يتَّجه العراق إلى تنويع مصادر دخله وتعزيز القِطاعات غير النفطيَّة، حيثُ ظهر مشروع توطين المعادن الثَّمينة ضِمن أبرز المشاريع في هذا الطَّريق. ويحتلُّ العراق المركز الـ(28) عالَميًّا والرَّابع عربيًّا ـ بعد السُّعوديَّة ولبنان والجزائر ـ في تصنيف الدوَل الأعلى في احتياطات الذَّهب في العالَم، حسب المجلس العالَمي للذَّهب.
ووفقًا لآخر جدول فإنَّ «العراق رفعَ حيازته من الذَّهب إلى (162.7) طن، ممَّا يُمثِّل (12.7%) من إجمالي احتياطاته الأخرى. كما حلَّ البنك المركزي العراقي بالمركز الأوَّل عربيًّا والسَّابع عالَميًّا على قائمة البنوك المركزيَّة الأكثر شراءً للذَّهب عام 2024، حسب بيانات مجلس الذَّهب العالَمي.
إنَّ خطط العراق في المجال الصِّناعي، خصوصًا توجُّهه نَحْوَ توطين المعادن الثَّمينة، ستُمثِّل نقلةً نَوعيَّة للعراق، وستجعله يُحقِّق قفزات على المستوى العالَمي في هذا المجال؛ لأنَّ أرض العراق تحتوي على المواد الأوَّليَّة الكافية والفائضة عن الحاجة للانطلاق بمِثل هذه المشاريع.
ويُعَدُّ العراق بلدًا غنيًّا بثرواته المعدنيَّة المتنوِّعة، حيثُ تنتشر هذه الثَّروات في مختلف محافظاته، وتُعَدُّ محافظة الأنبار أغنى المحافظات في هذا المجال.
المسوحات الميدانيَّة كشفتْ عن توافر احتياطات هائلة ومؤكَّدة من الفوسفات تبلغ نَحْوَ مليارَي طن مؤكَّدة وغير مستثمَرة، مع وجود كميَّات غير مؤكَّدة قَدْ تتجاوز (7) مليارات طن.
ويتركز الحديد، بشكلٍ خاصٍّ في صحراء جنوب غرب الأنبار، حيثُ يقدَّر الاحتياطي تحت الأرض بنَحْوِ (60) مليون طن.
كما تتمتَّع محافظة الأنبار كذلك باحتياطي كبير من اليورانيوم في منطقة عكاشات ضِمن تشكيلات طبقات الفوسفات في الصحراء الغربيَّة. أمَّا معدن الذَّهب فيوجد في محافظتَي الأنبار وغرب نينوى. كما تتركز كميَّات هائلة من الكبريت في الأنبار وصلاح الدين ونينوى وتُقدَّر الاحتياطات بأكثر من (600) مليون طن.
ويرَى متابعون أنَّ تنشيط قِطاع توطين المعادن الثَّمينة سيكُونُ له دَوْر فعَّال في إخراج العراق من الاعتماد الكُلِّي على النِّفط كمصدر رئيسٍ لواردات الموازنة.
لم تفلحِ الحكومات العراقيَّة في استثمار الثَّروات المعدنيَّة الأخرى غير النِّفط، ما جعل العراق رهينةً لعمليَّات تصدير النِّفط الَّذي يُشكِّل المصدر الرَّئيس لموازنة البلاد بأكثر من (95%).
كثيرة هي الثَّروات المعدنيَّة الَّتي يحظى بها العراق واكتشفتْ بخبرات محليَّة، بأيادٍ عراقيَّة منذُ عام 1966، وأنَّ الاكتشافات الخاصَّة بامتلاك العراق الاحتياطي الأوَّل في العالَم من الكبريت والاحتياطي الثَّاني بعد المغرب من الفوسفات.
وذكَر بحثٌ نشره مركز الرَّوابط للبحوث والدِّراسات الاستراتيجيَّة مؤخرًا أنَّ العراق بلدٌ غني بثرواته المعدنيَّة المتنوِّعة الَّتي تنتشر في كثير من محافظاته، مشيرًا إلى أنَّ محافظة الأنبار تُعَدُّ الأغنى في مجال الثَّروة المعدنيَّة.
والسُّؤال: هل تصبح الثَّروات المعدنيَّة موردًا رئيسًا بعد نضوب النِّفط؟
الجواب: تقارير الاقتصاد العالَمي تؤكِّد أنَّ الثَّروة النِّفطيَّة قابلة للنُّضوب مع احتماليَّة تراجُع الطَّلب إلى حدٍّ كبير في السِّنين القليلة القادمة، بإمكانيَّة أن تصبحَ المعادن الموجودة في العراق موردًا رئيسًا بعد نضوب النِّفط أو انخفاض أسعاره مستقبلًا.
وكانتِ الحكومة العراقيَّة وضعتْ عام 1981 خطَّة مستقبليَّة للبلاد، تُفيد بأنَّ استثمار جميع الثَّروات المعدنيَّة والغازيَّة في البلاد سيكُونُ من نصيب أجيال ما بعد عام 2050.
ورغم تصدُّر العراق مراتب متقدِّمة في امتلاكه ثروات هائلة، فإنَّ المشهد يكشف عن صورة مغايرة لِمَا نشهده اليوم لِنرى شبَّانًا عراقيِّين يبحثون عن المعادن الثَّمينة في الأنهار والبراري في ظلِّ ضآلة فرص العمل وغياب مشاريع التشغيل إلى البحث عن الذَّهب في الصَّحراء والسُّهول والأنهار.
أحمد صبري
كاتب عراقي
a_ahmed213@yahoo.com