في تقدم كبير بملف حقول النفط المشتركة بين العراق والكويت، هو الأول من نوعه منذ عقود، أعلن وزير النفط العراقي ثامر الغضبان، أن الكويت والعراق اختارا مستشاراً لدراسة المناطق النفطية على الحدود بين البلدين، وسيتم تحديد السياسة الإنتاجية بناء على الدراسة، فيما أكد مسؤول حكومي في بغداد لـ”العربي الجديد”، أن بلاده عازمة على إنهاء هذا الملف بشكل كامل، وهناك نية مماثلة من الجانب الكويتي.
وقال وزير النفط العراقي في تصريح للصحافيين على هامش اجتماع وزراء نفط منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك” في الكويت، اليوم الأحد، إن الاستشاري سيقوم بدراسة المنطقتين المتاخمتين للحدود بين العراق والكويت، و”بناء على معطيات الدراسة ستتخذ سياسة إنتاجية مجزية للطرفين”. ولم يذكر الوزير اسم الشركة الاستشارية، لكنه أكد أنها “شركة أجنبية عالمية معروفة تقوم بتنفيذ الاستشارات”.
يأتي ذلك كأول خطوة عملية يتخذها الجانبان فيما يتعلق بملف الحقول النفطية المشتركة، وأبرزها حقول الرضوتين وبحرة والصابرية والزبير والقرنة ومجنون والرميلة، ويقدر مجموع احتياطي تلك الحقول بأكثر من 100 مليار برميل نفط بحسب خبراء نفط عراقيين ومسؤولين في شركة نفط الجنوب، عدا عن مخزون كبير من الغاز المصاحب للنفط والذي يحاول العراق استثماره في مجال محطات تحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية.
ويعود ملف الحقول المشركة إلى عقود طويلة وجرت بين البلدين عدة جولات تحكيم واتفاقيات لم تحسم الجدل الحاصل حولها، بسبب اتهام العراق للكويت باعتماد الحفر الأفقي في الجزء الخاص بها من الحقول وسحب النفط الموجود بالجانب العراقي وهو ما تنفيه الكويت.
وتوقفت جميع أشكال المفاوضات بين البلدين عقب الاحتلال العراقي للكويت واندلاع حرب الخليج عام 1991، وتم ترسيم الحدود برعاية الأمم المتحدة بين البلدين عام 1993 بموافقة الجانبين آنذاك، إلا أن ملف الحقول لم يجد حلا بسبب وقوعها على أراضي كلا الدولتين الجارتين.
وقال مسؤول نفطي في بغداد : “لا نتوقع أن ينتهي الاستشاري العالمي من الدراسة الخاصة بالحقول الحدودية خلال أشهر، فالأمر قد يطول أكثر من ذلك، لكن الأهم هو البدء بالحل، وهناك رغبة كويتية أيضا لغلق الملف كون الحقول المشتركة معطلة والجانبان يريدان الإنتاج، لكن الأمر بحاجة إلى تصحيح قانوني”.
وأضاف المسؤول العراقي “حل ملف الحقول المشتركة فني أكثر من كونه سياسيا”. ويوجد في العراق 24 حقلاً نفطياً مشتركاً مع الكويت وإيران وسورية، منها 15 حقلاً غير مستغل.
وكان أول إعلان من نوعه حول ملف الحقول بين العراق الكويت في سبتمبر/أيلول 2010، عندما أعلن وزير النفط الكويتي آنذاك أحمد الصبح، عن اتفاق أولي حول تقاسم الحقول النفطية المشتركة، إلا أن الإعلان لم يتبعه أي إجراءات فعلية في سبيل حل الملف قبل إعلان دولة الكويت، في سبتمبر/أيلول 2017، مرسوماً أميرياً يقضي بالموافقة على مذكرة تفاهم بين وزارتي النفط الكويتية والعراقية بشأن استغلال وتطوير الحقول النفطية المشتركة، التي تشمل حقلي الرتقة والعبدلي في شمال الكويت، ومن الجانب العراقي تتضمن حقلي الرميلة وصفوان في جنوب العراق.
وقال أحمد عبد الحق السلماني، الخبير النفطي العراقي إن “الاتفاق لن يكون سهلا وسيتطلب وقتا طويلا من المشاورات، لكن حاليا الأجواء ملائمة لذلك كما يتضح من الطرفين”.
وأضاف: “هناك تعقيد فني بالموضوع يتعلق بمستوى الأرض من جانب كلا البلدين منخفضة أو مرتفعة وطريقة الحفر وعدد الآبار وكمية النفط المسحوب منها يومياً وجوانب أخرى يجب الاتفاق عليها، وهو ما ينتظر أن تطرحه الشركة الاستشارية على الطرفين”.
ورأى محمود وهيب، المستشار السابق في شركة الحفر العراقية التابعة لوزارة النفط وهي المسؤولة عن عمليات التنقيب والاستكشاف النفطي بالبلاد أن عدة أسباب تدفع للتفاؤل بحل الخلاف النفطي المزمن بين البلدين، أولها توفر الرغبة السياسية وثانيها أن الطرفين اختارا شركة محايدة ووافقا على قبول تقريرها التقييمي والاستشارة النهائية لها التي قد تكون خارطة طريق للحل.
كان وزير النفط الكويتي بخيت الرشيدي، قد قال في تصريحات صحافية في أغسطس/آب الماضي، إن الكويت والعراق حددا 4 مستشارين لدراسة مشروع الحقول النفطية المشتركة، وسيختاران واحدا منهم خلال وقت قريب، مضيفا أن الكويت تتوقع اتفاقا مع العراق بخصوص استيراد الغاز وحقول النفط المشتركة قبل نهاية العام الحالي.