“اليورو الرّقمي” على الأبواب.. للتحوّل والتّحرر والاستقرار

1

عملة معدنية من فئة واحد يورو

يخطط البنك المركزي الأوروبي حالياً لأن يلعب دوراً رائداً من خلال رغبته في الابتكار والتزامه بتشكيل مستقبل العملات الرقمية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في منطقة اليورو، وفي مقدمة الأولويات التحول نحو اليورو الرقمي، وذلك للأهمية المتزايدة للمدفوعات الإلكترونية. فما الميزات والاعتبارات التي ستكتسبها العملة الأوروبية الرقمية بعدما أعدت المفوضية مشروع القانون لتنفيذه؟

امتيازات اليورو الرقمي

بعد مرور 25 عاماً على استصدار العملة الأوروبية المشتركة، والتي تحولت إلى ثاني أهم عملة في العالم ومثلت رمزاً للاستقرار المشترك مع توقف تبديل الأموال بين دولها عند السفر إلى بلدان أوروبية أخرى، ناهيك عن أن أسعار السلع والخدمات أصحبت أكثر قابلية لما لها من أهمية على التجارة بين الدول الأعضاء في المجتمع الاقتصادي والنقدي، ما خلق ميزة تنافسية، تفيد تقارير اقتصادية أوروبية بأن مرحلة التحقيق الشاملة لتقييم اعتماد اليورو الرقمي اكتملت بنجاح، وحيث يتم التركيز على تحديد حالات الاستخدام وتطوير مقترحات التصميم للتنفيذ الفني ودراسة الجدوى التنظيمية وحماية البيانات. وفي المستقبل، التوجهات ستتثمل إما في تقديم حسابات اليورو الإلكترونية (المحافظ) أو إنشاء خيارات التكامل عبر منصات الدفع الحالية، وحيث يمكن استخدام الخدمات بواسطة تطبيقات الإنترنت لمزود خدمة الدفع المحدد أو بدلاً من ذلك استخدام تطبيق مصمم خصوصاً لليورو الرقمي.

وفي خضم ذلك، هناك قناعة لدى مراكز القرار النقدي في أوروبا، بأن يزيد اليورو الرقمي من كفاءة المعاملات الدولية لليورو ويجعلها أرخص وأسرع وأكثر أماناً، واعتماده سيسمح للبنك المركزي الأوروبي باستخدام أدوات سياسته النقدية استخداماً أكثر فعالية، وجعل النظام المالي أكثر مرونة في مواجهة الأزمات. كذلك، فإن الإصدار المباشر لأموال البنك المركزي الرقمي يؤدي إلى استقرار نظام الدفع والعملة وتعزيز السيادة النقدية لمنطقة اليورو، وجعله أكثر قدرة على المنافسة الدولية، خاصة بالمقارنة مع العملات المستقرة العالمية. من ناحية أخرى، فإن اليورو الرقمي سيدفع إلى تقليل الاعتماد الأوروبي على الشركات الأميركية مثل “ماستركارد” أو “باي بال”، والتي تتمتع بقوة سوقية كبيرة بفضل حلول الدفع الفردية الخاصة بها. توضح التعاملات أن تطوير العملات الرقمية هو اتجاه عالمي.

اعتبارات المركزي الأوروبي

مع قرار المركزي الأوروبي إعداد اليورو الرقمي تقنياً وقانونياً بعد مرحلة بحث وتحقق استمرت عامين، باتت الطريق شبه سالكة لوضع المتطلبات الأساسية، وهذا يعني اعتماد اللوائح واختيار مقدمي الخدمات لتطوير المنصة والبنية التحية. ووفقاً لما ذكره موقع “شيب” عن المركزي الأوروبي، فإن اليورو الرقمي يجب أن يعمل مثل النقد تماماً، باستثناء أنه لن يعود المرء مضطراً للاحتفاظ بالعملات المعدنية والأوراق النقدية في الجيب، وبالتالي الدفع عبر الهاتف دون رسوم إضافية، وبأعلى معايير حماية البيانات. يؤكد المركزي الأوروبي أن اليورو الرقمي مكمل للنقد، وستظل العملات المعدنية والأوراق النقدية متاحة أيضاً.

وعن أهمية اعتماد يورو رقمي رغم إمكانية الدفع حالياً عبر مقدمي الخدمات الأميركيين مثل “ماستركارد” أو “فيزا” أو”آبل باي” أو “باي بال”، يوضح خبراء أن أوروبا تريد مع اليورو الرقمي أن تصبح مستقلة عن الشركات الدولية. وكل ذلك، مع ضمان استقرار العملة الرقمية من قبل البنك المركزي الأوروبي.

وبخصوص المواطنين فإنه لن يتغير الكثير، ولن يكون العملاء بحاجة إلى حساب لدى البنك المركزي الأوروبي لاستخدام العملة الأوروبية الرقمية وسيحصلون عليها من بنوكهم. وعليه، لا مزايا أو عيوب كبيرة للمواطنين من استصدار اليورو الرقمي.

وحيال ذلك أيضاً، أورد موقع “شيب” أن السمات الأساسية لليورو، والطريقة التي سيتم تنفيذها ستكون وفق الصيغة التالية: يتم إصدار العملة الرقمية من قبل ما يسمى الوسطاء، أي ليس من قبل المركزي الأوروبي، ومن المحتمل أن تكون البنوك التجارية، وذلك لاستخدامه من قبل الأفراد في نقاط البيع والتجارة عبر الإنترنت والمعاملات الحكومية. ويتم الدفع عبر تطبيقات الهواتف الذكية على غرار “آبل” أو “غوغل باي”.

علاوة على ذلك، هناك طروحات لاعتماد بطاقات دفع على سبيل المثال للأشخاص الذين لا يملكون هاتفاً ذكياً، وسيكون من الممكن أيضاً تبديل الأموال النقدية إلى يورو رقمي وبالعكس من خلال أجهزة الصراف الآلي. ومن زاوية أخرى، ورغم إنجاز التوجهات والأسس التقنية والفنية، فإن الإطار القانوني لليورو الرقمي لا يزال قيد المناقشات، وحيث الكثير من المقترحات لهذه الغاية، على أن تسير العملية التطبيقية توازياً مع القانونية خلال المرحلة المقبلة، وبالتالي اعتمادها رسمياً في التداول.

ألمانيا تتحضر

وبحكم أن التوجه لليورو الرقمي أصبح ذا أهمية متزايدة في بروكسل، عقدت اللجنة المالية في البوندستاغ الألماني أخيراً اجتماعاً دعت إليه أيضاً خبراء في المجال، لا سيما أن ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، بينهم الخبير يوناس غروس من جمعية “ديجيتال يورو”، الذي أوضح في بودكاست خاص، الأسبوع الماضي، طبيعة المداولات والمناقشات خلال جلسة الاستماع بين المتخصصين الماليين، وحيث كان هناك إجماع على الفائدة المحتملة لليورو الرقمي وقيمته المضافة للمواطنين، كما الاستقلالية الاستراتيجية والمرونة في المدفوعات وحماية البيانات، مشيراً إلى أي مدى يمكن أن يتفوق اليورو الرقمي على الأشكال الحالية من النقود الرقمية، مع الأهمية التي يمكن أن تحظى بها الخصوصية المضمونة تقنياً والثقة في العملة الموحدة.

وبحسب خبراء ألمان في مجال الإدارة والنقد، يهدف اليورو الرقمي إلى أن يكون خيار دفع آخر لمواطني الاتحاد الأوروبي، وحيث يتم تخزينه في المحفظة الرقمية ويحتاج إلى بطاقة أو هاتف ذكي لإنفاقه أثناء التسوق، سواء للطلبات عبر الإنترنت أو في المتاجر، ولا يمكن أن يحل اليورو الرقمي محل النقد الورقي، بل لتكملة وتسهيل آلية استخدام العملة الأوروبية. مع العلم أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن ينص قانوناً على استمرار قبول النقد حتى بعد إدخال اليورو الرقمي، وأنه يمكن سحب الأموال النقدية في جميع المجالات.

التعليقات معطلة.