علي القاسمي
تذهب العزلة الجبرية بالإنسان إلى التفكير الشيطاني وابتكار القصص وصناعة الفوضى ومحاولة إحداث الضجيج، يحاول الإنسان على أثرها تخفيف حدة هذه العزلة والإثبات لكل من يحيط به أنه في الطريق الصحيح ورائد التفوق وعرّاب التحول، وبالطبع أتحدث وأؤكد العزلة الجبرية لأنها من دون سابق إنذار ولا ترتيب وتعصف بالحلو والمر وتخلق أجواء غير معتاد عليها ولم تدخل في أجندة العمل والأمل.
هذا الإنسان بالضبط يشبه قطر التي تعيش عزلة حقيقية واضطراباً في بوصلة التوجه ودفعاً خيالياً وتضحية بالغالي والنفيس لطلب النجدة. تتشبث بأي مركب ولا تتوقف عن مصافحة البعيد أو المنتفع بها أياً كانت المصافحة ومهما كان نوع الانتفاع ومصدره، فهي تعرف أنه لم يعد لها من وجه، فهي التي أدت -وبلا منازع في صفحات التاريخ- دور الجار غير السوي في السلوك والنوايا وحكايات التآمر والعبث من تحت الطاولات. وعند كل هذا العار لم يعد الصمت ولا الصبر حلاً للعقلاء والخائفين على أوطانهم في أن يغضوا الطرف عنها وعن السياسة الداعمة للإرهاب، المهددة للاستقرار وذات الارتباط العضوي بالعداء والتنظيمات والتواطؤ الظاهر والمستتر مع الشغب الإيراني الراغب في العبث بالمنطقة.
الخيانة فعل قبيح وشاذ وليس من السهل نسيان فعل كهذا أو ركنه موقتاً لحسابات أو إعطاء فرص ليس هذا وقتها ولا مكانها، وسياسة المزاج المتقلب والمتلون لن تؤتي ثمارها وأن ظلت هذه السياسة تصغر يوماً بعد يوم ويصغر معها المزاج والمناخ والوجه والجغرافيا وإن استماتت الروح في تقديم نفسها بريئة شريفة. لن تكون قطر بخير أو تمضي إلى خير وهي تحاول المراهنة على نجاح ألعاب التصعيد مع الجيران معتقدة أنها رهانات ناجحة أو خالية من العواقب الوخيمة، العزلة الإجبارية والأمراض المتتالية جعلت الدوحة تمرر جمل التدويل والتهويل والظلم واستئجار العقول والأجساد والأقلام لتنفيذ ما كان متوقعاً كنواتج للعزلة وضمور العقل، تنظيم الحمدين تائه بلا شك ومن يزج بالمقدسات كدعاوى للتحريض والاستفزاز يكون عدواً حقيقياً ظاهراً، مرتبكاً حد الخجل وحد إعلان الفشل ونهاية الأمل في كل شيء، أبواق التنظيم تتخبط في كل اتجاه علها تحقق ما يرضي الذين يديرونها من بعد ويظنون أن الريال القطري يكفي وحده كي يساهم في خروج قطر من العزلة ومسح الحقيقة التي تقول أنها باتت جسماً منبوذاً وشقيقاً في القول والعمل للسيدة «إيران» وفي كل التصرفات والسلوكيات والمواقف والأفكار ومشاريع التآمر والالتفاف، ما بات صريحاً واضحاً في ملف المنعزلة أن ألعابها السياسية تعرت بما فيه الكفاية وستذهب بها العزلة وملحقات التعري لمزيد من رغبات الركوع والخضوع في أحضان من لم يرها سوى أفضل مشروع للخيانة والتطرف وبيد من يمكن وصفهم وتسميتهم كوكتيل «المتقطرنين»