيرهما، مبرراً ذلك بأن دراسته وجميع قراءاته باللغة الإنجليزية.
ويشير برهومة إلى أن عدم الإحساس بالمسؤولية نحو اللغة يؤدي إلى ظهور هذه اللغات الهجينة، ويؤدي ذلك إلى نقص الكفاية اللغوية لدى مستخدميها والمتعرضين لها ويقطع صلتهم باللغة الفصيحة، فتتسلل بالنتيجة هذه الأخطاء لتطال اللغة المستخدمة في الجوانب الرسمية”.
“نفورٌ” من تعلّم اللّغة
“أزنخ حصة بالعالم!”، هكذا يعبر الطالب في الصف الخامس أحمد أبو العوف عن شعوره تجاه حصة اللغة العربية، ويعزو ذلك الى جمود الحصة وخلوها من المتعة إضافة إلى أن المادة معقدة، حسب وصفه.
أما سوسن عبد القادر وهي أم لثلاثة أطفال في الصفوف الثالث والخامس والسادس الأساسية فتقول: “أعاني عند تدريس أبنائي مادة اللغة العربية، فهناك نصوص في المناهج صعبة جداً وتفوق مستوى طلبة هذه الصفوف، ما يجعلهم يشعرون باليأس من قدرتهم على استيعاب الدروس فينفرون منها”.
أستاذ النقد وعضو لجنة مراجعة الكتب المدرسية للعام 2016 د. عبد الكريم الحياري يؤكد أن “بعض النصوص المختارة في الكتب هي نصوص جافة أو قديمة تتضمن تعبيرات لم تعد مستخدمة”. ويضيف “يفتقر غالبيتها للمواضيع الطريفة التي تشجع الطالب على قراءتها وتخلق له جوا من المتعة، إضافة إلى وجود بعض القواعد المتقدمة التي ترهق الطلبة”.
ويبين أن الهدف من التعليم المدرسي ليس تخريج خبراء ومتخصصين باللغة، وإنما طلبة قادرون على استخدام اللغة بشكل سليم، لافتا إلى أن المعلمين يلعبون دوراً كبيراً في هذا الموضوع، “فالفهم الخاطئ لتدريس اللغة على أنه تدريس للنحو، يؤدي بالمعلمين إلى تحويل درس القراءة الذي يفترض أن يحفز الطالب على الاطلاع والمعرفة، أو حصة النصوص التي تهدف لتطوير الذائقة الجمالية لديه، إلى جداول إعرابية، وهذا يفقد الطالب التصاقه النفسي بالنص”.
مديرة إدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم خولة أبو الهيجا قالت لـ”الغد”: “المشكلة ليست في المناهج وإنما في نمط التدريس”. وبينت أن تعديلات عديدة أجريت على المناهج، سعيا من الوزارة لتطوير الأنماط بما يتناسب مع عصر الثورة التكنولوجية، من خلال إدخال مفاهيم الأنشطة التفاعلية واللاصفية المدعّمة للمنهاج، ما يتيح للطالب التعبير عن ميوله وتمكنه من التعلّم بشكل غير تقليدي.
ما تنتجه المدارس تتلقفه الجامعات
“الأخطاء الإملائية، والخلل في بناء الجمل، والإخفاق في اختيار المفردات، والعجز عن التعبير بلغة وظيفية مفهومة، وعدم التفريق أحياناً بين الحروف الهجائية المتقاربة مثل (ض-ظ)، (س،ص)، (ز-ذ) سواء في الكتابة أو في القراءة، هي أبرز مظاهر الضعف في مهارات اللغة العربية الملاحظة على طلبة الجامعة، حسب أستاذ الإعلام في جامعة البترا د. محمد الصرايرة.
ويرجع الصرايرة أسباب هذا الضعف إلى الخلل في عملية التأسيس أثناء المرحلة المدرسية، لافتا إلى أن “الضعف لا يتوقف عند طلبة مرحلة البكالوريوس فقط، بل يمتد إلى بعض طلبة الدراسات العليا”.
وحسب نتائج ورقة بحثية بعنوان “اللغة العربية متطلباً إجبارياً في جامعة مؤتة” للأستاذين سيف الدين الفقراء وماهر مبيضين عُرضت أثناء مؤتمر مجمع اللغة العربية السنوي للعام 2017، فإن نسبة الرسوب في امتحان المستوى باللغة العربية في الدورة الصيفية للعام 2016/2017 في جامعة مؤتة (25 %)، علماً بأنّ علامة النجاح (40 %) وليس (50 %).
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة الرسوب في الدّورة الشتويّة من العام نفسه بلغت في هذا الامتحان 41 %، أي بزيادة نسبتها 17 % عن نتائج الدورة الصيفية.
وبينت الدراسة أن النتائج العامة لمادة اللغة العربيّة (99) التي يتوجب على من رسب في امتحان المستوى دراستها كمتطلبٍ إجباريٍ لدراسة مادة اللغة العربيّة (101)، أن نسبة مجموع الرّاسبين مع الحاصلين على تقدير مقبول ( 82 % ) من المتقدمين.
ويرى برهومة أن “ثمّة خللًا في لُغة المعلّمين، فهم لا يُتقنون التحدّث باللغة الفصحى السليمة، وعند قراءتهم للنصوص المختلفة لا يُراعون التشكيل، ويقعون في أخطاء إملائيّة وإعرابيّة عند كتابتهم أمام الطلاب”.
ويضيف: “الأدهى من ذلك أنهم غير مؤهّلين لتوجيه التلاميذ إلى ما يقعون فيه من أخطاء، وهذا يسفر عن شرخ في عمليّة التواصل، فينشأ التلاميذ بلغة ركيكة ذات عُجمة”.
ويوصي برهومة بوضع الخطط المدروسة لتأهيل معلمين بكفايات لغويّة ذات مقاييس عالية.
عبابنة يشير إلى “الازدواجية اللغوية”، مبينا أن “العامية المنتشرة في المدرسة وفي الحياة العامة تعيق تعلم اللغة العربية الفصحى”.
ويلفت صلاح جرار إلى “عدم الاعتناء بالوضع المادي والاجتماعي للمعلم، وقلة الاهتمام بتزويده بمهارات ضرورية وأساسية لممارسة مهنة التعليم، فصار المعلم يعاني وضعاً اجتماعياً مزرياً ويشكو مستوى مهنياً وعلمياً ضعيفاً ولم يعد يُنظر إليه على أنه قدوة”.
أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية محمد العكور، ومن خلال ورقة قدمها ضمن فعاليات الموسم الثقافي 35 لمجمع اللغة العربية، وحصلت “الغد” على نسخة منها، يقول إن اللجنة الوطنية الأردنية للنهوض باللغة العربية نحو مجتمع المعرفة وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم قامت بإعداد امتحان لغوي مقنّن يسمى امتحان الكفاية في اللغة العربية. وتبين الورقة أن وزارة التربية والتعليم قامت بتجريب الامتحان من خلال إخضاع (1105) من موظفيها للامتحان.
وحول دور البيئة المدرسية والأنشطة اللامنهجية في تنمية الكفاية اللغوية لدى الطلبة يقول أستاذ علم اللغة الحديث في جامعة آل البيت د. زيد القرالة إن النظام التربوي لا يشير إلى الكفاية اللغوية في بنوده. ويضيف “من الطبيعي ألا تجد الكفاية اللغوية بالتالي أدنى اهتمام في البيئة المدرسية، والأنشطة اللامنهجية يغلب عليها الجانب الترفيهي ودورها في تنمية الكفاية اللغوية ضئيل جدا إن لم يكن معدوماً”.
أبو الهيجا تقر بمحدودية الأنشطة اللامنهجية عموماً في مدارس التعليم العام، مؤكدة أن وزارة التربية والتعليم تعمل حالياً على وضع خطط لتوفير مساحات كبيرة من الأنشطة اللامنهجية بحيث تدعم تلك الأنشطة العملية التدريسية من خلال التعليم غير التقليدي.
الجامعات مقصّرة
عبابنة يؤكد “الجامعات لا تعالج الضعف اللغوي بطرق جذرية، فالمناهج في الجامعات مقصّرة والتدريب والتطبيق نادران جداً”.
ويتابع: “يجب أن تركز مساقات مهارات اللغة العربية الإجبارية على جميع الطلبة في مختلف التخصصات، على الأخطاء الشائعة من نحوية وصرفية وإملائية ومعجمية، ومعالجتها بصورة جذرية، لتصبح المعلومات التي يتلقاها الطالب مهارات دائمة حية في الذاكرة والتطبيق لا تنتهي بانتهاء المساقات التي يأخذها”.
ويؤكد جرار على أن “الخطاب في الجامعات يجب أن يكون خطاباً فصيحاً، وأن التعليم فيها يجب أن يكون باللغة العربية في كافة التخصصات بما فيها التخصصات العلمية”.
ويلفت برهومة الى “ضرورة أن يسهم الأكاديميون في الجامعات بترجمة المصطلحات العلمية باللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، لأن الترجمة بوابة ذهبية لتعريب العلوم”.
ولا تولي الجامعة اهتماماً بالمستوى المطلوب بالأنشطة التي تُعنى باللغة العربية وتشجع الطلبة على القراءة والتخاطب بها، حسب ما يرى عدد من طلبة الجامعة الأردنية.
ويقول الطالب في الجامعة الأردنية، ومدير مؤسسة “بالعربي” لرفد العلم واللغة، ليث العواملة، أنه “ليس ثمة أنشطة ثقافية ولغوية في الجامعات بحيث يعيش الطالب في أجواء العربية الفصيحة، إذ تحيط به العامية واللغات الأجنبية من كل جانب”.
مديرة شعبة الإعلام في الجامعة الأردنية د. هيا الحوراني تبين أن الجامعة الأردنية تولي قضية ربط الطلبة باللغة العربية الفصحى اهتماماً كبيراً، وذلك من خلال النشاطات الثقافية المتنوعة والمسابقات الأدبية والمؤتمرات السنوية التي تعقدها كلية الآداب. لكن برهومة يرى أن الأعمال التي تقوم بها الجامعات هي “أعمال تجميلية جزئية، حيث أن الجامعة حلقة من المجتمع، وقرار الاهتمام باللغة العربية وحمايتها والاقتصار عليها يجب أن يكون على مستوى الدولة”.
مسؤولية كبرى على عاتق الإعلام
تسود العامية في أغلب برامج الإذاعات المحلية، خصوصا الشبابية منها، وتنطبق الملاحظة على كثير من برامج المحطات التلفزيونية المحلية.
ورصدت “الغد” عدداً من الأخطاء اللفظية والإعرابية وقع فيها إعلامي أردني يحمل درجة الدكتوراة أثناء قراءته – باللغة العربية الفصحى- لمقدمة واحد من أكثر البرامج مشاهدة على قناة فضائية أردنية، وكان منها على سبيل المثال: (كشفت دراسةً، تراوحت أعمارَهم: نصب الفاعل)، (تتعرظ، لتظامن: لفظ حرف ظ بدلاً من ض)، (تظل مرهونةٌ: رفع خبر ظل)، و (مع ظيوفُنا: رفع الاسم المجرور، ولفظ حرف ظ بدلاً من ض).
عميد كلية الصحافة والإعلام في جامعة البترا
د. تيسير أبو عرجة يؤكد ضرورة أن يحمل الإعلام رسالة تثقيفية تنهض بالفكر وتعزز مقومات الشخصية الوطنية، إلى جانب بث المعلومة والخبر والترفيه.
ويضيف: “هذه الرسالة تفرض على المؤسسات الإعلامية والإعلاميين أن يكون خطابهم الإعلامي فصيحاً، وأن يدركوا خطورة مهمتهم في تكريس النطق والتعبير السليمين “.
ويقر نقيب الصحفيين الأردنيين الزميل راكان السعايدة بأن هناك دورا مهما لوسائل الإعلام في الحفاظ على اللغة، إلا أنه يرى أن الإعلام هو انعكاس للحالة العامة، وأن المسؤولية الأولى تتحملها المؤسسات التعليمية التي تخرّج أجيالاً لا يتقنون اللغة، ومن هذه الأجيال يخرج المذيع والصحفي والمحرّر، وفاقد الشيء لا يعطيه، حسب قوله.
أما رئيس جمعية المذيعين الأردنيين محمد العضايلة، فيقرّ أن “كثيرا من المؤسسات الإعلامية المحلية لا تحمل رسالة ولا رؤية وهدفها ربحي فقط”. وشدد على ضرورة أن يتحمل الإعلاميون مسؤوليتهم في تكريس الاعتزاز بالهوية القومية والافتخار باللغة العربية”.
كُتّابٌ “مُلامون” وثقافة “مهمّشة”
الروائية سميحة خريس تلتفت إلى المشكلة من مرحلة مبكرة، فتقول “يركز الكُتّاب العرب بما فيهم الأردنيون عند الكتابة للطفل على الوعظ وتقديم النصائح بطريقة فجة، على حساب المتعة والمرح، ما يؤدي إلى تنفير الطفل من قراءة الكتب العربية ودفعه إلى القراءة بلغة أخرى أقل وعظاً وأكثر متعة ومرحاً”.
ويقول الكاتب والناقد حكمت النوايسة إن تدني الاهتمام العام بالثقافة أدى إلى عدم وجود بيئة تشجع الأطفال والشباب على القراءة، مشيراً إلى أن “الجهات الرسمية المعنية غير متظافرة في بناء استراتيجية ثقافية وطنية”.
حماية اللغة مسؤولية وطنية
الأمين العام لمجمع اللغة العربية د. محمد السعودي، يبين أن مجمع اللغة العربية الأردني يسعى إلى تطبيق قانون حماية اللغة العربية المقر، بعيداً عن فرض العقوبات والغرامات، وإنما من خلال مد جسور التعاون وخلق قناعة لدى الجميع بأهمية إصلاح حال اللغة في المجتمع لأنها لغة الأمة وحاضنة الهوية”.
ويوضح أن المجمع قام بحملات إعلامية وتوعوية مكثفة للعديد من الجهات المعنية بتطبيق القانون، وخاطبها مراراً لتعميم القانون على المنشآت التابعة لها، وأمهل المخالفين له مهلة لتصويب أوضاعهم، وسيتم مع بداية العام 2019 تطبيق الغرامات التي يفرضها القانون على المخالفين”.
وأكد السعودي على أن جهود المجمع تحتاج إلى دعم ومساندة وسائل الإعلام وجميع الجهات الرسمية والخاصة وكل غيور على اللغة العربية من أبناء المجتمع الأردني في سبيل إصلاح الخلل الذي تشهده لغة أبنائه.
جرار يرى أن المصادقة على قانون حماية اللغة العربية إنجاز عظيم، “لكن المطلوب أن يُفعّل هذا القانون وأن يُمَكّن القائمون عليه من تطبيقه لتظهر نتائجه على مؤسسات المجتمع في القطاعات المختلفة”.
ويضيف “حماية اللغة العربية مسؤولية وطنية ينبغي أن تتعاون فيها جميع الجهات المعنية، ويجب أن ندرك بأن هويتنا في خطر، وأن كياننا مستهدف، وأننا محاربون ثقافياً وفكرياً من الداخل والخارج، وعلينا التّمسك بلغتنا لأنها مكون أساسي من مكونات هذه الهوية”.