زهير ماجد
إن تذهب لمقاتلة الإرهاب هو الحتمية بدل انتظار مجيئه إلينا. حينما تحرك الأمن المصري باتجاه مواقعه في الواحات، كان على دراية بالمكان الذاهب إليه .. من غير المنطقي القول بأنه وقع في كمين، أليس مايفعله الإرهابيون سوى زرع الكمائن. قد يحدث ذلك مع جيش غير محترف، مع أن كل الجيوش فيها جيوش من الاحتراف، ثم ليس جديدا الصراع معهم.
دخل الحزن كل بيت في مصر حتى غلت الدموع. لم يعد هنالك قدر لبلد معين في أن يختاره الإرهاب أو لايختاره، خصوصا وأن مصر تعيش دائما مع هذا النوع من المجرمين، وهي ولادة بلا انقطاع لهم. الشرق الأوسط برمته في حالة هجوم وليس دفاعا عن النفس. خطط الإرهابيين لاتعتمد على قدراتهم الاستطلاعية الذاتية التي لاتكفي في هذا الزمن ، ثمة من يقدم لهم ماينفعهم عبر تقنيات الاستطلاع والاتصال ثم أسلحة القتال.
ماوراء الإرهاب الذي تواجهه القوات المسلحة العربية، هو الإرهاب بعينه أيضا، إذا لم تكن هنالك بيئة حاضنة فليس له أن ينمو، وإذا لم يكن له معسكره فكيف يتدرب، وإذا لم يكن هنالك من يشتري له أدوات التنقل والنقل فكيف يتحرك، ثم إذا لم تقدم له كل أدوات الطبابة فلن يتمكن من الاستمرار لأن حالات الإصابات ستحدث دائما، ومن أين يأكل ويشرب إذا لم تقدم له الأموال الكافية، بل ان بعضهم أثرى، لابل ذهب ببعض قادة الإرهاب من بناء مسابح على مساحات واسعة كما حدث في جرود عرسال اللبنانية.
انقضى عهد الإرهاب الذي كان مزاجيا أو حالة فردية ولو تجمع حوله كثر .. نحن نسميه إرهابا، أما الحاضنون له فيعتبرونه أدوات تغيير من أجل مصالحه وأهدافه وسياساته، تكلفة تدريب الإرهابي الواحد مئات الدولارات إن لم يكن آلافا .. ولذلك حولوهم إلى جيوش لها ارتباطات عن قرب وعن بعد، تتغذى من مصدر واحد، ولها فكر واحد، وهدف واحد، ومن يقوم بغسل أدمغتهم واحد، وليس عبثا تلك العمليات الانتحارية التي يقومون بها بالجملة أحيانا .. صار جسد الانتحاري مباحا للفكرة، بعدما تعددت الأفكار أيضا، وصار لكل مقام فكرته التي تؤدي إلى الموت الانتحاري من أجله.
حزينة مصر، تبكي رجالاتها وتودعهم كأبطال، ويعرف سياسيوها أن لا انتهاء لمعركة مفتوحة مع أطول إرهاب في التاريخ ، له مثل هذه القواعد الكبرى والأعداد الغفيرة والمعتقدات الدافعة لمثل تلك الأعمال.
حزن الكنانة دمعة في بحر دموع سوريا والعراق وليبيا واليمن وما هو آت على طريق المجهول. الكل يبكي حزنه، ومرحلته المفروضة عليه، فإما أن يكون أو لايكون، ذلك هو السؤال الذي يطرح على مدار الساعة، وعلى القوات المسلحة أن تجيب عليه بسواعدها وشهدائها، وأن تتنقل بين خبرات جديدة، فلدى الإرهاب دائما خبراته التي تحتاج إلى تجديد في نوعية القتال ضده.
أكثر العرب إذن في عين العاصفة، في مواجهة تاريخ لابد أنه يتكرر بشكله الجديد. تعرضت المنطقة لكل الغزوات المشابهة، وخرج من بينها من يشبهون ” داعش ” و” القاعدة ” وكل الأسماء المطروحة في سوق الأعمال الإرهابية، قاتلت المنطقة، ظلت عشرات السنين بين أخذ ورد، وحين استقر بها المطاف، ظنت أن الدنيا بخير، لكنها لم تكن كذلك ولن تكون ..