حسن فليح / محلل سياسي
هال سقطت ايران بالفخ الاسرائيلي ام نحن امام مسرحية؟
نستطيع القول ان اسرائيل نجحت بأستدراج ايران الى حافة الحرب ، من خلال عملية استهداف القنصلية الايرانية في حي المزة بدمشق حيث انها كانت عملية نوعية استفزازية وانتقامية الغرض منها جعل ايران بالحرج التام وامام خيارات صعبة ومعقدة وتم من خلالها أنهاء وتعطيل مفهوم “الصبر الاستراتيجي” وفضح وتعرية تلك الحجة ، التي لاذت بها ايران طيلة الفترة الماضية، واخيرا نفذ الصبر وجاء الرد الايراني المنتظر من قبل اسرائيل بالطائرات المسيرة وصواريخ كروز والصواريخ البالستية ، وتم اعتراض99% منها قبل وصول تلك الصواريخ وبلوغ أهدافها داخل العمق الاسرائيلي، ومن ثم توعدت اسرائيل بالرد الحاسم على طهران وقالت لها سنعيدكم الى العصر الحجري ، هذ التصريح يذكرنا باللقاء الذي حصل في جنيف عندما قال وزير خارجية امريكا جيمس بيكر لطارق عزيز سنعيد العراق للقرون الوسطى ، كل تلك المعطيات والتصعيد الخطير من قبل ايران ومايقابلة من رد منتظر من اسرائيل يشير ان المنطقة ذاهبة للحرب الشاملة لا محال ودون توقف لحين يتم حسمها من قبل احد اطراف النزاع لصالحه ومن المؤكد انها ستكون ليست بصالح ايران وحلفائها ، بعد الاستعراض العسكري لفعالية الاسلحة التي يمتلكها كلا الجانبين ! وربما تتسع دائرة الحرب لتشمل اطراف اخرى محسوبة على هذا الطرف او ذاك من دول المنطقة ، ضهرت بعض الانباء والتصورات الى ان هناك تنسيق مسبق بين ايران واسرائيل والولايات المتحدة بخصوص الرد الايراني وحجم الرد وساعة الرد وعدد المسيرات والصواريخ التي ستنطلق على اسرائيل ، وكل ذلك حدث بالفعل بدليل ان الرد الايراني افتقد لعنصر المباغتة الذي تشدد عليه العلوم العسكرية والتدريب في العمليات العسكرية الخاصة والحروب !! يدفعنا ذلك الى القول ربما تكون هناك مسرحية فعلا ، لاسيما وأن بايدن يطلب من نتنياهو الان بعدم الرد والتصعيد ، ومعنى هذا ان ايران توعدت ونفذت ردها وتشعر انها منتصرة على الرغم ان الهجوم من وجهة النظر العسكرية لم يحقق اي هدف حيوي يوازي الضربة الاسرائيلية التي استهدفت قادة مهمين لايران في دمشق ! وتشعر اسرائيل ايظا انها منتصرة بأحباطها للهجوم ولم تصل اي من الطائرات المسيرة والصواريخ الايرانية الى اهدفها داخل العمق الاسرائيلي ! وبذلك حقق بايدن النصر للطرفين ، على امل ان اسرائيل تلتزم بعدم الرد في حين انها اصبحت الان في افضل حالتها بعد ان كسبت تعاطف المجتمع الدولي معها وضمنت احقيتها بالرد وحسب المادة 51 من قانون الامم المتحدة ، وهذا ماتريده اسرائيل وتعمل عليه لكي يكون ردها قانوني وواضح ، الرئيس بايدن نجح بجعل الاثنين ايران واسرائيل يروجان لانتصارهما حاليا ! هذا الفلم الهوليودي باخراج السيد بايدن وبالتنسيقق المسبق بكيفية الرد وكيفية التصدي امر مضحك ومحزن في آن واحد مضحك لانه لازال السيد بايدن يعتقد ان الثالوث المدمر الذي يحيط بالعرب امريكا+ اسرائيل+ ايران لن يفرط عقده وهذا مخالف لطبيعة الامر والواقع الحالي لا ايران بعد الان تسمع كلام امريكا بعد ان دارت ضهرها وباتت جزء من تحالف محوري مع الصين وروسيا وتعتقد انها لاعب اقليمي لايمكن تجاوزة دون التفاهم والتشاور معها بشان المنطقة، من خلال نفوذها “المسلح” ، ولا اسرائيل قادرة على سماع امريكا الى النهاية خصوصا عندما يتعلق الامر بأمنها وتهديد وجودها ، نعتقد ان واقع الحال اختلف كثيرا لذلك الثالوث المدمر للعرب وشعوب المنطقة ولم يعد كما كان سابقا اختلف باختلاف المعادلات الجديدة التي حدثت بالعالم والمنطقة، ومحزن لانه لم يبقى لدى العرب شيئا يواجهون به هذا اللعب وتلك المؤامرات من حولهم والتي تهدد مصيرهم ، السؤال هل يستطيع السيد بايدن ابقاء الوضع تحت السيطرة امام شغف اسرائيل بالرد على ايران وعدم ضياع فرصتها السانحة الان ؟ الملفت للنظر ان ايران لم تستطيع مواجهة اسرائيل وتبين ذلك من خلال ردها الكارتوني بالامس وانكشاف قدرتها البسيطة امام التطور التقني والتكنلوجي الهائل بالمقارنة مع اسرائيل وحلفائها ، وان التفوق الاسرائيلي كان كبيرا جدا وتم استهداف واستمكان الاهداف باجواء دول بالمنطقة قبل وصولها للاجواء الاسرائيلية ، وهذا تطور جديد في فن الحرب !! اما السلاح الذي زودت ايران اذرعها بالمنطقة اصبح سلاحا تافها امام تلك المعادلة الجديدة والتي شكلت المفاجئة لايران وأذرعها ، فهل ايران وحلفائها استوعبوا الدرس؟ من الملاحظ ان مسيرة واحدة قتلت سليماني والمهندس وطائرة واحدة قتلت القادة ال7 في دمشق ، بالمقابل هناك اكثر من 200 طائرة واكثر من 100 صاروخ اطلقتها ايران ولم تقتل اسرائيليا واحدا !!! الكارثة ان ايران ومحور المقاومة يعتبرون ذلك نصرا عظيما !!؟ ويحتفلون بتلك المهزلة ، النتيجة من كل ذلك ان ايران اصبحت هدفا سهلا لاسرائيل وليس هدفا معقدا كما كنا نعتقد ونتصور ، من هنا اصبح الطريق سالكا الى طهران ، وسنرى كيف سيدمر مشروعها النووي في قادم الايام .