مقالات

{النزاع على الدولة}

حسن فليح / محلل سياسي

العراق الان يعيش مرحلة النزاع على الدولة بين القوى السياسية وخاصةً من قبل القوى الموالية لايران ، من اجل احكام قبضتها تماما دون منازع او مشارك بالتوجهات القادمة التي تمليها الظروف والصراعات الدولية على العراق ، والاستعداد لخوض ذلك الصراع بامكانات الدولة العراقية بكل مفاصلها المالية والعسكرية وليس بامكانات الفصائل المسلحة فقط ، ان بوادر ذلك تبينت من خلال البيانات الاخيرة والقلق من عدم التوافق بين القوى السياسية فيما يخص جلاء القوات الامريكية من العراق والانقسام المخيف لجميع القوى حول ذلك والذي اتضح جليا من خلال عدم اكتمال النصاب في جلسة البرلمان وتباين المواقف الحاد حول الموضوع والذي لم يحصل بتاريخ البرلمان العراقي بذات الخصوص منذُ ال2003 الى يومنا هذا ، ان بيان بعض الفصائل المسلحة الذي اشار “ان المقاومة لن تكتفي بتحرير العراق من المحتل فحسب وانما علينا تحرير القرار السياسي” وهذا مؤشر خطير يدل على مدى القلق الذي يساور القوى الموالية على مستقبل وجودها والخشية من الاطراف الاخرى ان تستبق الاحداث للاستحواذ على الدولة بأستثنائها وقد يجري ذلك بارادة دولية بعد ان وصلت العلاقة الى نقطة الا عودة مع تلك الفصائل بينها وبين الامريكان ، الامر الذي يدفعها الى التحرك سريعا بدعم ايراني صرف للمحافظة على مسك العراق وبقائه كرهان ذهبي لايمكن التخلي عنه بسهولة بابعاد سياسية وامنية على مستوى المنطقة من اجل المحافظة على وجود تلك الفصائل والنفوذ الايراني الغير مرحب بهما شعبيا واقليميا ودوليا ، ان جميع القوى السياسية اليوم اصبحت غير قادرة على مواجهة التحديات بعد ان تم افراغها تماما من بعدها الوطني وعدم تمتعها بقاعدة شعبية مؤثرة بادامة زخمها الشعبي والمحافظة على حيويتها وقبولها او الاهتمام بخطابها ، الجميع اصبح بلا موقف وطني واضح خالي من التأثير الخارجي ، ان قادم الايام تنذر بخطر عظيم بتزامن الصراع الدولي حول العراق مع الصراع الداخلي المرهون بذات الصراع الايراني الامريكي الذي اصبح غير قابل للتسوية أو الحل وغياب التفاهمات، الذي انجرت اليه كل القوى السياسية الهشة التي باتت بلا مضمون يعبر عن هويتها الوطنية ورؤيتها المفقودة في معالجة الازمات واستشراف الاحداث الحالية والمستقبلية حول العراق وبناء الموقف الواضح والمطلوب بخصوص هكذا قضايا مصيرية ، من غير المعقول ان يبقى العراق كدولة مهمة تتلاعب فيه الصراعات كيف ماتشتهي ، هيبة الدولة لاتأتي بقوة جيشها وسلاحها وقتصادها فقط وأنما بقوة موقف شعبها وتبنيه لارادة قادته من السياسيين عندما تكون معبرة بصدق عن تطلاعته وآمانيه وبناء حاضرة ومستقبله المضمون وليس المجهول كما هو الحال للعراقيين الان ، يبدو ان النزاع بين القوى السياسية تعدى مفهوم المحاصصة التي لم تعد تنفع بمجردها وبات الصراع اكثر خطرا واكثر طمعا لضمان الهيمنة وازالة الاخرين انه الصراع على الدولة بكل مقدراتها وسلطاتها وتوجهاتها بعيدا عن الديمقراطية وبعيدا عن مؤسساتها ، بعد ان اصبح ذلك خيارا متاحا في ضل اشتداد الصراع الايراني الامريكي وشغف المتصارعين لذلك الخيار واحتمالية تبنيه لضرورة المرحلة ومقتضياتها ،
الاحتكار هو سيد الموقف بمستقبل الايام وهذا ماتفكر فيه اغلب القوى السياسية مصحوبا برغية دولية وبعضها اقليمية ، حيث لايمكن ضمان استقرار العراق في ضل عدم حسم الصراع الامريكي الايراني حوله ، خاصةً بوجود احزاب وقوى سياسية مرتبطة بهذا الطرف الدولي او ذاك ، وغياب المشروع الوطني العابر لتلك الصراعات .

admin