إعلان وزير الدفاع الباكستاني عن استعداد بلاده لوضع برنامجها النووي تحت تصرف السعودية إذا لزم الأمر، لم يكن مجرد تصريح عابر. بل جاء ليضع المنطقة أمام تحوّل استراتيجي حقيقي، قد يعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط، ويجبر اللاعبين الإقليميين والدوليين على إعادة حساباتهم.
توقيت حساس
التصريح جاء بعد تراجع البرنامج النووي الإيراني إثر حرب الإثني عشر يوماً، وهو توقيت بالغ الدلالة. فالسعودية، التي لطالما اعتمدت على الردع التقليدي والتحالفات الدولية، باتت اليوم تلوّح بخيار غير تقليدي، يجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات، سواء من إيران أو من إسرائيل.
أبعاد التحول
في مواجهة إيران: الرسالة واضحة، أي محاولة لإحياء مشروع طهران النووي ستقابل بتوازن ردع جديد.
بالنسبة لإسرائيل: الرياض تدخل معادلة لم تعتد عليها تل أبيب، حيث لم يعد ميزان القوى محصوراً بين إيران وإسرائيل فقط.
في التحالفات الإقليمية: السعودية تثبت أنها قادرة على بناء أوراق ضغط غير تقليدية، تتجاوز المظلة الغربية التقليدية.
دلالات سياسية ودبلوماسية
الإعلان لا يتوقف عند الجانب العسكري. فسياسياً، هو رسالة بأن السعودية تمتلك خيارات مستقلة في تأمين أمنها القومي، حتى خارج الحسابات الأميركية أو الأوروبية. ودبلوماسياً، يضع نظام منع انتشار الأسلحة النووية أمام اختبار جديد، إذ إن أي خطوة عملية في هذا الاتجاه ستثير نقاشاً دولياً واسعاً وضغوطاً مكثفة.
ردود الفعل المتوقعة
من المرجح أن يثير التصريح الباكستاني–السعودي سلسلة من المواقف المتباينة:
إيران ستتعامل معه باعتباره تحدياً مباشراً يهدد أي محاولة لإحياء مشروعها النووي، وقد يدفعها هذا إلى مراجعة استراتيجيتها أو رفع وتيرة خطابها التصعيدي.
إسرائيل ستنظر إليه بقلق بالغ، إذ يعني أن معادلة الردع لم تعد ثنائية بينها وبين طهران، بل دخلت الرياض على الخط بورقة ثقيلة.
الولايات المتحدة ستجد نفسها أمام معادلة حساسة، فهي من جهة حليف استراتيجي للسعودية، ومن جهة أخرى تقود الجهود الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية، ما يضعها في موقف دبلوماسي معقد بين طمأنة الرياض واحتواء تداعيات الإعلان .
ان ربط البرنامج النووي الباكستاني بالسعودية ليس مجرد إعلان دفاعي، بل رسالة استراتيجية تغيّر وجه الصراع في المنطقة. المعادلات القديمة تتداعى، ومعادلات جديدة تولد، لتدخل المنطقة مرحلة أكثر تعقيداً وحساسية، حيث الردع النووي لم يعد مجرد خيار نظري، بل ورقة مطروحة على الطاولة .