اقتصادي

المغرب يسابق الزّمن لهدف الـ”مليون سيّارة”

سيارات معدة للتصدير في ميناء طنجة المغربي

يسابق المغرب الزمن، بعد دخوله ضمن نادي مُنتجي السيارات عالميا، من أجل رفع وتيرة تصنيعها  بهدف التصدير، وبما يُدر على البلاد عوائد مهمة جنباً إلى جنب مع مصادر النقد الأجنبي التقليدية الممثلة في عائدات صادرات الفوسفات وتحويلات المغاربة في الخارج وقطاع السياحة.

وفرض قطاع تصنيع السيارات نفسه رافدا مهما وأساسيا ضمن روافد العملة الصعبة للاقتصاد المغربي، وتُعول عليه البلاد في رفع معدلات النمو الاقتصادي ومواجهة التحديات المتزايدة، والناجمة عن العديد من المتغيرات الدولية والإقليمية، وحتى التحديات الداخلية الناتجة على سبيل المثال من أثر التغيرات المناخية وأزمة الجفاف في البلاد.

ويسعى المغرب إلى الوصول الى نادي المليون سيارة من ناحية التصنيع بحلول العام المقبل، مع مستهدفات طموحة لمضاعفة هذا الحجم في 2030، وهو ماضٍ في سبيل ذلك في استقطاب استثمارات قوية الى القطاع، مع حرص شركات عالمية – مثل رينو – على دخول السوق المغربية الزاخةر بالفرص الاستثمارية، ولما يتوافر فيها من إمكانات داعمة لنجاح تلك المشاريع.

وكانت قيمة صادرات صناعة السيارات في المغرب قبل جائحة كورونا في حدود الـ 10 مليارات دولار، فيما ارتفع ذلك المعدل ليتجاوز حاجز الـ 14 مليار دولار بحلول نهاية العام الماضي، بحسب وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور، على هامش فاعليات المؤتمر الوزاري الـ 13 لمنظمة التجارة العالمية في أبو ظبي.

قطاع حيوي

في تصريحات خاصة الى “النهار العربي”، يقول الخبير الاقتصادي المغربي إدريس العيساوي، إن المغرب يسعى إلى رفع عائدات قطاع تصنيع السيارات خلال العام الجاري إلى مستويات مرتفعة، بالاعتماد على الطفرة التي حققها في هذا القطاع في الآونة الأخيرة، مشيرا  إلى دور مصنع سيارات شركة رينو في ضواحي ميناء طنجة، وبأياد مغربية مؤهلة.

ويمتد إنتاج السيارات وتسويقها عبر سلسلة واسعة من القطاعات الاقتصادية، ما يسهم في توفير فرص العمل وتحفيز الابتكار والتطوير التكنولوجي. وتعتبر هذه الصناعة جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، وتتسم بتأثيرها الواسع على الإنتاج الصناعي والتجارة الدولية.

ويشدد الخبير الاقتصادي المغربي على أن بلاده تستهدف تعزيز الإنتاج والصادرات الى الدول الأفريقية والأوروبية، بما لذلك من عائدات مُهمة جداً على الاقتصاد المغربي، اذ يعد قطاع السيارات من القطاعات الواعدة التي تنبئ بمعدلات نمو أسرع. 

كما تسهم صناعة السيارات في بناء القدرات التصنيعية، اذ تتطلب   تكنولوجيا متقدمة ومهارات عالية، ما يسهم في نقل التكنولوجيا وتطوير القوى العاملة. كما تعتبر الشركات المصنعة للسيارات محركاً للابتكار في البلد، حيث يتم تطبيق أحدث التقنيات في إنتاج المركبات، ما يسهم في تحسين كفاءة الوقود وتقليل الانبعاثات البيئية.

يشار إلى أن صناعة السيارات تأتي في المرتبة الثانية ضمن القطاعات المصدرة في البلاد، خلف الفوسفات ومشتقاته. لكن الأخير سجل تراجعاً بنسبة 34 في المئة في العام الماضي، انخفاضاً إلى 76 مليار درهم (نحو 7.6 مليارات دولار).

ويصل معدل إنتاج السيارات في المغرب حالياً إلى 700 ألف سيارة. ويستهدف البلد زيادة وتيرة الإنتاج وصولاً إلى مليون سيارة بحلول 2025، ومليوني سيارة في أفق عام 2030، بحسب وزير الصناعة والتجارة المغربي.

البطاريات

ويسارع المغرب الخطى أيضا على صعيد تطوير بطاريات الشحن للسيارات الكهربائية، والتي تندرج ضمن الأولويات الرئيسية للبلاد، خصوصا أنه سيتم منع بيع السيارات التي تعمل بالديزل والطاقة التقليدية في أوروبا بحلول سنة 2035.

وتكشف الإحصاءات أن صادرات السيارات في الغرب شكلت قرابة ثلث صادرات البلاد في العام الماضي 2023، وفق مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، وبقيمة 141.763 مليار درهم (نحو 14 مليار دولار)، مقارنة بـ111.281 مليار درهم (نحو 11 مليار دولار) في عام 2022، وبما يُشكل ارتفاعاً نسبته 27.39 في المئة على أساس سنوي، في وقت تنشط فيه مصانع تابعة لـ”ستيلانتس” و”رينو” بمستوى غير مسبوق.

وبلغت قيمة الصادرات المغربية الكلية حدود 429.31 مليار درهم بنهاية 2023، مقابل 428.612 مليار درهم بنهاية عام 2022، وبنسبة ارتفاع 0.16 في المئة.

وفيما كان البنك الدولي قد أشار في تقرير سابق إلى أن “الاقتصاد المغربي صار أكثر قدرة على الصمود”، يعتقد الخبير الاقتصادي المغربي إدريس العيساوي، أن ثمة مجموعة من العوامل التي عززت ذلك الصمود، بما فيها التطور في القطاع الصناعي، وقطاع تصنيع السيارات كقطاع متكامل في المغرب، والذي يعول عليه كثيراً في الإسهام بتعظيم العوائد، سواء لجهة تصدير السيارات كاملة أو أجزاء منها (قطع الغيار).

وتوفر صناعة السيارات فرص عمل كثيرة، سواء في عمليات الإنتاج أم في القطاعات الخدمية المرتبطة بها، ما يعزز التوظيف ويسهم في تقليل معدلات البطالة. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي الاستثمارات في صناعة السيارات إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز التنمية المستدامة.