المجاعة في اليمن .. عار سيلاحق الإنسانية الى الأبد

1

بقلم : نجم الدين نجيب
لا ندري من هو المُخاطب الذي يقصده مسؤولو الامم المتحدة عندما يتحدثون عن ضرورة ايصال المساعدات الانسانية الضرورية لملايين اليمنيين الذين يتضورون جوعا بسبب الحرب المفروضة على بلادهم منذ نحو 3 سنوات.
اذا كان مقصود هؤلاء المسؤولين الشعوب في العالم، فان الشعوب لا حول ولاقوة لها، اما اذا كانت الحكومات فان جميع حكومات العالم لها ممثلين في المنظمة الدولية، يمكن وبكل سهولة دفعها للالتزام بالقوانين الدولية التي لا تمسح باستخدام الغذاء كوسيلة للضغط على الشعوب من اجل تحقيق اهداف سياسية.
الملفت ان المنظمة الدولية التي تتألف من ممثلي دول العالم تحولت الى شاهد زور عما يجري في اليمن، فهي ترسم الصورة الماساوية التي يشهدها اليمن دون ان تتحرك بشكل جاد لوقف الماساة، عبر استخدام صلاحياتها المتوفرة في مجلس الامن الدولي، لسبب بسيط، وهو مصالح القوى الكبرى الميهمنة على المجلس والتي ترى فعليا من مصلحة لإيقاف هذه الحرب العبثية.
الثلاثاء 14 تشرين الثاني / نوفمبر، يعتبر من الايام المؤلمة التي كشفت عن جانب بسيط من المأساة الكبرى التي يعيشها الشعب اليمني بسبب الحرب، ففي مثل هذا اليوم أخرج التحالف العربي الذي تقوده السعودية مطار صنعاء الدولي من الخدمة بشكل كامل.
اغارالتحالف العسكري بقيادة السعودية على المطار وأدت الغارة إلى تدمير كلي لمنظومة جهاز الإرشاد الملاحي وإيقاف الحركة الوحيدة الموجودة في مطار صنعاء وهي رحلات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الخاصة بالمساعدات والإغاثة الإنسانية.
التحالف السعودي برر الغارة على انها تنفيذا لقرار التحالف فرض حصار شامل على المطارات والموانىء والمنافذ البرية لمنع وصول العتاد العسكري الى حركة انصار الله بعد اطلاقها صاروخا بالستيا على مطار الملك خالد في الرياض، فيما المعروف ان مطار صنعاء مغلق اصلا امام الرحلات التجارية ولم يكن يسمح التحالف باستخدامه الا للرحلات الانسانية الاستثنائية، لذلك لم يكن هناك من سبب موجه لقصف المطار، الا ان كان هناك من قرر الإسراع في وقوع كارثة المجاعة في اليمن.
يوم الثلاثاء 14 تشرين الثاني / نوفمبر، بعد قصف مطار صنعاء وإيقاف خدماته امام الرحلات الإنسانية، جددت منظمة الأمم المتحدة مطالبتها، بالرفع الكامل للحصار الذي يفرضه منذ أسبوع التحالف السعودي على اليمن!!.
وصرح المتحدث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك أن المنظمات الإنسانية بحاجة الى “وصول كامل” إلى كل الموانئ والمطارات. وأشار إلى أن الأمر لا يتعلق بالوصول فقط الى بعض الموانئ، لأن الامر يتطلب بعدها المرور عبر خطوط مواجهة لإيصال المساعدة الإنسانية.
واعتبر أن الامر ملح و”العدّ العكسي بدأ” مضيفا “لا يزال هناك 11 يوما قبل نفاذ مخزون الأرز”، “97 يوما (قبل نفاذ) مخزون القمح”، “خلال 20 يوما لن يعود هناك ديزل في الشمال وخلال 10 أيام (سينفذ) الوقود” في هذه المنطقة.
وقال ان من بين تداعيات الحصار “تراجع الوضع الصحي بسرعة”، مضيفا “جميع السكان في اليمن يعتمدون على واردات المواد الغذائية والمحروقات والأدوية. أكثر من 17 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، يعيشون في ظل نقص التغذية.
وفي ذات السياق دعا جيمي مكجولدريك منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن التحالف يوم الثلاثاء ايضا، إلى فتح الموانئ البحرية اليمنية بشكل عاجل وقال إنه يخاطر بإلحاق ضرر بجهود مكافحة الكوليرا والجوع في ظل وجود سبعة ملايين شخص في ”أوضاع شبيهة بالمجاعة” بالفعل، وان هناك ملايين الأرواح مهددة بسبب الحصار.
لا ندري الى من يتحدث هؤلاء المسؤولون الأمميون؟، وهل هناك جهة تصغي الى ما يقولون؟، واذا كان كلامهم لا يقدم ولايؤخر في المأساة التي يعيشها اليمنيون، ترى لم يتكلمون اصلا؟، الا يكشف كلامهم ان العالم تحكمه المصالح لا الأخلاق؟، اين هم من يدعون ان الأمم المتحدة هي المسؤولة عن امن واستقرار العالم؟، فهل موت الملايين جوعا في اليمن لا يدخل في اطار امن واستقرار هذا العالم، ام ان اليمنيين يعيشون في عالم غير عالمنا؟.
من حق الشعوب ان تفقد ثقتها بالمنظمة الدولية التي لا تمتلك حتى القدرة على ان ترد على سفير البلد الذي يفرض حصارا قاتلا على المطارات والموانىء والمنافذ اليمنية، عندما اعلن ان بلاده لن تفتح المطارات والموانىء والمنافذ البرية اليمنية، الا بعد ان ترضى عن تعزيز اجراءات مراقبة الشحنات!!، بينما الجميع يعلم ان لا شحنات غير انسانية تصل الى مطار صنعاء، ليتم تعزيز المراقبة عليها.
لقد بات واضحا ان هناك ارادة سياسية تدفع نحو تجويع الشعب اليمني لكسر ارادته، بعد ان عجزت الطائرات والصواريخ والدبابات عن فعل ذلك، الا انه فات من يقف وراء هذا المخطط الجهنمي، ان عار المجاعة في اليمن سيبقى يلاحق الانسانية الى الابد، لأنها وقفت صامتة امام هذه الجريمة الكبرى.

التعليقات معطلة.