( أوكرانيا جزءاً من ألأزمة وليست ألأزمة بعينها )

1

حسن فليح / محلل سياسي

هواجس موسكو من توسيع حلف الناتو شرقاً والخشية من أنضمام اْوكرانيا للحلف أثار قلق القيادة الروسية وأعتبار ذلك امراً خطيراً وتهديداً مباشراً للأمن القومي الروسي ، بالوقت الذي تسعىٰ فيه موسكو لأعادة جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وضمها الىٰ الاتحاد الروسي ، الامر الذي يشكل هدفاً حيوياً وستراتيجياً لها لدعم موقفها امام الولايات المتحدة والغرب في عملية الصراع والنفوذ العالمي ، اوكرانيا ستبقىٰ هدفاً لروسيا لابد منه ، طال الزمن ام قصر ، وليس بالضروره اْجتياحها عسكرياً ، من الممكن القيام بالتوخل داخل الاراضي الاوكرانية لمزيداً من الضغط علىٰ حكومة كييف واحداث ارباك داخل المجتمع ومؤسسات الدولة والتشجيع علىٰ حدوث تمرد شعبي او انقلاب عسكري موالي لروسيا ، او استمرار الازمة وتفاعلاتها لحين تقديم الغرب الضمانات المطلوبة لموسكو بعدم ضم اوكرانيا للحلف وعدم نشر الصواريخ فيها ، ويبدو ذلك امراً مقبولاً من بوتين بالوقت الحاضر في حال حصوله ، لحين انضاج الظروف بشكل اكثر لضمها مستقبلا ، روسيا بتقاربها الاخير مع الصين لم يكن تقارباً عابراً وتقليدياً بين الزعيمين الروسي والصيني والمراقب لبنود الاتفاق بينهما يخرج بنتيجة مفادها هذا التقارب التاريخي كان بمثابة ألأعلان عن بداية عهد جديد لفرض معادلة دولية جديدة بعيداً عن الهيمنة الامريكية وتفردها بالعالم بعد الانهيار المذهل الذي حصل للاتحاد السوفيتي حين ذاك ، مما جعل العالم يعيش تحت رحمة أحادية القطب الامريكي وبلا منازع ، روسيا الان وبسعيها الحثيث طيلة العقود ألثلاث الماضية من اجل فرض مكانتها في محيطها الدولي نجحت وتحولت من دولة مشطوبة الىٰ دولة شاطبة ، من هنا نستطيع ان نتفهم طبيعة الازمة بين روسيا واوكرانيا التي تشكل العنوان للمضي بتفعيل المعادلة الدولية الجديدة وتدشين عصراً جديداً بقيادة روسيا والصين امام الولايات المتحدة وحلفائها ، حيث اشار البيان المشترك لزيارة بوتن لبكين في بعض نقاطة ان الصين تدعم الموقف الروسي في موضوع اوكرانيا ، وكذلك يشير الىٰ دعم روسيا للصين في موضوع تايوان وتعتبرها جزاءاً لا يتجزأ من الاراضي الصينية ، والاشارة ألأهم انهما يتصديان للتدخل الغير مشروع بالدول وكذلك ضرورة العودة للاتفاقية التجارية العالمية وتلك اشارة واضحة بعدم جواز فرض الحضر والعقوبات الاقتصادية علىٰ الدول ، اليوم الموقف الروسي قوي امام الولايات المتحدة ، تعزز ذلك بتأكيد الرئيس الصيني حيث قال ان دعمنا لروسيا بلا حدود ، هذا التحالف غير النضرة الاوربية لروسيا حيث اختلفت كلياً عن الموقف الاميركي بخصوص الازمة الاوكرانية بأثر ذلك التحول التاريخي الذي أعاد حسابات توازن القوىٰ بالعالم وهذا ماعبر عنة المستشار الالماني في زيارته لموسكو ولقائه بالرئيس بوتن خلال المؤتمر الصحفي لهما حين قال لايمكن أن يكون هناك امن جماعي لأوربا بدون مشاركة روسيا ، وأضاف ليس هناك نية لأوربا لضم اوكرانيا لحلف الناتو ، هذا التباين بالمواقف بين أمريكا وأوربا بخصوص الازمة سببه القراءة الاوربية للمتغير الذي طرأ علىٰٖ المعادلة الدولية من خلال الاتفاق الصيني الروسي الامر الذي دفع بالرئيس الامريكي في كلمتة الاخيرة الىٰ التخلي عن نشر الصواريخ في اوكرانية ، شكل ذلك نصراً ونجاحا سياسيا لبوتن في ادارتهِ للازمة ، روسيا لن تجعل من اوكرانيا افغانستان ثانية لها كما حصل في زمن الاتحاد السوفيتي حين ذاك ، وجاءَ الانسحاب العسكري من خط المواجة لتفويت الفرصة علىٰ الولايات المتحدة وحلف الناتو من سقوط روسيا في الفخ المبيت لها لبلوغ ذلك الهدف ، شائت امريكا ام أبت أصبح العالم اليوم امام مرحلة ومعادلة ستدفع بالعالم الىٰ صياغة تحالفات جديدة واتفاقات اقتصادية جديدة وربما الىٰ محاور وحروب جديدة ، وبذلك لم تعد امريكا القطب الاوحد الذي يتحكم بالعالم بعد الان ، حيث ان العوامل التي ساعدت امريكا لتصبح القطب الوحيد عالمياً لم تعد قائمة ، ومن المؤكد سيدفع الامر بالادارة الامريكية الىٰٖ التفاوض مع روسيا والصين وعلىٰ طاولة واحدة لتدارك الموقف وبناء تفاهمات ومعاهدات تأخذ بنضر الاعتبار المتغير والتحول الحاصل بالواقع السياسي والعسكري والاقتصادي الجديد والتعايش معاه كحقيقة واقعة لابد منها .

التعليقات معطلة.