حسن فليح / محلل سياسي
الجزء الثالث
الايراني ليس عدوا لامريكا ويمكننا القول بانّ الدولتين، امريكا وإيران، حليفتان في السرّ عدوتان في العلن ، وتعملان في اتجاه واحد في الشرق الاوسط كلا حسب اختصاصه لتدمير المنطقة واضعافها من اجل الهيمنة عليها ومصادرة ثرواتها، فكيف لنا ان نفسر التغاضي الامريكي عن التمدد والنفوذ الايراني في العراق وسوريا والبنان واليمن ، والسكوت المريب عن تسليح وتدريب فصائل وقوى مسلحة لا دولتية تهدد السلم الاهلي لشعوب تلك الدول وتهدد السلام بالمنطقة!!! كما ان ايران لن تتوانى عن بـذل الجـهود لتعزيز نفوذِها في العراق، بالقدر نفسه الذي يتراجـع فيه النفوذ الأمريكي فيه وبدراية امريكية واضحة للعيان!! وايران تفعل ذلك، ليس بسبب الأهمية الإستراتيجية الكُـبرى للعراق في موازين القِـوى الإقليمية والعالمية فحسب ، بل لسببٍ آخر لا يقِـل أهمية، وهو منْـع العراق في حالة الإنسحاب الأمريكي منه، من البروز مجدّداً كقوة إقليمية مُـوازنة لها في المنطقة ، وهذا يعني ضمان إبقاء العراق ضعيفا، عبْـر مواصلة العزْف على وتَـر التناقُـضات الداخلية الطائفية منها والقومية ، لابد لنا ان نلاحظ مايجري الان على الساحة العربية التي تشير بوضوح عن مدى التخادم وحجم العلاقة بين ايران والولايات المتحدة ، وان مايقوم به الحوثيين الان وبدعم من ايران في البحر الاحمر هو خلق المبرر والذريعة لقيام امريكا ومن معها باحتلال المنطقة والسيطرة على الممرات البحرية بالكامل حيث لايمكن لأي عاقل ان يعتقد ان بأستطاعة الحوثيين فرض مايقومون به الان وما يدعون اليه بقوة السلاح امام تلك القوى الجبارة التي تجحفلت في البحر الابيض والبحر الاحمر وفي الخليج العربي ، ومنذُ ما سمي بالثورة الإسلامية الإيرانية التي تمت بتنسيق وإدارة المخابرات الأمريكية والفرنسية رفعت الثورة الخمينية شعار الموت لأمريكا الموت لاسرائيل ومنذ خمسة وأربعين عاما الكل يترقب الحرب الأمريكية الإسرائيلية ضد إيران ، والقليل منا أدرك حقيقة أن إيران وأمريكا وإسرائيل تربطهم أهداف واحدة وغايات واحدة ومخططات توسعية واحدة جميعها تتركز ضد العرب ، ومانشاهده اليوم في غزة وفي سوريا والعراق ولبنان واليمن خير دليل ان ايران تدفع بالدم العربي بالدفاع نيابةً عنها وعن اهدافها بالمنطقة وبطريقة طائفية خطيرة ، وخلقت لها خط صد بخمس دول عربية اولهما غزة ، وتحت رحمة هذا المخطط الاجرامي المشين تجري المعركة بتلك العواصم العربية على اراضيها وعلى مقدراتها ودمار بنيتها التحتية ودماء ابنائها دون المساس او التقرب من ايران ، بالوقت ان العالم يعلم علم اليقين
ان ايران هي من تقف وراء كل ذلك ، لو كانت امريكا وإسرائيل تخشى من إيران وميليشياتها الطائفية في سوريا ولبنان والعراق واليمن لما سمحت لتلك القوى المسلحة ان تكون جارة لاسرائيل من جهة لبنان وسوريا ولن تسمح كذلك بهيمنة الفصائل المسلحة على التجربة الديمقراطية في العراق التي حدثت برعايتها ، ومن غير المعقول ان الولايات المتحدة واسرائيل قادرة بعد الان من اقناع الجمهور العربي انهما اعداء لايران المهيمنة على المنطقة والمستفزة لامنها واستقرارها بالوقت التي اصبحت أمتنا وسط ثالوث مدمر يحيط بها ويستنزف قدراتها وثرواتها وامام سيناريوهات متعددة لاتقوى الامة على مجابهتها في مقبل الايام ،
لازلنا نتذكر كيف تم استهداف العراق بحملة دولية قل نظيرها بالتاريخ تحت حجتين الاولى ان العراق يمتلك اسلحة التدمير الشامل والثانية ان العراق له علاقة بالقاعدة والارهاب ، ولم تثبت تلك الحجتين على الاطلاق ، بالوقت ان ايران الان لديها مشروع نووي وتصنع الصواريخ البالستية بعيدة المدى والطائرات المسيرة وترعى الارهاب وتدرب وتسلح الفصائل وتهدد السلام بالمنطقة وفي الممرات المائية المهمة بالبحر ، وامام كل ذلك لن يتجرأ المجتمع الدولي والولايات المتحدة من التصدي لها والمشروعها التوسعي هل معنى ذلك ان ايران اصبحت اقوى من الجميع ؟ ام هناك أمراً مُبيتاً لاستكمال فصول اللعبة بالمهمة الكبرى حتى نهايتها بجعل العراق وعموم المنطقة بمثلث الموت بين امريكا وايران واسرائيل ذات الاهداف الواحدة بالهيمنة والتوسع وعدم تمكين العرب في بناء حاضرهم ومستقبلهم وعدم السماح لهم ببناء قوتهم للدفاع عن مصالحهم وأمنهم القومي .