انتهاء شهر العسل.. حرب كلامية محتدمة بين ترامب وماسك

5


فريق راديو صوت العرب من أمريكا

في مشهد يعكس مدى هشاشة التحالفات في أروقة السلطة والمال، انفجرت الخلافات بين الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك على نحو دراماتيكي، طغى فيه الصدام الشخصي على المصالح المشتركة، لتبدأ حرب كلامية محتدمة تهدد بمحو صفحة كانت حتى وقت قريب تحمل عنوان «التعاون الاستراتيجي».

الخلاف، الذي اندلع على خلفية اعتراض ماسك على مشروع قانون الضرائب الذي يدفع به ترامب في الكونغرس، سرعان ما تصاعد إلى اتهامات علنية متبادلة عبر منصّات التواصل، وانتقل من سجال حول السياسة المالية إلى صراع شخصي عميق، وفقًا لما نشرته شبكة “NBC News“.

ففي منشور ناري على منصته “إكس”، اتهم ماسك ترامب بالتورط في ملف جيفري إبستين، وقال بصيغة لا تخلو من الاتهام: «اسم دونالد ترامب موجود في ملفات إبستين… هذا هو السبب وراء عدم نشرها». ولم تمضِ ساعات حتى ردّ الرئيس من منصته “تروث سوشيال”، واصفاً ماسك بـ «المجنون»، ومعلناً أنه طلب منه مغادرة هيئة الكفاءة الحكومية، ملمّحاً إلى احتمال إنهاء الدعم الفيدرالي والعقود الحكومية التي تُقدَّر بمليارات الدولارات لشركات ماسك.

الرئيس، الذي كان قد استقبل ماسك بحرارة في البيت الأبيض قبل أسبوع، عبّر عن «خيبة أمل» لما وصفه بـ «التحول المفاجئ» في موقف ماسك، خصوصاً بعد أن انتقد الأخير الميزانية الجديدة واصفاً إياها بأنها «شائنة» و«مثيرة للاشمئزاز». وأضاف ترامب في تصريحات صحفية: «إيلون كان يعرف تفاصيل هذا المشروع أكثر من أي شخص.. وفجأة أصبح لديه مشكلة».

وفيما بدا كأنه رد مباشر، نشر ماسك تسجيلاً لترامب يتحدث فيه عن تقليص دعم السيارات الكهربائية، وأرفقه بتعليق واحد: «خاطئ». ثم تابع تصعيده باتهام ترامب بعدم الوفاء، قائلاً: «من دوني، كان ترامب سيخسر الانتخابات. أي قلة وفاء هذه».

النتائج لم تتأخر، إذ تكبّدت شركة تسلا خسائر حادة في بورصة وول ستريت، ففقدت أكثر من 140 مليار دولار من قيمتها السوقية بعد تراجع أسهمها بأكثر من 14 في المائة. كما ألمح ماسك إلى إمكانية سحب مركبة «دراغون» الفضائية من الخدمة، في خطوة تهدد العمليات الحيوية لـ«ناسا»، قبل أن يتراجع لاحقاً ويعلن بتهدئة نسبية: «حسناً، لن نسحب دراغون».

هذا الصراع، الذي هزّ أروقة واشنطن ووادي السيليكون، وضع الحزب الجمهوري في موقف حرج. إذ عبّر عدد من قادته عن قلقهم من تأثير الخلاف على الأجندة التشريعية للحزب وعلى صورته أمام الناخبين. السيناتور تيد كروز دعا إلى «العودة إلى العمل معاً»، فيما حذّر النائب دان نيوهاوس من أن الانشغال بهذا السجال قد يُلهي عن القضايا الجوهرية.

في المقابل، بدا أن ترامب اتخذ قراره بالمضي قدماً دون ماسك، معلناً أنه لا ينوي التواصل معه رغم محاولات الأخير للاتصال، وفق ما أفادت به مصادر في البيت الأبيض. كما يدرس الرئيس بيع أو التبرع بسيارة تسلا التي كان اشتراها سابقاً دعماً لمشروع ماسك في الطاقة النظيفة، وهي مركونة حالياً قرب البيت الأبيض، في مشهد رمزي لنهاية علاقة تعاون كانت تُقدَّم كنموذج لتحالف السياسة بالتكنولوجيا.

أما ماسك، الذي دعا بشكل مباغت إلى تأسيس حزب سياسي جديد يمثل «80% من الوسط الأمريكي»، فيبدو أنه يستعد لمرحلة جديدة، يبتعد فيها عن ظلال البيت الأبيض، ويخوض معركته الخاصة في الساحة السياسية، بعد أن كان لاعباً من خلف الستار.

وإن كانت هذه المواجهة قد وضعت نهاية لما اعتبره البعض «شهر عسل» قصير بين أقوى رجل في السياسة وأغنى رجل في العالم، فإن تبعاتها السياسية والاقتصادية لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات، في مشهد يرسم ملامح خريف بارد بين واشنطن ووادي السيليكون.

التعليقات معطلة.