الموت حليف العراقيين من كل حدب وصوب من كان يظن انه تحت الجسر آمناً سقط عليه

7

 

في العراق اليوم، يبدو أن الموت أصبح رفيقًا دائمًا لكل مواطن. الحوادث اليومية لا تترك مجالًا للشعور بالأمان، فحتى من كان يظن نفسه محميًا تحت جسر أو داخل منزله، يسقط عليه الموت بلا إنذار. سقوط الجسر في كربلاء، وغياب الرقابة على البنية التحتية، يجعل من كل مواطن هدفًا محتملًا، حتى لو لم يشارك في أي صراع سياسي أو اجتماعي.
أما من يمشي في شوارع المدن العراقية، فإنه معرض لرصاص النزاعات العشائرية والاقتتال الداخلي، حيث تتحول الخلافات القديمة إلى صراع يومي يهدد حياة الأبرياء. الحياة اليومية أصبحت رحلة محفوفة بالمخاطر، والحيز الآمن الذي اعتاده الناس لم يعد موجودًا.
وإذا ظن البعض أن التسليم والانخراط في النظام قد يوفر له الحماية، فإنه غالبًا يجد نفسه مرسلاً إلى ساحات حرب بعيدة، كما يحصل اليوم مع بعض العراقيين الذين أُرسلوا إلى أوكرانيا، ليكونوا وقودًا لصراعات لا علاقة لهم بها، وفي خدمة مصالح دولية لا تتوقف عن استغلالهم .
أما الشباب الرافض والمطالب بالتغيير، فمصيرهم أقسى وأشد قسوة. الاختطافات والملاحقات السياسية أصبحت واقعًا يوميًا، حيث يتم استهداف من يرفع صوته ضد الفساد أو الفشل السياسي. الشباب يصبحون رهائن، لا لحماية مصالح الدولة، بل لتثبيت نظام هش لا يريد مواجهة غضب الشعب. كل محاولة للتغيير تُقابل بالعنف المباشر أو التهديد المستمر، مما يعكس مدى الخطر الذي يحيط بالوعي الوطني الجديد، ويحاول النظام سحق أي بوادر احتجاج أو رفض.
هذه المأساة اليومية، التي تجمع بين العنف الداخلي، الانهيار البنيوي، الاستغلال الدولي، والملاحقات السياسية، تعكس هشاشة الدولة العراقية وغياب المؤسسات القادرة على حماية شعبها. هي صورة حقيقية لنظام يضع مصالحه الضيقة فوق حياة المواطنين، ويتركهم عرضة لكل أنواع المخاطر .
الموت في العراق مجاني
في العراق، صار الموت بلا ثمن ولا سبب، يوزَّع على الناس كما لو كان قدَرًا يوميًا محتومًا. فمن يسقط عليه جسر مهمل، أو يحترق في مول للتسوق ام يقتل برصاص نزاع عشائري، أو يُختطف لمجرد صوته الرافض، أو يُرسل إلى حرب لا تخصه، جميعهم يشتركون في مصير واحد: موت مجاني لا تصحبه كرامة ولا عدالة. لقد تحوّل الوطن إلى ساحة مفتوحة للموت، بينما يبقى الإنسان العراقي الحلقة الأضعف. إن استمرار هذا المشهد يعني أن النظام الذي سمح بتحويل الحياة إلى لعبة عبثية، لن ينجو من نهايته الحتمية، مثلما لم ينجُ المواطن من موتٍ بلا مقابل .

التعليقات معطلة.