{المجتمع الدولي وضياع الفرصة السانحة}

1

حسن فليح / محلل سياسي

أن فقدان المجتمع الدولي للفرصة السانحة التي قدمها الشعب العراقي ايام ثورة تشرين السلمية وعدم تقديم الدعم والمساندة لها كان له الاثر البالغ ليس على الثورة الشعبية واجهاضها من قبل القوى الولائية المسلحة فحسب، وانما ايظا على المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة بعدم اغتنامها الفرصة لتبديل المعادلة التي تحققت بعد ال2003 لصالح ايران والقوى الموالية لها على حساب العراق ودول المنطقة ، اليوم نجد الولايات المتحدة غارقة في بحر اخطائها الاستراتيجية وماقامت به بالعراق بأعتمادها الاسلوب القذر والخبيث بتخادمها المشين مع ايران لتدمير العراق ومرتكزات قوته التي كانت تشكل قاعدة الارتكاز في المعادلة الاقليمية التي كانت قائمة قبل ال2003 ولتي اصبحت الان مفقودة تماما امام النفوذ الإيراني الذي وجد الباب مفتوحا امامة بفضل الولايات المتحدة ودورها غير المدروس بقلب موازين القوى الذي اصبحت امريكا غارقة فيه للحد انها ضاقت ذرعا من سياسة ايران ونفوذها المقلق لها بالمنطقة!!

كان من الممكن معالجة ذلك الخطأ الكبير بتعديل المسار بالنظام السياسي بدعم الثورة الشعبية باعتبارها خيارا شعبيا وقانونيا قويا يمكن الاستناد الية باعادة العراق الى مكانته الصحيحة واخراج العراق من قوى السلاح والهيمنة الايرانية ،
شعبنا مدرك تماما ان ضياع تلك الفرصة التي شكلت احباطا شعبيا كبيرا وواسعا ليس من المجتمع الدولي فقط وانما من جميع القوى السياسية التي اصبحت عبارة عن دكاكين تبيع الخدمة لمن يشتري على حساب العراق وشعبه العظيم ،
بدلالة مانراه اليوم من واقع سياسي واقتصادي وامني مزري لايليق بالعراق ومكانته الدولية،
حيث لازالت معادلة القتل والفساد هي التي تحكم العملية السياسية في العراق ، والقوى السياسيىة “المسلحة” تنظر إلى من يعارضها بمنظار الخلاص منه بشتى انواع الابعاد والقتل كونها تدافع عن وجودها امام قوى الشعب الخيرة مهما كلف الامر ، لأنها تعلم انها بدون السلطة والاستحواء على المال العام لاتستطيع المطاولة والحياة ، وان مصيرها مواجهة العدالة ، بملفات القتل والفساد والعمالة ،
الولايات المتحدة ليس لديها الحل لمشاكل العراق المتراكمة، ولا يمكنها تخفيف إحباط العراقيين من الحكومة غير المستجيبة وليس باستطاعتها الان بعد تمكن قوى السلاح من الهيمنة على جميع مؤسسات ومفاصل الدولة كما انها غير مؤهلة بعد ما آلت اليه العلاقة بينها وبين احزاب السلطة وفصائلها الموالية لطهران التي وصلت الى طريق مسدود ان تلعب دورا بارزا وحيويا للوثوق مجددا بالعملية السياسية المختطفة من قبل ايران التي رعتها الولايات المتحدة بنفسها لتحصد هذا الفشل القاتل من جراء سياساتها المتخبطة والغامضة طيلة الفترة الماضية واصبحت الان اول من يعانون والمتأثرين منها!!! وربما سيدفعها الامر لمغادرة العراق على غرار تجربتهم في افغانستان خاصةً بعد ان استطاعت ايران بجعل الولايات المتحدة ان تفقد السيطرة تماما على زمام الامور بقيادة النظام السياسي ومحركاتة وان ايران هي من تحرك النشاط السياسي وبناء المواقف ازاء الاحداث الجارية بالمنطقة والعراق بوجه الخصوص ،
الامر الذي يشير ان العراق اصبح بدائرة الخطر الحقيقي وفاقد للجهوزية لمواجهة الاخطار التي تحيط به من كل حدب وصوب بعد ان حولته ايران الى ساحة صراع ومواجهة غير متكافئة نيابة عنها ،
العراق الان هو ميدان تبادل الرسائل العنيفة والخشنة بين الولايات المتحدة وإيران وهو يدفع ثمن صراع القوتين بالحالتين في حربهما وتفاهماتهما بمعنى ان العراق هو الخسران الوحيد في جميع الاحوال وفي تلك الحالة اصبحنا في حالة يرثى لها بعد ان أفقدتنا تلك الصراعات قرارنا السياسي والوطني،
ليس للشعب خيارات متاحة بعد الان الا بتجديد الانتقاضة واغتنام الفرصة واستغلال الاحداث المتسارعة من حوله ليصبح شعبنا احد واهم اطراف المعادلة وعدم السماح بتجاوزه .

التعليقات معطلة.