مقالات

باختصار : اليد الجاهلة التي وقّعت!

 
زهير ماجد
 
وقف الصهيوني وراءه متأملا يده وهي توقع على قرار غبي لن يقدم ولن يؤخر، بل يدل عن جهل في القرارات وعن عدم معرفة للسوريين وللبنانيين، للقوى الجديدة التي أفرزتها حرب أميركا القذرة على سوريا وقبلها على العراق، وليس اليمن بمنأى عنهم، وقبلها ليبيا، والحبل على الجرار.
أراد الصهيوني نتنياهو البروز وراء ترامب حاشرا وقوفه كي يقول لشعبه لقد أتيت لكم بالمن والسلوى، جلبت لكم النعمة التي لا يمكن لغيري أن يحققها، أصبح الجولان في جيبي، لكن مثل الزوج المخدوع سيكون آخر من يعلم أن الطريق إلى الجولان العربية سوف تبدأ، بل بدأت وسيكون لها كل العودة المنتظرة إلى أحضان أمها سوريا.
كان واضحا أن نتنياهو لم يلق السلام إلا على بولتون بل لم يصافح غيره، فهذا الرجل هو أكثر عشاق إسرائيل تمرغا في صهيونيتها، ومن المؤكد أنه هو من همس في أذن رئيسه ترامب حول قضية الجولان، بل هو من أسمعه المقدمة واللازمة اليومية، فلربما يتحقق لنتنياهو المهدد بقضايا وحسابات قضايا أن تعود له الثقة القضائية والشعبية وأن يتمرد على واقع مشكوك ببقائه فيه.
هي لعبة في كل حال بين رئيس أميركي يجهل خلفيات أموره، بقدر ما يريد أن يقدم للوبي الصهيوني في أميركا ما يساعده على القفز مرة أخرى لحكم بلاده، وبين رجل مطارد من العدالة يريد بهذا القرار الخروج مما يلتف حول عنقه. لكن الرجلين، لن ينعما بما فعلاه، لأن قضية الجولان، لن تكون هنالك قوة على الأرض تمس عروبتها..
جاهل نتنياهو لكنه يكابر ويعرف أنها المكابرة .. فحتى الآن يزداد الوضع مع الفلسطينيين أزمات، وغزة وحدها تستنفر أعصابه يوميا ويخشاها، فكيف إذا ما فتحت عليه جهنم الضفة الغربية وكل فلسطين، وجنوب لبنان والجولان .. بل ماذا لو حاسبه لبنان على تاريخه الأسود الذي لا ينسى وعلى أراضٍ سرقها يوم سرق فلسطين عام 1948.
مسكين ترامب الذي لعب جهل المستقبل بعقله، وتراءت له أوهام الإمساك بالقلم الذي أهداه إلى نتنياهو ليقول له هذا ملكك مثلما الجولان صارت لك. إنه الظن الذي لن يستند إلى حقيقة، وسيظل عارا عليه أنه فعلها. ومن أسف القول، إن ترامب جاء إلى حكم بلاد بهذا الاتساع والشمول وبهذه القوة والعظمة فكان مجرد خادم في مضارب الصهاينة، ومجرد ورقة يتلاعبون بها كلما احتاجوا إلى الهروب من مطاردات القضاء.
إنني بكل ثقة أؤكد أن ترامب لا يعرف أين هي الجولان؟ مثلما أكد يوما الملك الأردني حسين أنه حين جلس للتباحث مع الرئيس الأميركي الأسبق ريجان اكتشف أنه لا يعرف أين يقع الأردن.. ترامب من المؤكد أنه لا يعرف الجولان، وربما تعرف بالصدفة على سوريا وعلى موقعها، هو لا يعرف من منطقة الشرق الأوسط سوى إسرائيل، أما أنها فلسطين فليس على علم بأنها كانت، ثم ما هي حدود فلسطين؟ وهل لبنان في شمالها أم في جنوبها؟ وهل الأردن على كتف نهر الأردن، وغيره من المعلومات التي أؤكد ثانية أنه لا يعرفها ولن يعرفها ولا يهم إن عرفها لأنه مغرم بالصهاينة وحدهم ولهم كل مواثيقه.
يد جاهلة إضافة إلى يد آثمة لن يكون لها ما تريد.