علي حسين
في منتصف القرن العشرين كتب الفرنسي رولان بارت بحثاً عن الصورة وعلاقتها بالسياسة قائلاً: “هذه الصور ما هي إلا مجموعة من الإعلانات التي لا تحظى باحترام الجمهور”، وأعتذر لكم عن العودة إلى عالم الكتب والفلاسفة>
لكن ماذا أفعل فقد تعلمت من أساتذه أجلاء أن أفضل شيء يقوم به الكاتب هو البحث في الكتب عن حكايات التاريخ وعبره، وتذكير الناس مرة ومرتين وثلاثاً بما يجري حولهم، ولهذا تجدني مضطراً لأكرر الأسئلة نفسها بين الحين والآخر، ولا شيء يتغير سوى إجابات أصحاب الفخامة والمعالي.
منذ أيام امتلأت شوارع العراق بصور السادة المرشحين، صور نشاهدها لسياسيين ظل الواحد منهم يطارد الآخر، ثم بين لحظة وضحاها نجدهم يتخذون نفس الرصيف والجزرات الوسطية دعاية لانتخاباتهم ، ينظر اليهم المواطن ويهز يده، فماذا فعلت الانتخابات السابقة والتي سبقتها ، والتي ستاتي بعدها ، ربما نجد الجواب عند المرشح ” ابو تراب التميمي ، الذي اخبرنا ان وجوده لمدة ثلاثة اشهر على كرسي البرلمان سيعادل كل البرلمانات العراقية منذ عام 2005 وحتى هذه اللحظة ، وربما عند السيدة احلام اللامي التي قالت انها وافقت على الترشيح لانها تريد ان تحاسب معظم الفاسدين
، سيقول البعض يا رجل ألا تفرح بالعرس الديمقراطي ، نعم يا سادة أفرح ، ولكن ماذا عن الفشل الذي استمر سنوات كان فيها النواب قد حولوا مجلس النواب الى قاعة لبيع المناصب ، وحلبة للمكالمة ، ومنصة لبث الفرقة واشاعة الطائفية ، لكننا مع الصور التي تمتلأ بها شوارع العراق نكتشف أن الانتخابات الجديدة ستكون فصلاً من تمثيلية دفع المواطن العراقي ثمن سوء إخراجها وكتابتها.
لعل موضوعي الأساسي في هذا المقال، ليس السخرية من الانتخابات وهي حق مشروع للمواطن ، أنا شخصياً مع أي برلمان يحاسب المفسد والقاتل وتقتص منه عبر سياسة متكاملة واضحة ومدروسة، فهذا أمر جيد لكن غير الجيد،هو تلك الطريقة التي يدار بها البرلمان من قبل الكتل الكبرى في البلاد التي كانت تسعى دوماً لأن يكون البرلمان طرفاً في الحرب الضروس من اجل المصالح ، ودخول العراقيين لعبة التجاذبات الطائفية التي يجيدها السياسيون ، لكني ارى من الأجدى والأفضل والأكثر احتراماً للناس إيقاف هذه الحملات الانتخابية التي تصرف اموالها من اموال البلاد مؤقتاً.. فليس من المعقول ان نجد نائب حديث العهد يصرف كل هذه الاموال على حملته الانتخابة دون ان يسأله أحد : من أين لك هذا ؟ .
لن يتحقق الاستقرار والازدهار إلا إذا تخلصنا من سياسيي الأزمات، الذين أثبتت التجربة أنهم جاؤوا لخدمة مصالحهم، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم، فأساؤوا للتجربة السياسية الجديدة والتي لم يكتب لها النجاح للأسف.
المشكلة لم تكن في الصور، ولا في الشعارات التي يطلقها البعض، بل في الخداع، خداع الناس مرة ومرتين وعشراً.

