أسرار جوهر حيات
لم يعد المحتوى الذي يقدمه المؤثرون على منصّات التواصل الاجتماعي مجرد تسلية عابرة، بل اصبح لهؤلاء المؤثرين، متابعون يتأثرون بهم، فهم اليوم صانعو رأي ويؤثرون في تشكيل سلوكيات شريحة كبيرة من الشباب والمراهقين، ولهم تأثير واسع على الذوق العام.
وبالتالي، فإن هذا التأثير الذي بدأ صغيراً وتوسع شيئاً فآخر، لا يجب أن يبقى خارج اطار تنظيمي وبلا معايير أو قيم محددة، فحتى لو سلمنا أن العديد من المؤثرين اليوم لديهم حس ذاتي بالمسؤولية تجاه التأثير الإيجابي في سلوكيات الشباب والمراهقين، الا ان الأمر لا يخلو من وجود مؤثرين لهم جمهورهم وقد لا يلتزمون القيم والمعايير التي تتناسب والمجتمع.
فاليوم، يجب أن يكون هناك تواصل وثيق ومستمر بين الجهات الحكومية المعنية بالتواصل الاجتماعي، وبين المؤثرين، عبر تقديم دورات لهم تضع لهم الخطوط الرئيسة لوضع القيم والمعايير التي تتناسب والفئة العمرية لمتابعيهم، يضمنونها في محتواهم الذي يعرضونه، فضلاً عن عقد اجتماعات دورية معهم، لكن دون تضييق طبعاً، وبالتناسب مع مجال كل مؤثر وجمهوره.
هذا فضلاً عن اننا اصبحنا بحاجة لوجود مؤثرين، يتمكنون من ترسيخ القيم والعادات الكويتية واللهجة الكويتية خاصة بين المراهقين والشباب، وبأسلوب عصري يتناسب ولغة هذه الفئة العمرية واهتماماتهم.
ورغم تأكيدنا على أن من حق أي شخص أن يعبّر، ويطرح محتوى، لكن عندما يصل هذا المحتوى لملايين المتابعين وبفئات عمرية مختلفة يجب أن يكون هادفاً ولا يطرح أفكاراً تؤثر سلباً، هذا فضلاً عن ضرورة إيجاد رخص للمعلنين من المؤثرين، فالاعلان عندما يكون ممولاً يجب أن يكون مسؤولاً ويتبع معايير محددة. في الصين على سبيل المثال، يمنع على المؤثرين الترويج لسلع غالية الأثمان، أو رفاهية مفرطة، حتى لا يشعر المتابعون بأنها سلعة يجب أن يمتلكوها وهم غير قادرين على ذلك، وهو بالفعل ما نشعر به أحياناً في محتوى بعض المؤثرين، والنساء منهم تحديداً، حيث يروجون لشراء سلع فاخرة، كأدوات مكياج أو حقائب وأحذية، بأسعار مرتفعة ولكن يروجون لشرائها وكأنها سلع ضرورية، أو يروجون لأسعارها وكأنها في متناول الجميع، بالتالي المراهقة أو الشابة المتابعة التي لن تتمكن من توفير سعر هذه السلعة قد تقع تحت التأثير وتشعر بأنها غير قادرة على الشراء مما يؤثر في نفسيتها وربما سلوكياتها على مر الزمن.
عدة دول أدركت خطورة ترك هذا المجال بلا تنظيم، فوضعت أطرًا ومعايير تحكم عمل المؤثرين، ففي بعض الدول هناك غرامات للمعلنين ممن يضلل الجمهور وهناك قانون ينظم الترويج التجاري الرقمي.
ويجب ألا ننسى أن المؤثرين جزء من المجتمع، ولهم دور مهم في نقل صورة الكويت وإيصال رسائل مؤثرة، ووجود معايير ليس عقابًا، بل هو منحهم إطارًا مهنيًا يرفع مستوى المحتوى، ويعزز ثقة الجمهور.
أسرار جوهر حيات

