مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، تتجه الأنظار إلى القمة المرتقبة بينه وبين فلاديمير بوتين، والتي قد تعيد تشكيل توازنات القوى في العالم. وبينما تحمل هذه القمة ملفات معقدة تمتد من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، تبرز المملكة العربية السعودية كوجهة محورية في حلحلة هذه التعقيدات، مستفيدةً من موقعها الاستراتيجي ودورها المتنامي كوسيط عالمي.
لماذا السعودية؟
السعودية لم تعد مجرد قوة إقليمية، بل أصبحت ركيزة أساسية في رسم السياسات الدولية، خاصة بعد أن عززت نفوذها من خلال سياسات التوازن التي تتبعها في علاقاتها مع كلٍّ من واشنطن وموسكو وبكين. هذه المرونة تجعلها الوجهة المثالية لحلحلة الملفات العالقة بين ترامب وبوتين، سواء في القضايا الاقتصادية أو الأمنية.
الملفات التي قد تلعب فيها السعودية دورًا محوريًا:
1. سوق الطاقة: نقطة تقاطع المصالح
يعتبر ملف الطاقة أحد أهم محاور القمة، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى خفض أسعار النفط للحد من الضغوط الاقتصادية، بينما تحتاج روسيا إلى إبقاء الأسعار مرتفعة لتعويض خسائرها الناتجة عن العقوبات الغربية.
السعودية، بصفتها القائد الفعلي لأوبك+، تمتلك القدرة على ضبط السوق عبر زيادة أو تقليل الإنتاج، مما يجعلها مفتاحًا لأي اتفاق بين واشنطن وموسكو بشأن مستقبل النفط والغاز.
2. الملف الإيراني: تقليم أظافر طهران
إحدى النقاط الشائكة بين ترامب وبوتين هي كيفية التعامل مع إيران، خاصة بعد أن أصبحت طهران ورقة ضغط روسية في صراعها مع الغرب.
السعودية، التي خاضت جولات تفاوضية مع إيران، قد تلعب دورًا في صياغة تفاهمات تضمن تقليص نفوذ طهران في سوريا واليمن والعراق، مقابل ترتيبات أمنية تضمن استقرار المنطقة.
3. إعادة رسم الخريطة في الشرق الأوسط
التحركات الدبلوماسية الأخيرة للمملكة، خاصة في ملفي التطبيع مع إسرائيل والتقارب مع تركيا وسوريا، تجعلها مؤهلة لتكون وسيطًا رئيسيًا في أي ترتيبات جديدة قد تنتج عن التفاهمات الأميركية-الروسية.
4. التوازن بين القوى الكبرى “شريك لا تابع”
السعودية لم تعد تتحرك ضمن تحالف تقليدي مع واشنطن فقط، بل عززت علاقاتها مع روسيا والصين في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والطاقة، مما يجعلها في موقع تفاوضي قوي بين القوى الكبرى، وهو ما قد يجعلها منصة مثالية لعقد لقاءات غير معلنة أو مفاوضات جانبية على هامش القمة.
هل تستضيف السعودية قمة ثلاثية؟
هناك تكهنات بأن تلعب الرياض دورًا مباشرًا في التمهيد لقمة ثلاثية تجمع ترامب وبوتين مع القيادة السعودية، بهدف تقديم ضمانات اقتصادية وأمنية تدعم أي اتفاق مستقبلي بين القوتين العظميين.
وسط تعقيدات المشهد الدولي، تثبت المملكة العربية السعودية أنها ليست مجرد لاعب إقليمي، بل قبلة الحلول المعقدة، حيث تمتلك الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية التي تجعلها شريكًا لا غنى عنه في هندسة التفاهمات الدولية. ومع تزايد احتمالات إعادة تشكيل التحالفات، قد تصبح الرياض نقطة التقاء المصالح المتضاربة، ليس فقط بين ترامب وبوتين، ولكن بين القوى الكبرى كافة.
ان نجاح الوساطة السعودية في صفقة تبادل السجناء بين واشنطن وموسكو ليس مجرد حدث عابر، بل يعكس استراتيجية سعودية مدروسة تهدف إلى تعزيز دورها كقوة دولية مؤثرة، خاصة في ظل الاستعدادات للقمة المرتقبة بين ترامب وبوتين في المملكة .
لم تعد السعودية مجرد قوة إقليمية، بل أصبحت رقمًا صعبًا في معادلات السياسة الدولية. نجاحها الأخير في الوساطة بين واشنطن وموسكو قد يكون مقدمة لدور أكثر تأثيرًا في القمة المقبلة بين ترامب وبوتين، وربما حتى في إعادة رسم ملامح النظام العالمي في المرحلة المقبلة،
تعزيز دور الرياض في إعادة ترتيب الملفات العالقة
السعودية يمكن أن تستثمر هذا النجاح في ملفات أكثر تعقيدًا، مثل الأزمة الأوكرانية، ومستقبل النفوذ الإيراني، واستقرار أسواق الطاقة .