أسرار جوهر حيات
عند فقد عزيز، لا يكون العزاء، تأدية واجب فقط.. بل مواساة لأهل الفقيد، احتراما للمتوفى، دعاء له.. وترابطا اجتماعيا في أوقات الشدة كما في أوقات الفرح.
بعد أزمة كورونا، انتشرت عادة اقتصار تقديم العزاء في المقبرة فقط، واستمرت الى الآن.. عند البعض، وهو ما أراه، عدم منح المتوفى حقه من احترام بعد رحيله، فالميت، عاش عمراً في هذه الحياة، له معارف وأصدقاء وأهل، ومحبة في قلوب من عرفه، وابسط التقدير هو أن تتم تعزية ذويه برحيله، احتراماً وتقديراً له، وتعزية ومواساة لأهله وأبنائه وأقاربه.
وللأسف، بحجج «أغلبها» غير صحيحة، اصبحت عبارة «العزاء في المقبرة فقط» مريحة للكثير حتى لا يفتح بيته لاستقبال التعزية، وكأن المتوفى لا يستحق 3 أيام أو حتى يومين من وقتنا بعد ان يرحل عن هذه الحياة التي عاش بها عمراً.
فالأمر هنا ليس دينيا فقط، فبعض المشايخ اعلنوا صراحة ان عبارة «العزاء في المقبرة فقط اتباعاً للسنة» غير صحيحة وبادلة من السنة النبوية، الا انه أمر اجتماعي ومعنوي أيضاً، فأولا للميت حق، أن يتم تقديره واحترامه، من قبل ذويه، أمام معارفه والناس، باستقبال المعزين، والراغبين بابداء حزنهم على فقده ومشاركة ذويه أحزانهم.
وثانياً، العزاء هو مواساة للأهل الذين فجعوا بفقد عزيزهم، ففتح البيوت لاستقبال المعزين على مدى ثلاث أيام كفيل بأن يشغل أهل الميت في أصعب أيام فقده، وهي الأيام الاولى، حتى يتمكنوا من استيعاب الفاجعة، ومرور هذه الأيام الصعبة بوجود الناس المعزين والمحبة للفقيد، خاصة ان العديد من مناسبات العزاء، تتضمن ذكر مواقف ومحاسن للموتى، وقصصا مع أصدقائه أو معارفه، تحمل احسانا ومعروفا على سبيل المثال وتكون عامل مواساة لأهله.
وثالثا، العزاء، مناسبة للدعاء للميت، سواء عبر تكرار عبارات الله يرحمه، الله يغفرله، وغيرها أو قراءة ما تيسر من القرآن الكريم، فلماذا نحرم المتوفى من هذا الثواب.
وخلاصة القول، عند رحيل عزيز، عاش عمراً في هذه الحياة، قدم الكثير، سواء من مواقف أو ذكريات، فأقل تقدير له، ان يفتح ذووه أبواب منزله، لاستقبال محبيه للتعزية، ولا تلغوا هذه العادة الاجتماعية الكويتية، فاقتصار العزاء بالمقبرة، قد يكون مناسباً ومريحاً لبعض مستقبلي العزاء، لكنه قد يفتقر لمعاني احترام وتقدير الراحل.
أسرار جوهر حيات