العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»

2

علي حسين

 

وأنا أُشاهد «طلّة» نائب محافظ البصرة السيد معين الحسن، القيادي في ائتلاف دولة القانون، وهو يقول للمشاهدين : ” إن المادون لا يقيّم المافوق” ، قلت في نفسي إنّ تصريحات البعض تثبت أن لدينا، للأسف، من يعمل في السياسة بنظام المصلحة الشخصية، وليس بدافع الوطنية.
من هو «المادون» في نظر السيد الحسن؟ إنه المواطن المغلوب على أمره، أمّا «المافوق» حسب نظرية «المفكر» نائب محافظ البصرة، فهم أعضاء مجلس النواب. ولأننا نعيش عصر الديمقراطية «المافوقية»، فقد قررت لجنة الثقافة البرلمانية أن تطبق نظرية «معين مكيافيلي»، وتصدر بياناً تحذر فيه نقيب الفنانين الدكتور جبار جودي من التدخل في شؤون وشجون اللجنة.
في لفتة تعبّر عن الروح الثقافية التي يتمتع بها أعضاء اللجنة البرلمانية، أطلق بيان اللجنة صفة «المدعو» على نقيب الفنانين، ولم يكتفِ أصحاب البيان بذلك، بل استبدلوا صفة نقيب الفنانين بعبارة «ما يُسمّى بنقيب الفنانين».
وقبل الخوض في معمعة بيان لجنة الثقافة البرلمانية، اسمحوا لي أن أطرح سؤالاً بريئاً على السادة أعضاء اللجنة المحترمين، الذين انزعجوا مما قاله جبار جودي من أن اللجنة «لا تضم مثقفاً واحداً»: من من السادة أعضاء اللجنة حضر ندوة لاتحاد الأدباء أو فعالية يقيمها بيت المدى كل أسبوع لاستذكار رموز العراق؟ او معرضا تشكيلياً لفنان عراقي ؟ ، من منهم جلس وسط جمهور مهرجان المسرح العربي الذي أُقيم قبل أيام؟ أين كان أعضاء اللجنة أيام احتفال بغداد بالسينما ؟ من منهم تجوّل ذات يوم في شارع المتنبي واقتنى كتاباً لمؤلف عراقي؟ من من اعضاء اللجنة يعرف جيدا ، فؤاد التكرلي أو غائب طعمة فرمان أو جواد علي أو كوركيس عواد؟
هل نحن نملك برلمان تسعى لمنح الثقافة دورها الحقيقي في تنمية قدرات المواطن، إذا عرفنا أن مخصصات الثقافة في الموازنة العراقية لا تعادل واحداً بالمئة من مخصصات الأفواج التي تحمي كبار المسؤولين السابقين؟
ربما يسخر البعض من كاتب عمودٍ يدّعي «المفهومية» ويخصّص عموده للسخرية من بيان لجنة الثقافة البرلمانية ، ولكن ماذا أفعل يا سادة ونحن البلاد الوحيدة التي يسخر فيها البرلمان من الثقافة والمثقفين ؟
كنت أتمنى على السادة أعضاء لجنة الثقافة البرلمانية لو أنهم بادروا وأصدروا لنا كتيباً يُكتب على غلافه: ” دليل الديمقراطية المادونية للعراقيين”، طبعاً يحتوي الكتيب على وصايا تؤكد لنا أن لا شيء تغيّر، فما زال السياسي يحيط نفسه بسورٍ عالٍ من التابعين والموالين، مهمتهم أن يدافعوا عن أيّ شيءٍ يقوله..
يدرك المواطن جيدا أن أصحاب كتب «الديمقراطية المادونية » سيظلون أسرى لإرادة سياسية لا تريد أن تدرك أن تغيراً حصل في العراق، ولهذا نراهم يسعون إلى بناء دولة الجماعة الواحدة التي تكون لها سلطة الأمر والنهي والمنح والعطايا.

التعليقات معطلة.