في سابقة هي الأولى من نوعها، أعلنت الأمم المتحدة رسمياً حدوث مجاعة في قطاع غزة، مؤكدة أن نصف مليون شخص يواجهون خطر الجوع الكارثي، بعد تحذيرات مستمرة من منظمات الإغاثة والخبراء.
ويعد إعلان الأمم المتحدة سابقة تاريخية، إذ يشكل ضغطاً قانونياً وسياسياً على إسرائيل لضمان وصول الغذاء والمساعدات إلى غزة دون عوائق.
فماذا يعني هذا الإعلان في القانون الدولي؟ وهل سيؤدي إلى عقوبات أو إجراءات ملموسة ضد إسرائيل؟
ما هي المجاعة في النزاعات المسلحة؟
وفقاً للقانون الدولي الإنساني، تُعرّف حالة المجاعة بأنها “النقص الحاد في الغذاء والمواد الأساسية الذي يهدد حياة المدنيين”.
وتتفاقم هذه الحالات غالباً نتيجة عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، ما يجعل المدنيين معرضين لخطر الموت والجوع.
رسمياً.. الأمم المتحدة تعلن المجاعة في غزة – موقع 24
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عقب إعلان المجاعة رسمياً في قطاع غزة، “إنها كارثة من صنع الإنسان”، مضيفاً، “لا يمكننا السماح باستمرار هذا الوضع من دون عقاب”.
ويحظر القانون الدولي صراحة استخدام التجويع كسلاح حرب.
وتشير المادتان 54 من البروتوكول الإضافي الأول و14 من البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف لعام 1977 إلى هذا الحظر، ويُعد أي إخفاق في الالتزام به جريمة حرب يمكن محاسبة مرتكبيها أمام المحكمة الجنائية الدولية أو المحاكم الوطنية التي تطبق الولاية القضائية العالمية.
تطبيق القانون بين التحديات والمسؤوليات
رغم وضوح النصوص، يبقى التطبيق العملي للقانون الدولي رهناً بالاعتبارات السياسية.
ونقلت شبكة “بي بي سي” عن إنجي أبو العيون، المستشارة القانونية الرئيسية بمركز القانون الدولي الإنساني لمنطقة الشرق الأوسط، قولها: “التحدي الحقيقي يكمن في المساءلة والتنفيذ، غياب الإرادة السياسية، لا سيما عند دعم أطراف فاعلة دولياً لأحد أطراف النزاع، غالباً ما يعرقل تطبيق القانون ومحاسبة المسؤولين”.
ما هي التزامات طرفي النزاع؟
وبحسب تصريحات أبو العيون لـ”بي بي سي”، لا يترتب على تقرير الأمم المتحدة التزامات قانونية جديدة على أطراف النزاع، إذ أن الالتزامات قائمة أصلاً بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العرفي.
وتشمل:
حماية المدنيين.
ضمان وصول الغذاء والمساعدات الإنسانية دون عوائق.
منع استخدام التجويع كسلاح حرب.
حماية الموارد والأعيان الضرورية لبقاء السكان.
وأضافت أبو العيون أن العرقلة المتعمدة أو المستمرة للمساعدات الإنسانية، سواء عبر القيود أو الهجمات أو الرفض الإداري، تُعد انتهاكاً جسيماً لاتفاقيات جنيف وقد ترقى إلى جريمة حرب وفق نظام روما الأساسي.
وتشمل المسؤولية الجنائية القادة السياسيين والعسكريين، ومن يضع السياسات أو يأمر بتنفيذها أو يتغاضى عنها، وصولاً إلى الأفراد الميدانيين الذين يمنعون مرور الإغاثة.
كيف يُعاقب استخدام التجويع كسلاح حرب؟
توضح أبو العيون أن إثبات استخدام التجويع كوسيلة ضغط أو كسلاح في النزاع يمثل “واحداً من أخطر انتهاكات القانون الدولي الإنساني” ويُعد جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي.
ويكون القاضي المختص مسؤولاً عن إثبات تعمّد استخدام التجويع بالاستناد إلى تقارير الأمم المتحدة وأي تقارير ميدانية داعمة، سواء أممية أو مستقلة.
نتانياهو: تقرير المجاعة في غزة “كذب صريح” – موقع 24
انتقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو التقرير الذي استندت إليه الأمم المتحدة لإعلان المجاعة رسمياً في غزة، معتبراً أنه “كذب صريح”.
وأكدت أن المسؤولين عن هذه الأفعال يمكن ملاحقتهم قانونياً أمام المحكمة الجنائية الدولية أو المحاكم الوطنية، بالإضافة إلى آليات تحقيق تابعة للأمم المتحدة مثل لجان تقصي الحقائق، وختمت بالقول: “التجويع ليس تكتيكاً مشروعاً في الحرب، بل جريمة تترتب عليها مسؤولية جنائية شخصية على جميع المستويات”.