اخبار سياسية

الميليشيت تتسابق إلى قرع طبول الحرب في ليبيا

في ظل تسارع الأحداث وانسداد الأفق السياسي في ليبيا، دخل المشهد الليبي مرحلة من التأزم، الليلة الماضية، ما ينذر بحرب جديدة، حيث شهدت العاصمة طرابلس، اشتباكات مسلحة استُخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وسُمع في نواحي متعددة من المدينة أصوات الاشتباكات المستمرة، والقذائف، مسببة حالة من الهلع بين المواطنين في مناطق مكتظة بالسكان.

وتحولت العاصمة الليبية، أمس الجمعة، إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، تحسباً للطلقة الأولى في الحرب على السلطة بين رئيس حكومة “الوحدة” المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، ومنافسه فتحي باشاغا رئيس حكومة “الاستقرار” المكلفة من مجلس النواب.

اشتباكات مرعبة
واليوم السبت، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر تبادل النيران في منطقتي باب بن غشير وشارع الزاوية وسط المدينة، واحتراق سيارات في أحد الأحياء. https://platform.twitter.com/embed/Tweet.html?creatorScreenName=20fourmedia&dnt=false&embedId=twitter-widget-0&features=eyJ0ZndfdGltZWxpbmVfbGlzdCI6eyJidWNrZXQiOlsibGlua3RyLmVlIiwidHIuZWUiXSwidmVyc2lvbiI6bnVsbH0sInRmd19ob3Jpem9uX3RpbWVsaW5lXzEyMDM0Ijp7ImJ1Y2tldCI6InRyZWF0bWVudCIsInZlcnNpb24iOm51bGx9LCJ0ZndfdHdlZXRfZWRpdF9iYWNrZW5kIjp7ImJ1Y2tldCI6Im9uIiwidmVyc2lvbiI6bnVsbH0sInRmd19yZWZzcmNfc2Vzc2lvbiI6eyJidWNrZXQiOiJvbiIsInZlcnNpb24iOm51bGx9LCJ0ZndfY2hpbl9waWxsc18xNDc0MSI6eyJidWNrZXQiOiJjb2xvcl9pY29ucyIsInZlcnNpb24iOm51bGx9LCJ0ZndfdHdlZXRfcmVzdWx0X21pZ3JhdGlvbl8xMzk3OSI6eyJidWNrZXQiOiJ0d2VldF9yZXN1bHQiLCJ2ZXJzaW9uIjpudWxsfSwidGZ3X3NlbnNpdGl2ZV9tZWRpYV9pbnRlcnN0aXRpYWxfMTM5NjMiOnsiYnVja2V0IjoiaW50ZXJzdGl0aWFsIiwidmVyc2lvbiI6bnVsbH0sInRmd19leHBlcmltZW50c19jb29raWVfZXhwaXJhdGlvbiI6eyJidWNrZXQiOjEyMDk2MDAsInZlcnNpb24iOm51bGx9LCJ0ZndfZHVwbGljYXRlX3NjcmliZXNfdG9fc2V0dGluZ3MiOnsiYnVja2V0Ijoib24iLCJ2ZXJzaW9uIjpudWxsfSwidGZ3X3R3ZWV0X2VkaXRfZnJvbnRlbmQiOnsiYnVja2V0Ijoib2ZmIiwidmVyc2lvbiI6bnVsbH19&frame=false&hideCard=false&hideThread=false&id=1563364433010647040&lang=ar&origin=https%3A%2F%2F24.ae%2Farticle%2F718492%2F%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D9%258A%25D9%2584%25D9%258A%25D8%25B4%25D9%258A%25D8%25AA-%25D8%25AA%25D8%25AA%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25A8%25D9%2582-%25D8%25A5%25D9%2584%25D9%2589-%25D9%2582%25D8%25B1%25D8%25B9-%25D8%25B7%25D8%25A8%25D9%2588%25D9%2584-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AD%25D8%25B1%25D8%25A8-%25D9%2581%25D9%258A-%25D9%2584%25D9%258A%25D8%25A8%25D9%258A%25D8%25A7&sessionId=aa34f2a6ae0b4cc6e7dbb7b23cbbe941e8e06b09&siteScreenName=20fourmedia&theme=light&widgetsVersion=31f0cdc1eaa0f%3A1660602114609&width=550px
ووقعت الاشتباكات بين الكتيبة 77 بقيادة “هيثم التاجوري”، وقوات “جهاز دعم الاستقرار” التابع للدبيبة، بقيادة “عبد الغني الككلي”، المعروف بـ”أغنيوة”، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ).

وتواترت أنباء تشير لسيطرة “أغنيوة” على مقر معسكر 77 بمنطقة باب بن غشير، فيما عُرضت مقاطع فيديو على مواقع التواصل تُظهر سيطرة قوات “التاجوري” على مقر يتبع “غنيوة” في شارع الجمهورية، وأسر 3 من عناصره.

وأظهرت مقاطع فيديو نيران البنادق وهي تطال مبنى البريد المركزي ومقر هيئة الاتصالات والمعلوماتية بمنطقة شارع الزاوية، في ما يبدو أنها محاولة لقتل قناص تمركز فوق المبنى المرتفع، بينما نشرت مواقع أخرى مقاطع لسيارات مسلحة تخرج من مقر مصنع التبغ في طرابلس، تتبع لقوات الأمن العام بقيادة عماد الطرابلسي.

ومن جهة أخرى، نُشرت عدة صور على مواقع التواصل تظهر إغلاق قوات تابعة لحكومة الدبيبة الطريق الساحلي بسواتر ترابية عند بوابة “وادي كعام” على الطريق الرابط بين مدينتي الخمس وزليتن، نحو 150 كلم شرق طرابلس.

وتواترت أنباء عن أن سبب إغلاق الطريق يعود للاحتياط من قوات تتبع حكومة باشاغا قد تتحرك من مصراتة نحو طرابلس فجراً.

وفي الناحية الغربية للمدينة، أظهرت مقاطع مصورة أرتالاً عسكرية تتمركز عند جسر الـ27 (27 كلم غرب المدينة).

كما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر جانباً من الاشتباكات وما صحابها من فزع ورعب شديدين للمواطنين داخل منازلهم، وسط حالة من الفوضى العارمة.

كما أظهرت صور ومقاطع فيديو تم تداولها على الإنترنت لوسط المدينة، عربات عسكرية مسرعة في الشوارع، ومقاتلون يطلقون النار، وسكان محليون يحاولون إخماد الحرائق.

وقال عبد المنعم سالم، من سكان وسط طرابلس لوكالة “رويترز”، “هذا مروع. لم أستطع النوم أنا وعائلتي بسبب الاشتباكات. كان الصوت مرتفعا جدا ومخيفا للغاية”.

وأضاف “بقينا مستيقظين في حال اضطررنا إلى المغادرة بسرعة. إنه شعور مروع”.

ولم تصدر وزارتا الداخلية والصحة أي تعليق حتى الآن بشأن القتال الذي توقف في وقت متأخر من صباح اليوم أو بخصوص وقوع إصابات.

ومنذ أيام تشهد أطراف العاصمة الليبية تحشيدات عسكرية لقوات موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، وأخرى تابعة لرئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا، وفق مصدر عسكري، وسط مخاوف من اندلاع صراع مسلح يعيد ليبيا إلى مربع العنف.

وإلى ذلك، أعلن قائد قوات “جهاز دعم الاستقرار” التابع للدبيبة ، حالة النفير في منطقة أبوسليم جنوب طرابلس، كما أعلن محمد بحرون، الملقب بـ”الفار”، تشكيل غرفة مشتركة من كتائب المناطق العسكرية من طرابلس، والمنطقة الوسطى والساحل الغربي، وتجهيز كافة الكتائب التابعة لقوات الزاوية المسلحة للمشاركة في العملية المرتقبة لحسم الأمور. وتعهد “الفار” بوقف من وصفهم بالمجرمين الخارجين عن القانون، الذين لا يهمهم حياة المواطنين وأمنهم.

لا تفاوض
وفي الأثناء، قال آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، اللواء أسامة الجويلي، المحسوب على باشاغا، إنه يرفض التفاوض مع التشكيلات المسلحة المقربة من الدبيبة، ورأى أن أغلبها يسعى لذلك بمنطق المال والمكاسب، وطالب في المقابل بضرورة انسحاب كافة التشكيلات المسلحة من مقرات الحكومة وتسليمها دون شروط.

كما نقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر من حكومة باشاغا أن قواتها لن تبادر باستخدام القوة، وقال إنها قد تكون فقط لـ”رد العدوان”، مشيراً إلى أن هدف هذه القوة هو التوجه نحو المقار الحكومية لتأمينها، وتمكين الحكومة من ممارسة مهامها.

وفي المقابل، رصدت المصادر الإعلامية ذاتها تفعيل عدد من القيادات الموالية للدبيبة ما كان يعرف باسم “مجلس طرابلس العسكري”، تزامناً مع تحركات لأرتال تابعة للدبيبة بهدف تأمين مداخل ومخارج المدينة الجنوبية والغربية والشرقية، بالإضافة إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى مطار طرابلس المغلق.

صراع بين حكومتين
وتشهد ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومتين، الأولى حكومة باشاغا التي كلّفها البرلمان، والثانية حكومة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.

ومساء الخميس شهدت المناطق الجنوبية للعاصمة انتشار وتوزيع قوات عسكرية تتبع لحكومة الدبيبة تحسباً لأي هجوم محتمل من قبل كتائب مسلحة موالية لحكومة باشاغا.

وقال مصدر عسكري تابع لحكومة الدبيبة لوكالة “الأناضول” التركية، مفضلاً عدم نشر اسمه، إن “هذا الانتشار جاء بناء على الاجتماع الذي تم خلال اليومين الماضيين وجمع رئيس الأركان محمد الحداد وعدد من الكتائب المسلحة بالمنطقة الغربية”.

وأضاف المصدر ذاته أن “الكتائب والتشكيلات المسلحة التي بدأت فعلياً في الانتشار في أغلب الأحياء الجنوبية للعاصمة هدفها هو حماية المدنيين”.

ويذكر أن موجهات دموية اندلعت، أواخر الشهر الماضي، بين جهازي “الردع” و”الحرس الرئاسي” في عدة أحياء بالعاصمة الليبية طرابلس، وأسفرت عن سقوط 16 قتيلاً وعشرات الجرحى.

حرب كلامية
وفي الأيام الماضية، تصاعدت الحرب الكلامية بين المعسكرين، إذ وجه باشاغا الثلاثاء خطاباً إلى الدبيبة طالبه فيه بتسليم السلطة، كما هدد من يحملون السلاح ضد قواته بالمحاسبة القانونية والمحاكمة.

واعتبر مراقبون أن طلب باشاغا هو تمهيد لدخول العاصمة خاصة مع انتشار كتائب مسلحة تتبع للمنطقة العسكرية الغربية موالية لحكومته.

وفي المقابل رد الدبيبة على باشاغا عبر “فيس بوك”، مساء الخميس، قائلاً: “إلى وزير الداخلية الأسبق (باشاغا)، وفّر عليك إرسال الرسائل المتكررة والتهديدات بإشعال الحرب واستهداف المدنيين”.

وجدد الدبيبة خلال اجتماع مجلس الوزراء العادي الثاني عشر لعام 2022 بمقر الديوان في العاصمة طرابلس التأكيد على “استمرار حكومته في عملها باعتراف دولي إلى حين إجراء الانتخابات”. وقال إن “الحكومة المقبلة هي الناتجة عن سلطة منتخبة، ولا تراجع في ذلك”.

وفي السياق، قال عضو مجلس النواب علي التكبالي: إن “بدأت الحرب فستقضي على كل شيء، فليبيا ستمر بموقف صعب لم يعشه مواطنوها من قبل. السلاح في يد الجميع”.

واعتبر التكبالي في تصريحات تلفزيونية، أن “الأزمة الراهنة تكمن في الدبيبة وباشاغا، ولن يحارب أحد من أجلهما”، معبراً عن اعتقاده “بعدم قيام الحرب”.

وأثار الخلاف بين حكومتي الدبيبة وباشاغا المخاوف من تحوله إلى حرب خاصة في ظل التحشيد المسلح المستمر في طرابلس، حيث سبق ووقعت اشتباكات بين قوات موالية للحكومتين في السادس عشر مايو (آيار) الماضي، بعد دخول باشاغا إلى العاصمة آنذاك قبل الانسحاب منها.

ولم تعرف طرابلس، طريقها إلى الاستقرار، منذ الأحداث الدامية بين نظام القذافي، و”ثوار17″، التي شهدتها العاصمة وهي أكبر مدن ليبيا، من حيث المساحة وعدد السكان، إذ كلما هدأت عاصفة هناك هبت أخرى، على وقع أزمات سياسية، ورغبات الحالمين بتصدر المشهد في البلاد.

الجيش الوطني
وتحدثت مصادر عن إمكانية تدخل الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في الحرب ضد أحد الطرفين لكن الناطق باسم القوات الليبية اللواء محمد المسماري نفى ذلك.

وقال المسماري إن الجيش لن يكون طرفا في أي صراع مسلح في العاصمة طرابلس، واصفاً الخلافات بأنها سياسية، مضيفاً “قواتنا ليست مع أحد ضد أحد. القيادة العامة للجيش خارج هذا الموضوع تماما، وليس من مهامنا مناصرة أي طرف سياسي على الآخر”.

في المقابل، يرى مراقبون أن الجيش الوطني دخل في تحالف ضمني مع حكومة الدبيبة ما أدى إلى فتح منشآت النفط ورفع إجراء القوة القاهرة.

ترقب أممي
وبدورها، قالت اللجنة الليبية لحقوق الإنسان، إنها تتابع بقلق بالغ التحشيد المسلح في مناطق مختلفة بمدينة طرابلس وضواحيها، ما ينذر بتصعيد جديد لأعمال العنف والاشتباكات المسلحة، التي ستُشكل خطراً كبيراً على أمن وسلامة وحياة المدنيين، وممتلكاتهم بالعاصمة طرابلس.

كما دعت منظمة “رصد الجرائم الليبية” لوقف التحشيد العسكري في محيط طرابلس من قبل قوات باشاغا والدبيبة، وطالبت كافة الأطراف بإنهاء كافة أشكال التصعيد لتجنيب السكان المدنيين، والتجمعات السكانية، عواقب العمليات العسكرية.

وفي ذات السياق، أعلنت الأمم المتحدة، أنها “تراقب بقلق بالغ” التطورات الجارية في ليبيا، وطالبت كافة الأطراف المعنية بأن تضع مصالح الشعب الليبي في الحسبان.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية، ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحافي في نيويورك: “نحن نراقب بقلق بالغ التطورات التي تحدث في ليبيا، بما في ذلك حشد القوات والتهديدات باللجوء إلى استخدام القوة من أجل منافع سياسية”.

وأضاف: “من المهم للغاية ألا يكون هناك تصعيد على هذه الجبهة وأن تضع الأطراف المعنية في حسبانها مصالح الشعب الليبي”.

وتابع: “أعتقد أن هذه المصالح تشمل إحلال السلام، لا أحد يريد للوضع أن يعود إلى الوراء”.
وأكد دوجاريك، أن “بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، منخرطة الآن مع كافة الأطراف لتحقيق هذا الغرض”.

وفيما، لا يرغب غالبية الليبيين في إعادة مشاهد الحرب مرة أخرى، إلا أن المشهد في ليبيا لا يبدو أنه يتجه نحو الاستقرار على تفاهمات ولا على توافقات معلنة ولا ضمنية، وسط تصميم من رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا ومن معه على إعادة محاولة دخول العاصمة بقوة السلاح، وكذلك يبدو أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة ومن معه مصمم أيضاً على الحفاظ على موقعه بقوة السلاح.