كتب / د. ظفر التميمي ||
تعد السياسة الخارجية جزءا مهما من سياسات الدولة العامة ، وهي تعكس ضمنيا الاستراتيجية الوطنية العليا لاي دولة في مشارق الارض ومغاربها ، وتضم السياسة الخارجية ما يعرف بالدبلوماسية وهي في ابسط معانيها تعني فن التفاوض حول مختلف القضايا التي تهم الدول ، وفي رأيي المتواضع فإنها تمثل المرآة الحقيقية لقوة الدولة ومقياس قدرتها على الاستمرار في عالم الصراعات الدولية في اي زمن كان من تاريخ البشرية ، واذا ما اردنا فتح ملف وزارة الخارجية العراقية قبل وبعد عام ٢٠٠٣ فاني على ثقة بان الملفات السياسية لم تكن تتسم بالقدر الكافي من القوة والمرونة مع الاصدقاء والأعداء على حد سواء ، فمن ملف الحرب مع الجمهورية الاسلامية الأيرانية وملف دخول الكويت إلى ملفات الحقوق المالية المسلوبة خارج العراق واسترداد المطلوبين في قضايا الفساد والارهاب ، فإننا لا نرى إلا فشلا ذريعا وواقعا يحتاج الى التغيير الجذري في اهم مؤسسة ( وزارة الخارجية وكيف ضحى بها ائتلاف ادارة الدولة ) وهذا يعني عدم قدرتة وزارة الخارجية على تمثيل وبيان حقوق العراق شعبا وحكومة في المحافل الخارجية مع تراجع العراق في ادارة عدة قضايا محلية واقليمية ، وتتضافر اسباب عدة في صياغة هذا الفشل منها المحاصصة السياسية ، وحتى مع الاستعانة بجهود دول حليفة للعراق فان وزارة الخارجية استمرت في ضعفها الإداري والدبلوماسي .
وبالنسبة لي فاني ارى ملف العلاقات العراقية – التركية واحدا من اهم ملفات وزارة الخارجية الحاسمة والمؤثرة على مفهوم السيادة العراقية ومستقبل العراق في المنطقة الشرق الأوسط الموسع .
واذا كان البعض يعد اردوغان عدوا محتملا صعب المراس يختبأ خلف قناع الإسلام العثماني ، فإنه في الحقيقة العدو الأفضل للوضع العراقي الحالي ، وبالنظر لخبرته الكبيرة في عالم السياسة وموقفه من الوجود التركي في شمال البلاد ، فاني اعده فرصة لن تتكرر بالنسبة للعراق ، فهو اكثر مرونة للتفاوض مع الجانب العراقي من المعارضة التركية ، والتي قد تسحب بساط السلطة من تحت اقدام اردوغان بعد انتهاء مدة ولايته الثالثة والتي حصدها بفارق فوز ضئيل بالمقارنة مع المعارضة التركية ، وهذا مؤشر خطير بالنسبة لنا ، فالخمس سنوات القادمة امام اردوغان لن يقضيها في محاولة ارضاء الجار العراقي ، وهو المثقل بالاقتصاد التركي المتراجع ، و وضع الليرة التركية غير المستقر ، والضغوط الاوربية والامريكية ، فضلا عن ملف المعارضة ، والانشغال بالواقع السوري المتداعي ، واذا كانت هذه ملفات تشغل اردوغان فهي في ذات الوقت نقاط ضعف يمكن ان يستغلها العراق لصالحه والتي لن تتكرر مع صعود المعارضة التركية بعد اردوغان وهذا ما سيكون .
اذن ما يجب على العراق القيام به هو الإسراع في تشكيل وفد تفاوضي من متخصصين غير خاضعين للابتزاز ( والكومشنات التركية ) لحسم ملف الحدود وعناصر حزب العمال الكردي وطريق التنمية وملف النفط والغاز والاهم هو ملف المياه ضمن صفقة واحدة تضمن للعراق انتصاراً دبلوماسيا لم يحدث من قبل ، واني هنا اتكلم وبكل ثقة من ان علاقتنا مع تركيا يجب ان تحسم حتى قبل ملف الوجود الأمريكي في العراق ، إذ ان هذا الامر سيكون بوابة النجاح لاي رئيس وزراء عراقي سواء كان السوداني ام غيره ، وهو ليس بالأمر الصعب كما يتصور البعض ، فنحن فقط بحاجة لارادة قوية تستطيع خلق التوازن السياسي بين الفرقاء في العراق .