علي حسين
أخيراً سيغلق البرلمان العراقي أبوابه في انتظار أن تفتح لأعضاء جدد لا يزالون يملأون الشوارع بلافتات وشعارات عن الإصلاح وبناء الدولة في عبارات فقدت صلاحيتها منذ أن خرج علينا إبراهيم الجعفري بمصطلح “القمقم”، وأوهمنا صالح المطلك أن نواب البرلمان يسعون لبناء العراق، فاكتشفنا أنهم يبنون أرصدة ومشاريع خارج البلاد. سيدخل نواب جدد إلى القبة السحرية وستفتح لهم ابواب مغارة علي بابا، وسيتبارون في خطابات نارية دائماً ما تساعد على انتشار فايروس جديد في الجو اسمه الاحتباس السياسي وهو أخطر بكثير من معظم الفايروسات التي تصيب البشر. ولعل المواطن وهو ينتظر البرلمان الجديد يتساءل: ماذا سيقول النواب الجدد؟ حتماً سيملأون الفضاء بخطب وكلام معاد إلى درجة الملل لتكون النتيجة في النهاية صفراً في كل الاتجاهات. المواطن المغلوب على أمره يدرك جيداً أن أعضاء البرلمان الجديد لن يختلفوا فهم سيتفقون على شيء واحد مهم وهو الحفاظ على المنصب.
منذ 22 عاماً وهذه البلاد تتردّد في خطواتها، لأنّها ترى في العجلة الندامة، فماذا يعني إذا تأخرت مشاريع الكهرباء والصحة والتعليم، وارتفعت نسبة الفشل ومعها الفقر، وزاد عدد العاطلين، المهمّ أن تترسّخ الديمقراطية التي تسمح لمجلس النواب أن يغط في نوم عميق.. ماذا فعلت السرعة بنا، جعلتنا نتخلّى عن عقلية”تكنوقراطيّة”بوزن ” ابو مازن ” احمد الجبوري، وكنتُ أتوهّم أنّ السيد ابو مازن سيطلّق السياسة بالثلاث، وتفرّغ لمصالحه التجارية، وأرجو أن تنتبهوا معي، فالسيد احمد الجبوري اخبرنا ان “خالته” التي يعرفها حتى ترامب تمت سرقتها منه وذهب صوب قائمة
عندما يكتشف المواطن ان برلمانه العتيد بحسب البيانات، بلغ عدد جلساته على مدى اربع سنوات 140 جلسة عادية مع 6 استثنائية واثنتين تداوليتين. وان معدل حضور النواب انخفض إلى 173 في الحالية. كما تراجعت ساعات العمل الفعلي إلى 294 ساعة فقط لا غير.
للأسف بعد 22 عاماً من الهوان، لم يعد ثمّة من يجادل في أن للبرلمان طريق مفروش بالامتيازات والصفقات، وللناس المغلوبين على أمرهم طرق مليئة بالغبار وعجاج الفضائيات.
منذ أيام والجميع يتحدث عن مشاريع التغيير والإصلاح، ويحذروننا من “الانسداد”، وغضب السماء على هذا الشعب الذي يتبطر على نعمة الديمقراطية، لكن المواطن المبتلي بقوانين العشائر، وغياب العدالة يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال 22 عاماً عشناها مع الفشل أن القضية لم تعد مجرد تغيير وإصلاح وأضيف لها انسداد، بل إنقاذ العراق.
يقدم لنا العالم نماذج لسياسيين لم يبحثوا عن التوازن الطائفي، فيما نحن لا نزال نعيش في عصر “تقلبات” النواب، فعين على إيران وأخرى على تركيا، وعين على من يحقق الربح الأكبر.

