قالت الـلـجـنـة الـقـانـونـيـة النيابية، الإثنين، إن قانون الجرائم الإلكترونية يحتوي مـخـالـفـات دسـتـوريـة، فيما طالبت بــإشــراكــهــا فــي إعــــادة صـيـاغـتـه لـلـتـأكـيـد عـلـى احـقـيـة الـتـعـبـيـر عن الرأي.
وقــالــت عـضـو الـلـجـنـة الـقـانـونـيـة، بهار محمود في تصريح للصحيفة الرسمية، (7 كانون الأول 2020)، إن “البلد بحاجة إلى تنظيم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وذلـك لوجود حــالات فـسـاد وابــتــزاز إلـكـتـرونـي، يـتـعـرض لـهـا الـجـيـل الــجــديــد من مستخدمي شبكة الانترنت”.
وأضـــافـــت، أن “المـــشـــروع الــحــالــي يحتاج الى تغيير في الصياغة لانه مخالف لأكثر من مـادة دستورية”، مبينة أن “لجنتها مـع وجـود قـانـون ينظم هـذه الـفـوضـى، لكن يجب ان تصاغ تعديلاته بشكل لا يخالف مبادئ حرية الرأي وحقوق الانسان”.
وأصدر “مرصد الحريات الصحفية”، تقريراً بشأن قانون الجرائم الالكترونية، فيما سلط الضوء على “الثغرات” في القانون، في ظل وجود مواد صيغت بعبارات فضفاضة وعمومية، وفق المرصد.
ويقول التقرير، الذي تابعه “ناس” (29 تشرين الثاني 2020) إن “السعي لتشريع قانون جرائم المعلوماتية، جاء في أعقاب حملة شرسة استهدفت الحريات الصحفية، خلال العامين الماضي والجاري، قُتل خلالها صحفيين اثنين هما أحمد عبد الصمد ومصوره صفاء غالي في محافظة البصرة جنوبي العراق، واغتيال الخبير الأمني المعروف هشام الهاشمي واختطاف الصحفي توفيق التميمي والكاتب والناشر مازن لطيف في بغداد، مع حرق مقار وسائل إعلام محلية وأجنبية عاملة في العراق وترويع العاملين فيها وتهديدهم الأمر الذي اضطر بعضهم إلى مغادرة مدنهم أو الهجرة لدول أخرى”.
وتالياً نص التقرير:
في حين لم تتوصل الجهات الأمنية والقضائية بعد إلى المتورطين في أشرس حملة تضييق على حرية الصحافة والتعبيرعن الرأي شهدها العراق قبل أشهر، يتحدى البرلمان العراقي الرأي العام المحلي والدولي بحراك – مفهوم الدوافع- لتشريع قانون “جرائم المعلوماتية” سيء الصيت.
ويتضمن القانون، الذي طرحت مسودته الأولى في الدورة البرلمانية السابقة (2010 – 2014) وسُحبت لاحقاً، مواداً عدة تفرض في النهاية تكميم الأفواه وإسكات أي صوت معارض أو منتقد لمشاكل تقع ضمن قضايا جوهرية تمس الحياة العامة في العراق.
“الحبس والغرامة لمن يبحث عن معلومة”
بعض هذه المواد التي تمت صياغتها بعبارات فضفاضة وعمومية، كما أقرّ عدد من النواب، ولم تجرِ مناقشتها مع المعنيين سواءً صحفيين أو منظمات حقوقية، تفرض عقوبات تصل إلى السجن مدة 10 سنوات، وفرض غرامات بالملايين على “من دخل عمداً موقعاً أو نظاماً أو أجهزة حاسوب أو ما في حكمها بقصد الحصول على معلومات تمس الأمن القومي أو الاقتصاد الوطني”، دون أن يوضح أكثر، ورد ذلك في الفقرة ثالثا من المادة الخامسة لمسودة القانون.
كما يحتوي القانون مواد تعطي إمكانية ان تعتبر السلطات المعنية و القضاء العراقي، على سبيل المثال، الحديث عن انتهاك قد يقوم به عنصر أمن بحق مواطن أو سجين أو متظاهر “مساساً بالأمن الوطني”، وكذلك عند انتقاد السياسيات المالية والاقتصادية وبيان وجود خلل ما أو قصور فيها، وكذا الحال عند الكشف عن حالات فساد حصلت أو قد تحصل مستقبلاً.
يشار إلى أن العراق جاء في المرتبة السادسة عربياً والـ13 عالمياً، كأكثر دول العالم فساداً وفق ترتيب أصدرته منظمة الشفافية العالمية عام 2019.
ويأتي السعي لتشريع قانون “جرائم المعلوماتية” في أعقاب حملة شرسة استهدفت الحريات الصحفية، خلال العامين الماضي والجاري، قُتل خلالها صحفيين اثنين هما أحمد عبد الصمد ومصوره صفاء غالي في محافظة البصرة جنوبي العراق، واغتيال الخبير الأمني المعروف هشام الهاشمي واختطاف الصحفي توفيق التميمي والكاتب والناشر مازن لطيف في بغداد ، مع حرق مقار وسائل إعلام محلية وأجنبية عاملة في العراق وترويع العاملين فيها وتهديدهم الأمر الذي اضطر بعضهم إلى مغادرة مدنهم أو الهجرة لدول أخرى.
كما أدرج في الفقرة الرابعة من المادة (8) ضمن مسودة القانون قانون “جرائم المعلوماتية”، الذي يعتزم البرلمان تشريعه، فرض عقوبة السجن لمدة تتراوح ما بين 7-10 سنوات مع فرض غرامات مالية بحق من يستخدم شبكة الإنترنت بـ”قصد الاعتداء على المبادئ والقيم الدينية أو الأسرية أو الاجتماعية”.
ولم يوضح كاتب مسودة القانون تلك النقطة بابعد من ذلك، الذي أقرّ نواب في البرلمان لاحقا بأن ما يعنيه بتلك “المبادئ والقيم” أعرافاً منها الثأر العشائري أو جرائم “غسل العار” ونحوها، إضافة إلى بعض “النصوص الدينية” التي تبيح دماء وأموال الآخر المختلف.
يصف القاضي رحيم العكيلي، رئيس هيئة النزاهة العراقية الأسبق، مشروع القانون بـأنه “خطر جداً”، محذراً من أنه سيكون “شرخاً كبيراً في حرية التعبير إذا شُرع، وحراباً قاسية بيد السلطة لطعن أي متحدث أو معبر عن رأي”.
وفيما يؤكد العكيلي على أن “أهمية القانون لا تعني القبول باستخدامه حجة لمصادرة الحريات وتكميم الأفواه”، يوضح أن الانتقاد لا ينصب على القانون كأصل بـ”صياغاته الفضفاضة وتعابيره غير المنضبطة، التي ستجعلنا جميعاً تحت حراب الاستبداد والتعسف والقمع والتنكيل باسم القانون”.
قبل 4 أيام، كتب مقدّم البرامج السياسية محمد جبار منتقداً الحراك البرلماني لتشريع “جرائم المعلوماتية”، قائلاً إن حرية التعبير “الشيء الوحيد” الذي كانت الطبقة السياسية “تمّن” به على العراقيين بعد 2003، ستصادر من خلال هذا القانون، مضيفاً أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي سيشعرون عند دخولهم إلى هذه المواقع، بعد تشريع القانون، بأنهم دخلوا إلى مكتب مكافحة إجرام.
وأعلنت يوم أمس (25 تشرين الثاني 2020)، الدائرة القانونية في مجلس النواب إقامة دعوى قضائية لدى محكمة تحقيق الكرخ ضد اعلامي يعمل في قناة “زاكروس” العربية بتهمة “التطاول على رصانة المؤسسة التشريعية وعلى أعضاء المجلس”، قائلة إن “مجلس النواب والقضاء العراقي سيكون له القول الفصل في الحد من التجاوز والتشهير الذي يصدر بحق المؤسسة التشريعية”.
“تجديد للموقف وتذكير”
منذ عقد مضى ومرصد الحريات الصحفية (JFO) يقف بالضد من قانون “جرائم المعلوماتية” الذي ألغي تشريعه عام 2013 بمبادرة من قبل رئيس لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان السابق، عن كتلة اتئلاف دولة القانون، علي الشلاه، ونجدد اليوم موقفنا الرافض لهذا القانون بعد طرحه مرة أخرى.
ويؤشر المرصد أن دفع قانون “جرائم المعلوماتية” إلى التشريع، جاء في ظل النقاش الحافل على مواقع التواصل الاجتماعي حول الأوضاع السياسية في البلاد بعد تظاهرات تشرين 2019، التي اتخذ الكثير من الزعماء السياسيين موقفاً سلبياً إزاءها، وكذلك بشأن الانتخابات المقبلة ومدى إمكانية إحداث تغيير في وجوه الطبقة السياسية الحاكمة منذ 2003.
ويعلن مرصد الحريات الصحفية (JFO) أن كلّ نائب يروج لتشريع قانون “جرائم المعلوماتية”، الذي ناقشه البرلمان في جلسته يوم أمس الأول، سُيدرج اسمه في لائحة سوداء يعدّها المرصد لهذا الغرض ويضعها تحت مرأى المنظمات الحقوقية العالمية.
في السنوات القليلة الماضية، أشرّ مرصد الحريات الصحفية (JFO) تضييقاً مارسته أجهزة رسمية مدنيّة وعسكرية من أجل السيطرة على المعلومات والحد من حرية الصحافة، إذ سعت هذه المؤسسات، من خلال جهود مستديمة، الى فرض قيود على تدفق المعلومات والهيمنة على شبكة الإنترنت، بالتعاون مع وزارة الاتصالات والحد من مستوى المعرفة لدى سكّان العراق، وفرض الرقابة والسيطرة على الشبكة الدولية للمعلومات “الإنترنت” في البلاد وحجبت مواقع الكترونية تابعة لمؤسسات إعلامية إخبارية.