الوضع الصحّي في غزة ينهار… القطاع مُحاصر والمعارك تشتد

1

جرحى يتلقّون العلاج في مستشفى الشفاء. (أ ف ب)

دارت معارك عنيفة الخميس بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حركة “حماس” الفلسطينية في جنوب قطاع غزة، ولاسيما في مدينة خان يونس، غداة قصف ملجأ تابع للأمم المتحدة يؤوي نازحين فلسطينيين ما أثار تنديداً شديداً. وأعلنت وزارة الصحّة التابعة لحركة “حماس” ارتفاع حصيلة الضحايا في العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 25900 غالبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

وأكّدت الوزارة مقتل 200 شخص في الساعات الـ24 الأخيرة، في ما أصيب 64110 أشخاص بجروح منذ بداية الحرب. وذكرت الخميس أيضاً أنّ 50 فلسطينياً قتلوا خلال الـ24 ساعة الماضية في خان يونس، حيث قال الجيش الإسرائيلي إن قناصة تابعين له قتلوا عدداً من المقاتلين.
ويستمر تدهور الوضع الإنساني في القطاع الفلسطيني الصغير المحاصر، في ما تجري نقاشات في القاهرة حول هدنة جديدة محتملة. 

قصف ومعارك…ذكر المتحدّث باسم الوزارة أشرف القدرة أن “الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرة جديدة بحق آلاف الأفواه الجائعة التي كانت تنتظر المساعدات الإنسانية عند دوار الكويت بغزة راح ضحيتها 20 شهيدا و150 إصابة”.
من جهّته، أفاد الجيش في بيان بأنّ سلاح الجو استهدف عناصر من “حماس” في وسط وشمال قطاع غزة وأن مقاتلين آخرين قتلوا في “معارك مباشرة”.
وفي دير البلح في وسط قطاع غزة، أظهرت مقاطع فيديو لـ”فرانس برس” قبوراً كُتبت علها أسماء القتلى، في شوارع مغطاة بالحطام وبين مبان نخرتها القذائف. وقال أحمد عبد السلام، أحد سكّان مخيم المغازي للاجئين في المدينة، “إنها تشبه القبور، لكنها ليست قبوراً حقيقية”. وأضاف “إنها مقابر جماعية دفنّا فيها عائلات بأكملها، تمت إبادتها”. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه “حاصر” خان يونس، ودعا السكان إلى التوجه جنوباً إلى رفح على الحدود مع مصر، لكن المعارك تجعل الانتقال خطيراً إلى هذه المنطقة حيث يحتشد القسم الأكبر من النازحين جراء الحرب وعددهم 1,7 مليون فلسطيني. عمليّات الفصائل…من جانبها، أعلنت “كتائب القسّام” – الجناح العسكري لحركة “حماس”- “أنّنا قصفنا مع كتائب المجاهدين تجمّعاً لقوّات الجيش الإسرائيلي شمال غرب مدينة غزة بصواريخ 107 قصيرة المدى”. وقالت: “مجاهدونا دمروا خلال الأسبوع الماضي 68 آلية عسكرية كلياً أو جزئياً”. ووفق أبو عبيدة، فإن “مجاهدينا أجهزوا خلال الأسبوع الماضي على 53 جنديّاً صهيونياً من نقطة الصفر وقنصوا 9 جنود”.
“انتهاك صارخ”إلى ذلك أعلن مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة توماس وايت أن قذيفتي دبابة أصابتا الأربعاء مبنى للأمم المتحدة في خان يونس لجأ إليه آلاف النازحين الفلسطينيين. وقال وايت في بيان الخميس “تم تأكيد مقتل 12 شخصاً وإصابة أكثر من 75 آخرين، 15 منهم في حالة حرجة”. وأفادت وكالة الأونروا “فرانس برس” الخميس بأن الجيش الإسرائيلي أمر النازحين بمغادرة مركز الإيواء الذي تعرّض للقصف، مؤكدةً  شهادات نازحين في المركز قالوا إن الجيش الإسرائيلي أمهلهم حتى الخامسة من بعد ظهر الجمعة للمغادرة. وعقب تعرّض المركز للقصف، قال المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني إن الملجأ معروف وتمت “مشاركة إحداثياته بوضوح مع السلطات الإسرائيلية”، مندّداً بـ”انتهاك صارخ لقواعد الحرب الأساسية”. وبعد ضرب الملجأ، قال الجيش الإسرائيلي لوكالة “فرانس برس” إنه يجري “مراجعة” للعمليات لكنّه “استبعد… ضربة جوية أو مدفعية”، مشيراً إلى “احتمال” أن تكون صواريخ أطلقتها “حماس” تسبّبت بالمأساة.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم “حماس” غير المسبوق على إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الذي أسفر عن مقتل 1140 شخصاً، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة “فرانس برس” يستند إلى أرقام رسميّة. وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصاً لا يزال 132 منهم محتجزين في قطاع غزة، بحسب السلطات الإسرائيلية. ويرجح أنّ 28 على الأقل لقوا حتفهم.
وردّاً على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على الحركة، وتنفّذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمّر أتبعت بعمليات برية منذ 27 كانون الأول (أكتوبر)، ما أسفر عن سقوط 25700 قتيل معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحّة التابعة لـ”حماس”.

“خطوات فورية”في السياق، أكّدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة للحفاظ على إمكانية حصول المحتاجين في قطاع غزة على الرعاية الطبية الطارئة والمنقذة للأرواح. وأوضحت اللجنة الدولية في بيان “أنه لم يعد في الوقت الحالي أمام قرابة مليوني شخص في قطاع غزة سوى مجمع ناصر الطبي، ومستشفى غزة الأوروبي جنوب القطاع، اللذين يقدّمان خدمات جراحية، وخدمات طوارئ طبية متقدمة، ويتمتّعان بسعة سريرية كبيرة، وإن كان ذلك غير كافي للجرحى والمرضى الحاليين في مختلف أنحاء غزة”.
وأشارت إلى أن “أقل من 20% من مساحة قطاع غزة، أي حوالي 60 كيلومتراً مربعاً، أصبحت الآن ملجأ لأكثر من مليون ونصف مليون نازح ونازحة، ويعيش هؤلاء في ظروف يائسة في جنوب القطاع حيث يهدد تصعيد القتال فرص نجاتهم”، موضحة أن “جميع المستشفيات في قطاع غزة تعاني التكدّس الشديد وتقلّص الإمدادات الطبية والوقود والغذاء والمياه، ويؤوي العديد منها آلاف الأسر النازحة”.
وقال مدير البعثة الفرعية للجنة الدولية في غزة ويليام شومبرق: “نواجه الآن خطر فقدان مستشفيين آخرين بسبب القتال، وإن الأثر التراكمي للنزاع في المنظومة الصحية مدمّر ويجب اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع حدوث ذلك”. وأشارت البعثة إلى أن “الضرورة الإنسانية التي تقضي بحماية المرافق الصحية في غزة واضحة ولا لبس فيها. فبالنظر إلى حجم السكان وفي ظل الظروف المعيشية الحالية القاهرة والنظام الصحي المنهار وشدة القتال، فإنه إذا توقّفت هذه المرافق الطبية عن العمل، لا سيما مجمع ناصر الطبي ومستشفى غزة الأوروبي، فسيشهد العالم فقدان آلاف الأرواح التي كان بالإمكان إنقاذها”.
وشدّدت على “ضرورة اتّخاذ خطوات فورية لضمان حماية المستشفيات والمدنيين بداخلها، وضمان وصول العاملين في مجال الرعاية الصحية والجرحى والمرضى وسيارات الإسعاف إلى المستشفيات بأمان، وتسهيل إمداد المستشفيات في الوقت المناسب بالمواد الضرورية من أدوية ووقود وغذاء ومياه لإبقائها قيد التشغيل”.

التعليقات معطلة.