لم يكن يدور في خلد حليمة محمد المرأة ذات الـ 78 عاماً، والتي تسكن في أحد أقضية كركوك أنها سترتدي زي التخرج يوماً ما، بعدما أجبرتها الظروف على عدم الدراسة في مقتبل عمرها، لكنها أصرت على الدراسة وحصلت على شهادة التخرج من أحد مراكز محو الأمية».
تقول حليمة محمد من مواليد 1940 العودة إلى المقاعد الدراسية بعد مضي العمر شيء جميل، والحصول على الشهادة هو الأجمل، كنت لا أجيد القراءة والكتابة لأن والدي لم يرسلني إلى المدرسة عندما كنا صغاراً وكنا نسكن في القرية وعندما انتقلنا إلى كركوك، وتزوجت ورزقني الله الأطفال لم التحق بالمدرسة».
وتضيف متحدثة عن تجربتها، «عند افتتاح مركز لمحو الأمية قريب من منزلي قررت الالتحاق به والتعلم، لم أكن أعرف الحروف والجمع والأعداد وما أن التحقت بالمدرسة ودافع التعليم يعود بي الى عشرات السنين، أجلس في الصف الدراسي، واستمع إلى الدرس وأمتلك حقيبة صغيرة أحتفظ بها بكتب ودفاتر المدرسة احضر الواجبات واخضع الى امتحانات، والان أجيد القراءة والكتابة بعد سنتين من التحاقي بمركز محو الأمية». وتفيد أيضا بأن «معلمة مركز محو الأمية ساعدتنا على حفظ حروف اللغة العربية الجميلة ومعرفة أعداد الرياضيات وكيف نجمع ونطرح وبقية العمليات الرياضية»، ماضيةً إلى القول «برغم كبر سني الا اني عازمة على الاستمرار في التعلم لأن العلم نور والجهل ظلام». وتستطرد محمد قائلةً، «عمري 78 سنة وحققت حلمي ولبست (روب) التخرج كما يفعل خريجو الكليات»، مشيرةً إلى أن «القراءة والتعلم يخرجان الإنسان من الظلام إلى النور ويجعلان منه شيئاً مختلفاً يناقش ويستمع ويقرأ». من جهته، قال محافظ كركوك وكالة راكان الجبوري، إن «إدارة كركوك تثني على العمل الطوعي لملاكات محو الأمية وتربية كركوك والخريجات المندفعات اللاتي جسدن إرادة في التعلم والتفوق»، مشيراً إلى أن «مراكز محو الأمية تحتاج للدعم وسنعمل على الحصول على دعم لمحو الأمية من المنظمات الدولية خاصة بالمناطق المحررة». وأكد الجبوري، أن «داعش الإرهابي أوقف العمل بالمدارس بقضاء الحويجة ونواحيها ومنع الطلبة والطالبات من الدراسة طيلة فترة احتلاله للمناطق»، مضيفاً أن «الأمية مساوية للإرهاب بل هي صانعة له، فالإرهاب والتطرف ينتشران بالبيئة الجاهلة والمتخلفة، بينما لا يستطيع أن يظهر بالمناطق المتنورة والمتعلمة ونحن يجب أن نواجه الإرهاب بالعلم والتكاتف والتعليم والبناء».
وفي السياق ذاته، قال مدير قسم محو الأمية بتربية كركوك قيس عبد الواحد، إن «مشروع محو الأمية الذي تنفذه وزارة التربية في عموم العراق يهدف الى القضاء على الأمية بين المجتمع ويستهدف جميع المستويات كبار السن والاعمار الاخرى وكذلك من تسرب من المدرسة أو من لم يفلح في المدرسة لظروف مختلفة، فالدراسة على مرحلتين مداها عامين ويخضع الدارس إلى امتحان مركزي تمنحه شهادة معادلة للابتدائية، ومراكزنا منتشرة في عموم مراكز الأقضية والنواحي».
وأضاف عبد الواحد، «لدينا خطة لمسح جميع المناطق المحررة التي عانت الإرهاب لغرض شمول ساكنيها بمحاربة الأمية، وضرورة تثبيت أو تنظيم عقود لجميع المحاضرين بمجال محو الأمية وأهمية التوسع في مجال التعليم المجتمعي ومهارات الحياة بما يسهم في نشر التعليم ومحاربة الجهل»، ماضياً إلى القول إن «قسم محو الأمية مركز النهوض للتعليم المجتمعي نظم احتفالية بتخرج الدفعة الثانية الدارسات بالمركز للصف السادس الابتدائي وهو امتداد لتخريج الاف المتعلمين في مراكزنا».