المملكة تُطالب مَجلس الأمن بمُحاسبة إسرائيل

4

د. إبراهيم النحاس
 

 

إن المطالبات الدولية بأهمية ووجوب مُحاسبة إسرائيل على تجاوزاتها للقانون الدولي، وانتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني، وعدم اعترافها بحقوق الإنسان، تتسق تماماً مع القيم السَّامية، والمبادئ النبيلة، التي تدعو لها الشعوب والمجتمعات والدول المحبة للسلام والاستقرار والازدهار..

هل يرى مجلس الأمن الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة مُنذُ الـ 7 من أكتوبر 2023م؟ وهل يرى مجلس الأمن الإبادة الجماعية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية على سكان قطاع غزة مُنذُ الـ 7 من أكتوبر 2023م؟ وهل يرى مجلس الأمن الممارسات المتطرفة والإرهابية التي تمارسها إسرائيل تجاه الفلسطينيين في الأراضي التي تديرها السلطة الفلسطينية؟ وهل يرى مجلس الأمن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تمارسها إسرائيل تجاه الفلسطينيين؟ وهل يرى مجلس الأمن الانتهاكات الإسرائيلية لقواعد القانون الدولي التي تمارسها تجاه الأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان؟ وهل يرى مجلس الأمن التجاوزات القانونية والأمنية والعسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية تجاه المدنيين، والمنشآت المدنية، في فلسطين وسورية ولبنان؟ وهل يرى مجلس الأمن التعديات والانتهاكات التي تمارسها إسرائيل عبر مسؤوليها وقواتها الأمنية للمقدسات الدينية في القدس؟ وهل يعلم مجلس الأمن بتجاهل إسرائيل لجميع القرارات الدولية الداعية لإنهاء الصراع والمؤيدة لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية؟ وهل يؤمن مجلس الأمن بقواعد القانون الدولي التي أقرتها الأمم المتحدة وصادقت عليها جميع الدول عند انضمامها للهيئة الدولية؟ وهل يؤمن مجلس الأمن بالقانون الدولي الإنساني وما يتعلق به من أنظمه وقوانين تدعو لاحترام حقوق الإنسان أياً كان دينه ولونه وعرقه وحضارته؟ وهل يؤمن مجلس الأمن بحق تقرير المصير للشعوب الواقعة تحت الاحتلال العسكري، وحقها في إقامة نظامها السياسي الذي تراه مناسباً لها؟ وهل يؤمن مجلس الأمن بالحقوق المتساوية لجميع الشعوب والحضارات والثقافات أمام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؟ وهل يؤمن مجلس الأمن بأهمية السلام والاستقرار الذي يجب أن يسود في المجتمع الدولي؟ وهل يؤمن مجلس الأمن بأهمية التنمية والتطوير والبناء المؤدي للازدهار والرفاه والرخاء لجميع الشعوب والمجتمعات والدول؟ وهل يؤمن مجلس الأمن بأهمية تعزيز النماذج الدولية الإيجابية والبناءة، ومحاسبة النماذج الدولية السلبية والهدامة؟ هذه التساؤلات، وغيرها كثير، تطرحها الشعوب والمجتمعات والدول المُحبة للسَّلام والاستقرار والإزدهار، والمُؤمنة حقيقةً بالتنمية والتطوير والبناء، والراغبة في توحيد الجهود الدولية لتعزيز الأمن والسَّلام والاستقرار الدولي والعالمي. وإذا كانت هذه التساؤلات تطرحها الشعوب المُحبة للسَّلام والمؤمنة بالتنمية والراغبة بالاستقرار الدولي والعالمي، فإنها في الوقت نفسه تُطالب مجلس الأمن بوجوب مُحاسبة كل من يعمل على تجاوز هذه القيم الدولية السَّامية، ويسعى لتدمير هذه المبادئ الإنسانية النبيلة، ويتجاهل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. نعم، إن المُطالبة التي ترفعها الشعوب والمجتمعات والدول بأهمية مُحاسبة جميع الحكومات والدول التي تتجاوز القانون الدولي تمثل أهمية كبيرة للمحافظة على الأمن والسلام والاستقرار الدولي الذي من أجله تأسست هيئة الأمم المتحدة وأجهزتها الرئيسة بنهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م. وإذا كانت الأمثلة التاريخية المُؤكدة على أهمية مُحاسبة الحكومات والدول التي تتجاوز القانون الدولي أثبتت فعاليتها وإيجابيتها على الأمن والسلام والاستقرار الدولي، فإن المطالب الدولية قائمة، في وقتنا الراهن، على أهمية محاسبة إسرائيل على تجاوزاتها لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني تجاه الفلسطينيين، وتجاه الأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان، وكذلك استمرارية رفضها لعملية السَّلام التي من شأنها إنهاء الصراع التاريخي بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. وإذا كانت جميع الدول المحبة للسَّلام، والراغبة في البناء، والمؤيدة لقواعد القانون الدولي، تُطالب بمُحاسبة إسرائيل على تجاوزاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فإن المملكة العربية السعودية تأتي على رأس هذه الدول إيماناً منها بأهمية المحافظة على السَّلام والاستقرار الدولي، وحرصاً منها على أهمية المحافظة على حقوق الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية وجرائم حرب تمارسها عليه قوات الاحتلال الإسرائيلية.

نعم، لقد عبَّرت المملكة العربية السعودية، من خلال البيانات الرسمية الصَّادرة عن وزارة الخارجية، عن مواقفها السياسية التي تدين فيها السياسات الإسرائيلية، والممارسات المتطرفة لقوات الأمن والدفاع الإسرائيلية، تجاه أبناء الشعب الفلسطيني، وتجاه المقدسات الدينية في القدس، وتجاه الأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان. وهذه الإدانات السياسية التي تضمنتها البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية جاءت معبرة تماماً عن القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، والقرارات الدولية الصَّادرة عن الأمم المتحدة، وما تضمنته مُبادرة السَّلام العربية، وغيرها من مساعٍ دولية بناءة هدفها تعزيز الأمن والسَّلام والاستقرار الدولي على جميع المستويات الدولية. نعم، إن كل شعب، وكل مجتمع، وكل دولة، محبة للسلام والاستقرار، وداعمة لحقوق الإنسان، ومؤيدة لقواعد القانون الدولي، ستجد في البيانات الصادرة عن وزارة الخارجية كل ما يعبر عن توجهاتهم البناءة، وأهدافهم السامية، وغاياتهم النبيلة، الداعية لتعزيز السلام والاستقرار والازدهار الدولي والعالمي، وكذلك المحافظة على حقوق الإنسان وكرامته، ومن ذلك ما تضمنه البيان الصادر عن وزارة الخارجية في 2 إبريل 2025م، وجاء فيه، الآتي: “تعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية بأشد العبارات اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى المبارك بحماية من شرطة الاحتلال، وإخراج المصلين منه، مجددةً استنكارها لاستمرار الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على حرمة المسجد الأقصى. كما تعرب الوزارة عن إدانة المملكة لاستهداف قوات الاحتلال الإسرائيلية لعيادة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، مستنكرة مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهداف المنظمات الأممية والإغاثية والعاملين فيها. والمملكة إذ تدين هذه الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، لتؤكد رفضها القاطع لكل ما من شأنه المساس بالوضع التاريخي والقانوني للقدس ومقدساتها. وتؤكد المملكة على ضرورة حماية المنظمات الأممية والإغاثية والعاملين فيها، مهيبة بالمجتمع الدولي ضرورة وضع حدّ لآلة الحرب الإسرائيلية التي لا تراعي أي قيم إنسانية ولا قوانين أو أعراف دولية، ومحاسبة سلطات الاحتلال الإسرائيلية على انتهاكاتها كافة. وتجدد المملكة تحذيرها من أن فشل المجتمع الدولي في ردع مثل هذه الانتهاكات الخطيرة والمستمرة سيضائل من فرص تحقيق السلام المنشود، ويسهم في تراجع مصداقية وشرعية قواعد القانون الدولي وينعكس سلباً على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.”، وكذلك البيان الصادر عن وزارة الخارجية في 03 إبريل 2025م، وجاء فيه، الآتي: “تعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية واستنكارها الشديدين للغارات الإسرائيلية، التي استهدفت خمس مناطق مختلفة في الجمهورية العربية السورية الشقيقة، والتي أدت إلى إصابة العشرات من المدنيين والعسكريين، مجددةً المملكة رفضها القاطع لمحاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلية تهديد أمن واستقرار سورية والمنطقة من خلال انتهاكاتها للقوانين الدولية. وتشددت المملكة على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي وخاصةً الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بدورهم، والوقوف بشكلٍ جاد وحازم أمام هذه الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في سورية والمنطقة، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية عليها.”، وأيضاً البيان الصادر عن وزارة الخارجية في 04 إبريل 2025م، وجاء فيه، الآتي: “تعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية واستنكارها بأشد العبارات للتصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرار استهداف المدنيين العزّل ومناطق إيوائهم وقتل العشرات، بما في ذلك استهداف مدرسة دار الأرقم التي تؤوي النازحين في غزة، كما تدين المملكة استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلية وتدميرها لمستودع تابع للمركز السعودي للثقافة والتراث في منطقة موراج شرق رفح، وما يحتويه من مستلزمات طبية كانت مخصصة لتلبية احتياجات المرضى والمصابين في قطاع غزة. إن غياب آليات المحاسبة الدولية الرادعة للعنف والدمار الإسرائيلي أتاح لسلطات الاحتلال الإسرائيلية وقواتها الإمعان في انتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستمرار غياب آليات المحاسبة الدولية يزيد من حدة العدوان والانتهاكات الإسرائيلية، ويهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتؤكد المملكة مجددًا الأهمية القصوى لاضطلاع الدول الأعضاء في مجلس الأمن بدورهم في وضع حد للمأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق.”.

وفي الختام من الأهمية القول: إن المطالبات الدولية بأهمية ووجوب مُحاسبة إسرائيل على تجاوزاتها للقانون الدولي، وانتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني، وعدم اعترافها بحقوق الإنسان، تتسق تماماً مع القيم السَّامية، والمبادئ النبيلة، التي تدعو لها الشعوب والمجتمعات والدول المحبة للسلام والاستقرار والازدهار، والساعية لوقف الصراعات والنزاعات والحروب المدمرة للمجتمعات. نعم، إن مطالبة المملكة العربية السعودية لمجلس الأمن بأهمية محاسبة إسرائيل على تجاوزاتها للقانون الدولي وانتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني من شأنه أن يدفع إسرائيل للبدء بعملية السلام، وينهي حالة الصراع المدمرة، ويساعد تدريجياً في إعادة الثقة الشعبية والدولية بمجلس الأمن وبتوجهات أعضائه الدائمين.

التعليقات معطلة.