مقالات

المغتربون الأردنيون وإدعاءت الإستثمار في التجنيس

 
 
 
خالد عياصرة
“ تم ضربي بالحيط في الوزارت أربع مرات خلال هذا الاسبوع “. هكذا قال لي شاب أردني عائد من الولايات المتحدة للاستثمار في وطنه.
العبارة تكشف حقيقية الإستثمار، كما توضح آلية عمل الوزارات، الدراسات تشير الى وجود 1 مليون مغترب أردني حسب وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، ترتكز غالبية استثماراتهم في قطاع العقار والبورصات للأسف الشديد !
المغتربون كأولوية
خلال وجودي في أميركا، تعرفت على العديد من الأردنيين، أصحاب رؤوس الأموال والمشاريع الكبيرة في ولايات مثل أوهايو، الينويز و كاليفورنيا.
في إحدى اللقاءات قال لي صديقي : الأردن مقبرة رجال ومال ـ عله الان يقرأ الكلمات ويضحك – أي أن الأردن مهما حوى من رجال قادرين على القيادة والبناء يتم قبرهم وإنهاء أدوارهم لصالح فئات مسيطرة، ومهما دخلته أموال فإنها تُحرق نتيجة جشع المسؤولين وتحجر القوانين وتأخرها، عملياً لا يوجد اهتمام أو استجابة لمطالب المستثمرين الأردنيين. فالمسؤول عن الاستثمار يرى نفسه – غالباً – شريكاً في المشروع والرأسمال، هل يتوجب على المستثمر إرضاء بعض الوزراء والنواب وبعض أفراد الأجهزة الأمنية لتسهيل عمل المستثمر مثلاً ؟
في كل مرة، كنت أسال لماذا لا تستثمرون في الأردن، كنت أصعق من الإجابات: بعضها يتعلق بالمعيقات التي تفرضها الدولة على المستثمرين في حال تم البدأ بالمشروع، يشعر المستثمر بأنه دخل في متاهة وتورط في مستنقع لا متناهي من الأكاذيب.
غياب السفارات
صديق أخر قال بوضوح سياسي: كيف لي أن استثمر، حقوقي كمغترب مهضومة في وطني، أنا لا انتخب من يمثلني في مجلس النواب او البلديات. الحكومة تنظر لنا بإعتبارنا حمل زائد تم التخلص منه، وبنك يحول الأموال، ما نسمعه ليس إلا شعارات للإستهلاك الداخلي.
أما الجزء الأكبر يرفض الدخول في متهات الاستثمار في وطنه، لأن الحكومة و السفارة الأردنية في اميركا – كما السفارات الأردنية في بقية دول العالم – لا تكترث للجاليات هناك، السفارات لا تستسيغ التحدث معنا أو الرد على اتصالتنا.
حلقات وصل
الأردنيون في الخارج واعين جداً، يفرقون بين الإستثمار من أجل الشعب وغدٍ أفضل، وبين الاستثمار من أجل الحكومة التي تعتبرهم فريسة يمكن السيطرة عليها بسهولة !! هم أردنيون حد التعب وطنيون حد الأمل.
في عين السياق، خلال السنوات الماضية، تم عقد عدد من المؤتمرات للمغتربين، تطالع أسماء المشاركين تصاب بالإحباط، ما قيمة المضافة لغالبية هؤلاء أردنياً، في حين غاب عن المؤتمرات أسماءً تمتلك من المشاريع والإستثمارات داخل الولايات المتحدة ما تعجز الحكومة وهيئتها الإستثمارية عن احصائه.
ثمة حقيقة غائبة عن الحكومة، لا ترتبط بقيمة ما يملك الأردنيون في الخارج، بقدر ما تتصل بقيمة ما يعلمون، هم شبكات ممتدة من المعارف والمستثمرين، يمكن الرهان عليها، لإقناع المستثمرين الأجانب بدخول الأردن الى جانبهم.
أكتب اليوم بعدما اعلنت الحكومة عن مشروعها الجديد القائم علي منح الجنسية الأردنية للمستثمرين.
الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني قال: إن شروط منح الجنسية للمستثمر تتمثل بإيداع وديعة بقيمة مليون ونصف المليون دولار دون فائدة لخمس سنوات، أو شراء سندات خزينة بالقيمة ذاتها لمدة 10 سنوات، أو شراء أسهم بشركات أردنية متوسطة وصغيرة بمبلغ مليون دينار وبما لا يقل عن 5 سنوات.أو إنشاء أو تسجيل شركة برأسمال لا يقل عن مليون ونصف المليون دينار في المحافظات ومليوني دينار في عمان شريطة توفير 20 فرصة عمل للأردنيين مسجلين بالضمان ولمدة 3 سنوات.
الأستثمار في الأردنيين
لكن، هناك ما هو أحق بالأولوية من منح الجنسيات بهذا الأسلوب في هذا التوقيت، أولويات ترتكز على التواصل والوصول الى أبناء الأردن في العالم عموماً و اميركا على وجه الخصوص، لجمعهم وعقد مؤتمراً لهم، لتشجيعهم وتقديم الحوافز والتسهيلات لهم. خطوة كهذه كفيلة برفد خزينة الدولة بمئات الملايين من الدولارات إن تم تطبيقها بشكل علمي صحيح.
مؤسف حقاً أن يزور المسؤول الأردني الولايات المتحدة، للقاء المستثمرين اليهود هناك، لكنه لا يكلف نفسه عناء الإجتماع مع أبناء الجالية الأردنية هناك !!
الإستثمار في أبناء الأردن أولى من منح غيرهم الجنسيات، ما قد يتمخض عن ذلك فتحاً لأبواب الشرور نتيجة إذابة الهوية الأردنية، لصالح القادمين الجدد، دون مراعاة أن خطورة المرحلة وزحزحة الجغرافيا و الديمغرافيا المهولة في الإقليم، تجعل الدول في المنطقة تفكر ملياً قبل البدء في تطبيق هكذا مشروع، وإلا كانت الحكومة كما المزارع الذي توجه لزراعة أرضه بالتفاج بدلاً عن القمح !