تناول المستشار البارز لدى المجلس الأطلسي هارلان أولمان في مقال بمجلة “ذا هيل” الأمريكية ظاهرة المناطيد الصينية التي حلقت في أجواء الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، قائلاً إن منطاد التجسس الصيني ليس أزمة من طراز “بيرل هاربور”. لكن إذا قيست على مقياس ريختر السياسي، فإنها ربما سجلت 10 درجات على سلم من 10 درجات.
ويقول أولمان في “ذا هيل” إن معظم الأمريكيين لا يفهمون كيف أن منطاداً ضخماً، من المفترض أن يكون بحجم يعادل حجم 3 باصات، يسمح له بممر آمن فوق أمريكا لمدة أسبوع قبل أن أنهى صاروخ سايدوندر رحلته.
ومنذ أسقطت مقاتلة من طراز إف-22 المنطاد قبل أسبوع، أعلن البنتاغون إنه أسقط “جسماً بحجم سيارة” كان يحلق على ارتفاع 40 ألف قدم فوق آلاسكا. ولم تنشر تفاصيل أخرى عن هذا الجسم مذاك. ومن ثم تم إسقاط “جسم” ثالث فوق كندا السبت، ومن ثم جسماً رابعاً في وقت لاحق.
ومن أجل تحديد ماذا يحدث ولماذا، طرح الكاتب سلسلة أسئلة تتعلق بالمنطاد الأول. ماذا كان يحمل هذا الجسم الذي هو بحجم ثلاثة باصات؟ هل أطلقت الصين المنطاد كي تؤثر على خطاب حال الإتحاد للرئيس جو بايدن وعلى زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المعلقة لبكين. أم كان ذلك كله محض صدفة؟
هل كان شي يعلم؟
فضلاً عن ذلك، هل كان الرئيس الصيني شي جين بينغ يعلم بالعملية أو أجاز تنفيذها؟ أم أنها كانت أمراً شبيهاً بما حدث عام 1963 عندما كان الرئيس دوايت أيزنهاور يجهل برحلات طائرات التجسس يو-2 فوق روسيا ونفى أول الأمر إسقاط إحدى هذه الطائرات التي كان يقودها غاري فرنسيس باورز، مما فرض إلغاء قمة مع الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشيف عامذاك؟
من الصور، يتبين وجود ألواح شمسية تشكل معظم الحمولة الخارجية للمنطاد. وعلاوة على ذلك هناك الأجهزة الخاصة بجمع المعلومات و350 باونداً من غاز الهيليوم الضروري لتغيير الارتفاع.
وعلى افتراض أنه كان منطاداً للطقس، مثلما تزعم الصين، يسأل الكاتب: “هل سنعرف ذلك؟”.
تنص خطط الطوارئ على أنه مع دخول منطقة تعريف الهوية للدفاع الجوي، فإن هناك قواعد يجب تطبيقها. إذا ما كان المنتهك لديه نيات عدوانية، يتعين استخدام القوة القاتلة ضده.
هذا لم يحدث للمنطاد، لكن ماذا عن “الجسم” الذي كان يحلق على إرتفاع 40 ألف قدم، الذي كان يمكن أن يشكل خطراً على الملاحة الجوية؟
كما أن أسئلة سياسية أخرى تحتاج إلى أجوبة، على غرار لماذا ألغى بلينكن زيارته؟ لقد كان من المناسب لبايدن أو بلينكن مواجهة شي جين بينغ بما إذا كانت رحلات المناطيد مجازة من قبله.
تحقيق شامل وضروري
قد لا تتكشف قريباً كل الظروف التي أحاطت بالحوادث الأربعة. لكن في كل حالة يجب أن يكون ثمة تحقيق شامل وضروري. كما أن التحقيقات يجب أن تبدأ فوراً وأن تستكمل في أقرب وقت ممكن، أي في أسابيع، لا في سنوات.
ذهبت الولايات المتحدة إلى الحرب في فيتنام بذريعة هجمات بحرية لم تحدث في خليج تونكين في أغسطس (آب) 1964. والعراق لم يكن يضم أسلحة للدمار الشامل قبل 20 عاماً. ولذلك، قبل أن يتوصل الرئيس والكونغرس والرأي العام إلى أي استنتاجات، يتعين إستجلاء الحقائق المتعلقة بالحوادث الأربعة.