مقالات

باختصار : العنصرية 

زهير ماجد

لم نكن يوما كعرب عنصريين أو ميالين إلى ازدراء اقوام اخرى .. ربما لأن العروبة متصالحة مع ذاتها وبالتالي مع العالم، وهي ايضا صورة عن وعي الذات اتجاه الآخر مما يعني احترام هذا الآخر بالتأكيد.
ربما لأن العرب ايضا اقرب إلى روح التسامح باعتبار دينهم السماوي يقوم على تلك الأفكار .. ولهذا يتفاجأ المرء بزعيم دولة عظمى، يزدري دولا وشعوبا يصل به الى تسمية بعض افريقيا بالحثالة، ناهيك عن تسميات مشابهة اطلقها قبلا في اكثر من اتجاه.
قد تكون جملة “شعب الله المختار” من اكثر الجمل تحريضا على الاحساس بالعنصرية، وهي ما يطلقه اليهود على انفسهم .. ومن هذا القبيل ايضا، ان يطلق على شعوب مكافحة، عانت الاستعمار، وتدرجت حياتها على طلب الحرية والعمل من اجلها، انها حثالة، فذلك ما ليس له توظيف في حياة تلك الشعوب بكل همومها الوطنية.
قد تكون كلمة الكفاح اختراعا يطلق على دول العالم الثالث التي نحن العرب منها وكذلك الأفارقة وتلك الدول التي تحبو نحو الاكتفاء الذاتي .. جميع هؤلاء عاشوا تحت ذل الاستعمار أو الانتداب، .. امة مثل الهند قيض لها رجل كغاندي كي يعيد تصحيح مسارها الوطني نحو الاستقلال، وامة مثل العرب لو نظرنا إلى اقطارها لعرفنا كيف تعرضت لاحتلالات الدول الكبرى وكيف امضت عمرها في تقديم الضحايا من اجل استقلالها، والجزائر عنوان، وربما لبنان وسوريا والعراق ومصر وليبيا وغيره ..
اما افريقيا فهي الرمز الأكبر لأقسى انواع الاستعمار الذي ابلى بلاء فظيعا في التحكم برقاب شعوبها وفي الاستيلاء على خيراتها، وما زالت بعضها إلى الآن .. من المؤسف ان بعض افريقيا تراجعت في مفهوم الاستقلال والتبعية، في حين، وابان العهد الناصري في مصر، كان هنالك خيارات أوسع في العمل الاستقلالي قاده افارقة كبار لعبوا ادوارا مع الرئيس المصري جمال عبدالناصر من اجل مستقبل افريقيا، وما زلنا إلى اليوم نذكر اسماء نيكروما وجومو كينياتا ولومومبا ونيسلون مانديلا واحمد سيكوتوري وغيرهم، وكيف فكر الثائر العالمي تشي جيفارا بحرية افريقيا فكانت الكونغو محطته الاساسية التي اراد من خلالها تحرير القارة كلها وصولا الى العالمية.
صعب والله ان يتقبل الافارقة والعرب وبقية الشعوب النامية هذا الازدراء لها او النظر اليها من عل من قبل رئيس دولة عظمى لعبت ظروف مختلفة معروفة في ايصالها إلى ما وصلت اليه، بل ربما هي لولا ذلك الخليط الذي تحتويه، لما انجزت تقدما باهرا يستحق الاعتراف به، لكنه لا يجوز ان يتحول إلى نظرة تعال واحتقار للآخر ما زال ينفض عن كتفيه غبار واوساخ مراحل مريرة من حياته الوطنية وكفاحه ضد الاستعمار بكل اشكاله القديمة والحديثة.
تلك البلاد المناضلة ونحن اساسها، وكل العالم النامي ايضا، تستحق ان يطلق عليها القاب بطولات وطنية من اجل حريتها، لكنها لم تفعل ما فعله الابيض باليانكي الهندي من ابادة في اميركا، بل علاقات متوازنة تحترم التفاصيل الوطنية لهذا البلد او ذاك وتسعى إلى خيره.
بل اننا لا نزال نقاتل إلى اليوم ليس فقط خطايا الفهم الاميركي والاستعماري الاوروبي لنا ولغيرنا من الشعوب، بل ما نفعله من دفاع عن مصالحنا الوطنية والقومية هو من اجل ان نصحح حاضره معنا اذا كان ماضيه اسود.
كل ما قاله ترامب اذن وبطريقة غير مباشرة انه تبنى جملة ” شعب الله المختار ” بل لبسها محتوى وفهما وادارها طلقة على شعوب العالم الثالث وضده؟