مؤيد عبد الستار
لم يكن شعار النفط مقابل الغذاء منصفا للشعب العراقي ، كان نظام صدام يقدم النفط لمن يريد ولكن الشعب كان يحصل على غذاء مسموم ، عفن ، منتهي الصلاحية ، لا يسد رمقا ، فعاني شعب بلاد الرافدين الغني بمياهه و زرعه ونخيله من الحصار الظالم بحجة عدوان نظام الطاغية صدام على الكويت ، بينما كانت الطغمة الصدامية ترتع بما تشتهي من نعم .
بعد سقوط الطاغية ، تم تطويق الشعب العراقي بشلة من السياسيين المحتالين والسراق ، فاهدروا المليارات دون ان يعيروا اهمية لحاجات البلاد والعباد ، فامر الكهرباء معروف ، وبرزت عدة مرات ازمة الامطار وصرف المياه حتى ان بغداد تعرضت للغرق ، دون اي اهتمام بالمحافظة على المياه المهدورة ، واتباع فلسفة الفلس الابيض ينفع في اليوم الاسود ، فلم تشيد أية مشاريع لخزن المياه ، او تطوير المشاريع الاروائية ، بل على العكس ظلت البنى التحتية متخلفة ومتهدمة في الوقت الذي يزداد فيه فساد المسؤولين حتى ان السخرية بلغت حدا تجرأ فيه احد المسؤولين ليلقى اللوم على صخرة اغلقت مجرى المياه .
منذ سنوات والبحوث تترى عن حروب المياه في الشرق الاوسط ، والظاهر ان لا احد من المسؤولين العراقيين سمع او علم بما يدور في الساحة السياسية والاعلامية ، فالجميع مشغول بما تحت يده من سلطات يعب من خيراتها واموالها جيوبه وجيوب اهله واقاربه بما يستطيع سلبه من قوت افواه الجياع الذين يدورون في الشوارع يبيعون الشاي والكلينكس ويصبغون الاحذية وينامون على الارصفة في انتظار ايام عاشوراء كي ينالوا قدر قيمة على تمن يشبعوا فيه جوعهم الابدي عسى ان يسعفهم الحظ ويظهر لهم غودو الذي طال انتظارهم له ليحقق امالهم ، فلم يبعث لهم غودو سوى اتباعه الذين لم يفعلوا خيرا غير سرقته ونهب اخر لقمة يستطيع الاحتفاظ بها لليوم الموعود .
حاولت الحكومة العراقية المغامرة وتغيير اتجاه نفط كركوك من ميناء جيهان نحو ديار كرمانشاه ، وهي تعلم ان نفط كركوك منذ ولادته حتى وفاته كان يشق طريقه عبر ميناء حيفا وجيهان نحو البلدان الغربية المستعمرة للشرق الاوسط ، واي اخلال بتلك المعادلة يعرض امن المنطقة للخطر ، ولذلك قال عبد الكريم قاسم حين وقع قانون رقم 80 للنفط انه يوقع على اعدامه .( نقطة راس السطر )
وهكذا كان ، اشعلت شركات النفط النار في الشارع العراقي واهتاجت عصابات مأجورة دمرت فيها السلطة العراقية الفتية ، وصادرت جميع مكتسبات الشعب العراقي التي جناها من ثورة تموز .
ومنذ ذلك اليوم حتى الان يتلقى الشعب العراقي الصفعات تلو الصفعات كي يسير وفق متطلبات واوامر بوش وبريمر وترامب .
البعض من المسؤولين في الحكومات العراقية المتالية اصاخ السمع لما يريد الغرب وعمل بفخر وفق المخططات الامريكية والاوربية ، فنال حظوة اينما حل وارتحل حتى لو كان مطلوبا وفق المادة 4 ارهاب ، والبعض لم يذعن لتلك الاوامر السلطانية فظل بين فكي الرحى يبحث عن منفذ ( يخلص بجلده ) بعد ان نال لقمة من كعكة السلطة فولى هاربا دون ان يحقق وعوده بتلبية حاجات المواطنين الذين كان يجأر بالدفاع عنهم .
والبعض الاخر من السياسيين ما زال يناور في الساحة عسى ان يسحب النار الى قرصه كي يستفيد من الدعم الشرقي ويقنع الغرب بانه يعمل لصالحهم في الساحة العراقية ، وفي جميع الاحوال ، اكتشف الجمع انهم لن يحققوا ما يصبون اليه وما حصلوا عليه من نعيم الغرب سيزول عاجلا او اجلا ، فما نفع القلاع التي شيدوها اذا حرمت من الماء ، وهكذا اصبحت احلامهم لاتعدو غير احلام العصافير .
وفي الختام سيبقى النفط مقابل الغذاء او النفط مقابل الماء هو المسار الذي يجب ان يسير عليه من يريد الوقوف على قدميه بوجه السلطات الغاشمة التي دأبت على حرمان شعبنا من مقومات الحياة وتحاول سلبه ثرواته النفطية والمائية وتحاصره بهذه الحجة او تلك ولكن النتيجة واحدة ، المطلوب رأس برميل النفط .