علي حسين
منذ الأيام الأولى لهذه الزاوية حاولت مثل أيّ مواطن أن أفهم كيف يفكر السياسي العراقي ، لكنني عجزت .. أحياناً أسمع كلاماً منمقاً عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد . ثم راحت هذه الوعود تتناثر ، ولم أعد أفهم لماذا يصرّ النائب العراقي على الإحتفاظ بجواز سفر دولة آخرى ، و لا لماذا لا تعيش عوائل الكثير من المسؤولين داخل العراق.
طوال الاسابيع الماضية ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية اخذ أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة ، يُزيدون ويُعيدون في حكاية حبّ الوطن ، والتي رسخها قبل ما يقارب العشرين عاماً المتقاعد الابدي غازي الياور الذي وافق أن يستبدل الرئاسة براتب ملياري .
كنا جميعا نعتقد ونمني النفس بان ندخل بعد عام 2003 عصر التغيير الحقيقي: تحديث الحياة وفتح باب الازدهار الاقتصادي والصناعي والزراعي للجميع وتشجيع الكفاءات . لكننا بدلاً من ذلك أصبحنا نختلف على من هو الاشطر في السرقة ، ، ونصمت ونحن نقرأ ونسمع أن جهات متنفذة تسرق العراق في وضح النهار .
سيقول البعض يارجل : تعيد وتصقل بحكاية النزاهة وتنسى اننا وضعنا حمد الموسوي ذات يوم على رأس لجنة النزاهة البرلمانية بعد ان ” لفلف ” بسهولة اكثر من ” 6 ” مليارات من الدولارات ، ثم استبدلناه بالبروفيسور مثنى السامرائي الذي علم البشرية احدث اساليب التربية والتعليم .وقبل أن يتهمني البعض بمعاداة نوابنا الاعزاء احيلهم إلى التقرير الذي قدمه النائب امير المعموري والذي كشف فيه ان مجلس النواب منح مبلغا وقدره ” 927 ” مليون دينار لكل نائب كمخصصات حماية وسكن ، وهذا المبلغ لا يتضمن الراتب المليوني الذي يتقاضاه السادة النواب كل رأس شهر .. تخيل نائب مثل حمد الموسوي يقبض اكثر من مليار دينا دون ان ينطق بكلمة واحدة داخل قبة البرلمان خلال الأربع سنوات الماضية .
يتحدّث معظم السادة النواب، عن النزاهة، وهذه مسألة بحاجة إلى تحليل من خبراء علم النفس. لا يوجد شيء واحد أكثر بشاعة من القتل سوى الفساد، لذلك هناك قاعدة واحدة للنزاهة، إما الدفاع عن حقوق الناس البسطاء، وإما الاتجار بالعملة في بنوك عمان وبيروت. وهناك شرط واحد للوطنية، هو الإيمان بالوطن، وهذه قضايا لا تقبل استثناءات.
ليست هذه المرة الأولى التي يسقط فيها البرلمان بامتحان النزاهة، فقد فعلها قبل سنوات حين مهّد الطريق أمام هروب فلاح السوداني، وحين صمت على سرقات وعمولات الكثير من السياسيين ، وعندما كافأ حسين الشهرستاني على ضياع مليارات الدولارات من عقود النفط والكهرباء، وغض النظرعن هروب ماجد النصراوي وايهم السامرائي.
أيها السادة عندما يستسهل النائب ، الضحك على مواطنيه ونهب المال العام ، يصبح كل شيء آخر بسيطاً أو مبسطاً. مثل الإنصات لأحاديث عتاب الدوري عن مكرمة ” البواري ” التي قدمتها للمواطنيين .

