(الغرب جعل من الحرب في أوكرانيا بمثابة حدود الناتو للدفاع عن نفسة)

1

حسن فليح / محلل سياسي

هكذا هو السعي الأمريكي و حلف الناتو اتجاه الحرب الدائرة بين أوكرانيا و روسيا ، بعد أن وجدت الولايات المتحدة من يقوم بمشاغلة و قتال الروس بنيابة عنها ، يريد الناتو بقيادة أميركية أن تخرج روسيا من هذه الحرب خاسرة وغير قادرة على أن تشكل خطرا حقيقيا على أمريكا و حلفائها مستقبلا و فرصة الناتو بتحقيق ذلك وفق الفهم الأمريكي لها ممكنة لكسر إرادة بوتن و طموحة المخيف بالنسبة للغرب عموما ، و دون أن يخوض الناتو حرباً مباشرة و مكشوفة مع موسكو ، تحت هذا المفهوم فتح الناتو مخازنه للأسلحة الثقيلة و جعلها مدرارا على كييف لتزيد النار حطباً جاعلين من أوكرانيا و شعبها و جيشها ثمناً لتلك الغاية و الهدف ، بالوقت الذي نشاهد فيه أن الروس قلبوا الموازين و جعلوا من أوكرانيا منطقة قتل لطموحات الغرب و تدمير الأسلحة الموردة لأوكرانيا دون ان تترك أثرا فاعلا في ساحة المعركة حتى أصبحت أهدافا سهلة لاستهدافها بالجملة قبل أن تصل إلى يد الجنود الأوكرانيين ، ناهيك عن تفتيت فعالية الحصار الاقتصادي على روسيا ، وان قرار بوتن بإيقاف مبيعات الغاز المصدر إلى اوربا في حال عدم الدفع بالروبل الأمر الذي لم تستطيع اوربا تجاوزه و رضخت للأمر الواقع عدى بلغاريا و بولندا و بتالي خضعتا لقرار روسيا بقطع الغاز عنهما وهما الأن يعيشون الأزمة بكل تفاصيلها وحدتها ، أميركا لاتهمها التضحية بأخر جندي أوكراني لأجل إطالة أمد الحرب و خسارة روسيا لها لتحقيق حلمها ، في حين أننا نشاهد و نتابع مجريات الحرب و نتائجها على أوكرانيا التي تشير بدون شك انها ضحية الغرب ، اليوم و بصريح العبارة أن روسيا تخوض حربا ضد الغرب كله و ليس ضد أوكرانيا بمفردها ، و هكذا نجد ان انتصار موسكو سيخلق معادلة عالمية جديدة لاتسر أمريكا و الناتو ، و ستخلق واقعا أمنيا و اقتصاديا سياسيا مختلفا عما يعيشه عالمنا اليوم ، انها معركة التغير و ستترك أثارها على العالم في جميع الحالات بغض النظر عن من هو المنتصر ، انها حربا تنذر بالخطر و خاضعة لكل الاحتمالات ، أن استمرار تدفق الأسلحة و الأموال و عمليات التدريب و تقديم الاستشارة و وجود فريق عسكري رفيع المستوى من البانتكون لإدارة العمليات في كييف و الحشود العسكرية للجيش الأمريكي و البريطاني في اوربا و خصوصا في الدول المتاخمة لأوكرانيا يدلل على حجم القلق الجدي للناتو من روسيا بقيادة بوتين و جدية الغرب بالسعي لإطالة الحرب و كسب نتائجها لكن هل هذا ممكن؟ إطالة أمد الحرب ليس من صالح أوربا و استمرار تدفق اللاجئين الأوكرانيين أحدث أزمة اقتصادية و استيعابية على اوربا و استمرار الدفع بالروبل سينعش الاقتصاد الروسي و يعزز مكانة الروبل أمام الدولار انها خطوة ذكية من بوتن وفاجئة الغرب وكسرت قيد الحصار الاقتصادي المفروض على موسكو ، أن استمرار تدفق الأسلحة على كييف و استمرار الاستهداف الروسي لها أضعف إلى حد كبير فعالية تلك الأسلحة و جدواها بتزامن مع الضغط العسكري و استهداف البنى التحتية العسكرية للجيش الأوكراني أصاب حركة الدعم اللوجستي المطلوب بالشلل و فقدان زخم الدفاع ضد الجيش الروسي ، و ما يجري في ساحة المعركة نرى تقدم روسيا في الجنوب و الشرق لعزل إقليم دونباس عن أوكرانيا و هذا احد أهم الأهداف الروسية للعملية العسكرية التي قامت بها لتقسيم أوكرانيا إلى شرقية و غربية ، و إبقاء القسم الغربي تحت الضغط الروس ، ناهيك عن الجانب السياسي و تداعياته و المرهون بالموقف العسكري على الأرض نجد أثار ذلك واضحة في أوربا من خلال تباين المواقف و خاصة الموقف الألماني و الفرنسي فهم غير متحمسين مثل بريطانيا صاحبة الأهداف المختلفة عن سائر دول اوربا علما هناك أصوات كثيرة داخل الشعوب الأوربية لمثقفين و كتاب واوساط شعبية و سياسية تطالب بالانفصال عن الناتو و بناء قوة عسكرية خاصة باوربا لدفاع عن نفسها و تأكيد الهوية الأوربية في الصراعات الدائرة و استقلالية اوربا إزاء تلك الصراعات و عدم تبعية اوربا للموقف الأمريكي لما لاوربا من خصوصية تحتم التعامل المختلف كليا مع الأحداث و النزاعات حول العالم و خاصة ما يجري الان في أوكرانيا الذي يشكل التهديد المباشر و الخطير على مستقبل أوربا و وجودها . إطالة أمد الحرب ليس بمصلحة العالم بأسره و سيثير المخاوف و القلق الأوروبي اكثر ، الأمر الذي سيعرض الناتو للأنقسام والتشظي .

التعليقات معطلة.