وسط مخاوف من إلحاق الضرر بالاقتصاد والعلاقات الدولية
أثارت الإعلانات المتذبذبة حول الرسوم الجمركية حالة من الارتباك في «وول ستريت»؛ حيث قال المستثمرون إن تحركات إدارة ترمب المتقلبة في إلغاء الرسوم على الشركاء التجاريين تسببت في مزيد من الارتباك بدلاً من تقديم التخفيف الذي كان يُنتظر.
وانخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 4.3 في المائة منذ تولي الرئيس دونالد ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، مع كون الرسوم الجمركية واحدة من القضايا الرئيسية التي تثير قلق المستثمرين؛ حيث يعتقد الكثيرون أن هذه الرسوم يمكن أن تضر بالنمو الاقتصادي وتؤدي إلى زيادة التضخم، وفق «رويترز».
وقال آرت هوغان، استراتيجي السوق في «بي رايلي»: «يبدو أن الإدارة تحاول لعب كرة الطاولة من خلال الإعلان عن شيء ما ثم التراجع عن التعريفات الجمركية، ولكن هذه المرة هذه الاستراتيجية لم تنجح».
وجاءت عمليات البيع العنيفة في الأسهم يوم الخميس بعد أن استثنى ترمب بعض السلع من كندا والمكسيك لمدة شهر من الرسوم الجمركية بنسبة 25 في المائة التي فرضها في وقت سابق من هذا الأسبوع. وكان مؤشر «ناسداك» قد انخفض بنسبة 2.6 في المائة في ذلك اليوم، مما أظهر أنه في مرحلة التصحيح منذ أغلق عند أعلى مستوى له في 16 ديسمبر (كانون الأول).
وجاء الإعلان الأخير بشأن الرسوم الجمركية ليقدم بعض التخفيف للأسواق، لكن تجار «وول ستريت» ما زالوا يتساءلون كيف ستؤثر سياسة تجارية قائمة على الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأوسع.
ويرى ترمب أن الرسوم الجمركية وسيلة لزيادة إيرادات البلاد وتعزيز النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى كونها أداة تفاوضية مع الدول الأخرى، لكن المستثمرين يخشون أن تؤدي السياسات التجارية إلى تدهور ثقة المستهلكين وتجميد الإنفاق الرأسمالي للشركات.
وقال بيل ستيرلينغ، الاستراتيجي العالمي في شركة «جي دبليو آند كيه» لإدارة الاستثمار، إن «الاستجابة الاقتصادية المنطقية لقادة الأعمال عندما تكون هناك درجة عالية من عدم اليقين هي الانتظار وتأجيل القرارات».
أغلق مؤشر التقلبات، الذي يقيس الخوف في «وول ستريت»، يوم الخميس، عند أعلى مستوى له منذ 18 ديسمبر، عند 24.87.
ضباب من الارتباك
بدأ الإعلان الأول لترمب في 1 فبراير (شباط) عندما وقع أوامر تنفيذية بشأن الواردات من كندا والمكسيك والصين. ومنذ ذلك الحين، تراجعت الإدارة عن بعض التدابير فقط لتؤكدها مجدداً ثم تتراجع مرة أخرى.
ويؤدي غياب الوضوح إلى قيام المستثمرين بتصفية مراكزهم في الأسهم.
وقال بريان جاكوبسن، كبير خبراء الاقتصاد في مؤسسة «أنيكس» لإدارة الثروات: «قد تكون التعريفات المتقلبة أسوأ من مجرد التنفيذ النهائي للتعريفات. لم يتم حل حالة عدم اليقين، بل إنها مجرد حالة ممتدة».
كما يخشى بعض المشاركين في السوق أن يكون لسياسة التجارة التي يتبعها ترمب تأثيرات أوسع على العلاقات الدبلوماسية الأميركية، وفقاً لما ذكره دينيس ديك، أحد المتداولين في «تريبل دي ترايدينغ».
وأعلنت الصين، يوم الأربعاء، عن مزيد من التحفيز لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية، بينما بدأ القادة الأوروبيون في إعادة التفكير في كيفية تمويل أمنهم الخاص؛ حيث اتفقت الحكومة الألمانية القادمة على أكبر إصلاح للسياسة المالية منذ توحيد البلاد.
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، يوم الخميس، إن بلاده ستكون في حالة حرب تجارية مع الولايات المتحدة في المستقبل المنظور.
وبدأ المستثمرون في التساؤل عما إذا كان ترمب سيكرر النهج الأكثر صداقة للأسواق من إدارته الأولى، ما يُعرف بـ«ترمب بوت».
وقال جين غولدمان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «سيتيرا» لإدارة الاستثمار: «تحول الارتفاع في أسعار الأسهم في عهد ترمب الآن إلى تراجع».