حسن فليح / محلل سياسي
لاتوجد ثقة للامريكان بقوات الامن العراقية علىٰ حماية المستشارين الامريكان بعد انسحاب القوات القتالية ، من مناطق تواجدها في العراق ، علماً ان قوىٰ ألأمن العراقية كذلك هي غير قادرة علىٰ حماية البعثات الدبلوماسية ، والانسحاب الامريكي سيخلق فراغاً أمنياً خطيراً تلك حقيقة لامجال لتجاهلها ، أذن من سيشغل الفراغ بعد الانسحاب ، ومن هي القوى المؤهلة الان في الساحه العراقية لملئ ذلك الفراغ ؟ لاشك ان ايران وفصائلها المسلحة وبقيادة الحرس الثوري الايراني هي المؤهلة لشغل وملئ الفراغ ولن تترك ايران الفرصة السانحه التي طالما انتضرتها وعملت عليها ، ولكن هذه المرة بأجندة ايرانية وبأرادة سياسية متفق عليها مع الامريكان ، ومن المؤكد ستغير من طبيعة المعادلة السياسية التي افرزتها الانتخابات الاخيرة ، كل ذلك مرهون بمحادثات جنيف وما سينجم عنها ، ولكننا نستطيع ان نتخيل ما سيحدث بحكم الاوضاع والصراعات التي تدور من حولنا والعالم والاهم ما في ذلك علينا ان ندرك طريقة وعقلية الادارة الامريكية بقيادة الرئيس بايدن وهو يواجه تلك التحديات من الصين وروسيا وايران وفي آن واحد ، ناهيك عن الضغط الاسرائيلي والقلقل الذي يساورها من أن تصبح ايران دولة نووية ، أن النظام الايراني مدرك تماما بأن المجتمع الدولي لايسمح لايران ان تكون دولة نووية مهما كلف الامر ، ولكنه مدرك هناك ثمن ستدفعة الولايات المتحدة ومن معها في حال تخليها عن برنامجها النووي ، المجتمع الدولي لايريد الحرب علىٰ ايران والادارة الامريكية بقيادة بايدن لاتريد الحرب اقلها في الضرف الدولي الراهن وكذلك بالنسبة لأسرائيل ، ومعروف لدىٰ الجميع ماذا تعني الحرب وماهية تداعياتها علىٰ العالم باسرة وخاصةً علىٰ اسرائيل ، أذن ماهي الخطوات المحتملة لمعالجة الازمه ؟ اولاً احتمالية الجوء لاتفاق مؤقت يعيد المنشآت النووية تحت المراقبة الاممية وترحل الازمة الىٰ الدورة الانتخابية للرئاسة الامريكية القادمة ، الاحتمال الثاني ، الوصول الىٰ اتفاق تتخلىٰٖ ايران عن برنامجها النووي مقابل فتح الحصار عنها واطلاق العنان لها في العراق سياسياً والتخلي عن فصائلها المسلحة ، وان تلعب ايران دوراً ايجابياً في العراق والمنطقة ولا يتعارض مع سياسة التطبيع مع اسرائيل ، وتتخلى عن نفوذها في لبنان واليمن وسوريا ، والبقاء على نفوذها ومصالحها في العراق ضمن الضوابط التي ذكرناها ، والعودة الى سياسة التخادم السياسي الامريكي الايراني في الشان العراقي الىٰ سابق عهدها في زمن أوباما ، وبهاذا يكون الرئيس بايدن قد حقق مايصبو الية من انسحاب امريكي آمن من العراق وطمئنت اسرائيل وأطفاء قلقها وسحب فتيل الازمة ويعُد ذلك انتصاراً سياسيا على الصعيد الدولي والداخل الامريكي وبأقل الخسائر مقارنةً بالحرب على ايران ، أذن الثمن المدفوع لايران للخلاص من ازمة السلاح النووي هو العراق ، في ضل التحديات الدولية الجدية للولايات المتحدة ولتي اشرنا اليها ، بالتزامن مع عطل وعجز الفكر السياسي العراقي من ان يجد حلاً ويفرض معادلة سياسية تحضىٰ بثقة الشعب ومقنعه للمجتمع الدولي وتكون حاضرة ولايمكن تجاوزها او تخطيها من قبل الجميع علىٰ الصعيد الداخلي والاقليمي والدولي ، ان المتاهه الفكرية والسياسية التي لازمت الحراك السياسي لجميع القوىٰ السياسية الموالية منها وغير الموالية من شأنها ان تبقي العراق هكذا رهينة الصراعات والارادات الدولية والاقليمية ، تتقاذفة حيث ماتشاء مصالحها دون النضر لمصالح العراق والعراقيين ، اما آن الاوان أن ندرك المخاطر الجسيمه التي تحيط بشعبنا وبلادنا ، ومتى تعي القوىٰ السياسية طبيعة المخاطر التي مرت بنا والقادم منها نتيجة تجاهلهم وجهلهم السياسي لمصالح الشعب والبلاد الوطنية ، وتحقيقاً لغايات واهداف دولية واقليمية ، لاشأن لها بمصالح العراق وشعبة ، أمريكا اليوم لم تعد القطب الواحد الذي كان ولم يعد يتحكم بالعالم ، في ضل التحدي الصيني والروسي ، فبعد تغير المعادلة الدولية علىٰ ماهي عليها الان امر طبيعي سيدفع الامريكان الى تغير سياساتهم وأولوياتهم وحسب مايقتضيه الواقع السياسي والعسكري في العالم ، نتذكر جميعنا كيف كان الطريق سالكاً لاحتلال العراق بعد تغير المعادلة الدولية لصالح الولايات المتحدة وانهيار الاتحاد السوفيتي وحلف وارشو في تسعينيات القرن الماضي ، والتي سهلت الى حد كبير من غزو العراق واحتلال المنطقة بغياب الرادع الدولي الذي كان قائما حينها ، اليوم المعادلة تغيرت وهي التي ستجعل من امريكا ان تتخلىٰ عن العراق عكس المعادلة التي شجعتهم علىٰ احتلاله ، من هنا نستطيع ان نتفهم طبيعة التضحية بالعراق مقابل تجنب الحرب على ايران الامر الذي سيوفر للصين فرصة احتلال تايوان ، وروسيا المستعدة لضم اوكرانيا وربما الحرب من نتائجها نهاية اسرائيل ، العراق اليوم هو الاضعف والاكثر ميولاً لهذا الطرف او ذاك وحسب ماتقتضية المعادلة الدولية ومحادثات جنيف وماينجم عنها في حالة فشلها او نجاحها هي التي ستحدد مستقبل العراق السياسي ، وليس القوىٰ السياسية الضعيفة والهزيلة والمنحرفة عن خطها الوطني والتي اثبتت فشلها القاتل والمريع لقيادة العراق ألىٰ بر ألأمان ، الاحتمال الثالث الحرب وهو الاحتمال الوحيد الذي يصب بمصلحة العراق وشعبه والعامل الوحيد الذي ينقذ العراق ويخلصهُ من شرنقة وطوق سياسة التخادم التي صنعتها ادارة أوباما مع النظام الايراني بشأن العراق ، والاتفاق مع ايران ونجاح المفوضات هو الذي يصب بمصلحة جميع الاطراف ماعدىٰ العراق الذي سيصبح الخاسر الوحيد والعودة بنا الىٰ نفس المعادلة القاتلة .