بعد إدراج 4 جماعات مسلحة على قائمة “الإرهاب”
بغداد/ تميم الحسن
باتت الأيام العشرة الأخيرة من شهر أيلول – الذي يُوصف بـ”شهر الحسم” – أكثر احتمالاً لشن هجمات تستهدف جماعات مسلحة في العراق.
وتزامناً مع ذلك، اتخذت بعض الفصائل المسلحة قراراً بـ”إخلاء المقرات”، وهي خطوة تتكرر أحياناً بشكل روتيني.
وكثّفت واشنطن، الأسبوع الماضي، إجراءات الضغط ضد إيران ووكلائها في المنطقة – بحسب التعبير الأميركي – فيما تتداول معلومات أمنية عن قيام فصائل مسلحة بإفراغ مقراتها في بغداد ومدن شمال وغرب البلاد.
كما بدت هذه الجماعات، وفقاً للمعلومات، “أكثر حذراً” في استخدام أجهزة الاتصالات خشية حدوث اختراق إلكتروني.
وكانت بعض الفصائل قد اضطرت إلى إخلاء مقراتها عدة مرات في العامين الأخيرين، حتى باتت هذه الإجراءات “روتينية”، وفقاً لمصادر أمنية.
اختراق أميركي
وتعتقد الجماعات المسلحة أن القوات الأمنية العراقية “مخترقة” من دول غربية، وهو ما يُمثّل خطراً عليها.
ويشير فراس الياسر، عضو المكتب السياسي لحركة النجباء، في مقابلة تلفزيونية أُجريت قبل أيام، إلى وجود “نفوذ أميركي داخل الأجهزة الأمنية العراقية”.
وأضاف: إن “السماء العراقية متاحة لسلاح الجو الإسرائيلي والطائرات الأميركية القاصفة والتجسسية التي تجوب المحافظات 24 ساعة”، معتبراً أن العراق يعيش حصاراً “يفوق حصار التسعينيات، وكل شيء مسيطر عليه أميركياً”.
وخلافاً لذلك، كان المستشار الأمني للحكومة، خالد اليعقوبي، قد كشف أن بعض أطراف الحشد الشعبي تعقد اجتماعات مع عناصر أميركية في إطار لقاءات أمنية، وذلك خلال حديثه عن التهديدات الأميركية المحتملة ضد الفصائل.
الحل في “الدمج”
ويتوقع مراقبون أن يشهد شهر أيلول الحالي “ضربات إسرائيلية أو أميركية” ضد الجماعات المسلحة، مع بدء تشديد الإجراءات ضد طهران.
وبحسب تقارير أوروبية، فإن اجتماعاً للتحالف الشيعي والحكومة والمسؤولين الأمنيين أوصى بـ”إغلاق المكاتب والمقرات” للفصائل الأربع التي أدرجتها واشنطن مؤخراً ضمن قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية”.
وذكر تقرير فرنسي أن الاجتماع ضم قادة “الإطار الشيعي”، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي.
وطرح السوداني والشطري والأعرجي مجموعة خطوات عملية للتعامل مع القرار الأميركي بوضع “حركة النجباء”، و”كتائب سيد الشهداء”، و”كتائب الإمام علي”، و”أنصار الله الأوفياء” على قائمة الإرهاب.
أبرز هذه الخطوات تمثّل في إغلاق المكاتب الرسمية للفصائل الأربعة، إضافة إلى “كتائب حزب الله” التي وُضعت على القائمة نفسها قبل نحو عامين.
كما اقترحوا تسليم المعسكرات التي تعود للفصائل الخمسة إلى الجيش، وإعادة دمجها داخل هيئة الحشد الشعبي.
وبرّر السوداني، بحسب التقرير، ضرورة تنفيذ هذه الإجراءات بأن القرار الأميركي قد يُمهّد لشن ضربات عسكرية ضد تلك الفصائل.
لكن الفصائل ترفض تسليم السلاح، فيما يرى فراس الياسر، عن “النجباء”، أن هذا الإجراء “بحاجة إلى ضمانات”.
وقال في المقابلة الأخيرة: إن “الحكومة تحتاج فصائل المقاومة لتعزيز موقفها أمام واشنطن”، مبيناً أن “استمرار ضبط المقاومة مرهون بقدرة الحكومة على فرض السيادة”.
وكان اليعقوبي قد أكد في وقت سابق أن “الحكومة مسيطرة على الفصائل، والدليل ضبطها خلال حرب الـ12 يوماً بين إيران والكيان”.
وأعلنت بغداد في آذار الماضي عن بدء حوار سياسي مع عدد من الفصائل من أجل “نزع السلاح”، لكن نتائجه لم تُعرف حتى الآن.
وردّت الفصائل، التي تطلق على نفسها “المقاومة الإسلامية العراقية”، برفض نزع السلاح باعتباره “وديعة الإمام المهدي”.
إيران والوكلاء
وأشار مهتمون بالشأن السياسي لـ(المدى) إلى أن استهداف الفصائل العراقية قد يكون على غرار “سيناريو حماس” في قطر قبل أسبوعين.
وجاءت هذه التطورات بعد أيام قليلة من إطلاق سراح المختطفة الإسرائيلية – الروسية في بغداد، إليزابيث تسوركوف، واتهام واشنطن “كتائب حزب الله” بالحادث.
وكشف المهتمون بالشأن السياسي عن رسائل خطيرة وصلت إلى زعامات سياسية وشيعية تحذر من الهجمات، أبرزهم نوري المالكي، زعيم “دولة القانون”، الذي تلقى قبل أيام رسالة من القائم بالأعمال الأميركي في بغداد، جوشوا هاريس، نصّت على: “جنّبوا بلدكم الاستهدافات الإسرائيلية”.
وحذّر المراقبون من نشاط جماعات مسلحة “غير عراقية” تنشط داخل البلاد مثل “حماس” و”الحوثيين”، والتي قد تكون مبرراً للتدخل الإسرائيلي.
ويقول الدبلوماسي السابق غازي فيصل لـ(المدى) إن “الهدف النهائي لكل تلك الحروب التي تخوضها إسرائيل وأميركا في المنطقة هو تقويض إيران”.
ويرى فيصل أن الحرب بين أميركا وحلفائها من جهة، وإيران وحلفائها – ومن ضمنهم الفصائل العراقية – من جهة أخرى، “غير متكافئة، وخسائر المحور الثاني ستكون كبيرة”.
وخلال أيام قليلة، ستُفرض على إيران عقوبات جديدة، بحسب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد أن رفض مجلس الأمن مشروع قرار يهدف إلى إلغاء تلك العقوبات بشكل نهائي.
كما أن الولايات المتحدة رفضت اتفاقاً لتصدير الغاز من تركمانستان إلى العراق عبر إيران، ضمن سياسة “أقصى الضغوط” التي تمارسها واشنطن على طهران.