مقالات

باختصار : ترتيبات وسط ضباب المنطقة

 
زهير ماجد
 
حزم الشاب الفلسطيني باسل المقيم في لبنان أمتعته وهاجر إلى النرويج .. هو واحد من فلسطينيين كثر قرروا ترك عالمهم العربي لرغبة في العيش بعدما سدت في وجوههم آمال العودة، وفي بلد كلبنان ممنوع على الفلسطيني أن يعمل في أكثر من سبعين مهنة، أي أنه محاصر في تدبير شؤون مستقبله ولا سبيل له إلا الهجرة والالتحاق بملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في القارات الخمس وقد يئسوا من الانتظار الطويل لحل قضيتهم.
ومع ذلك لا تزال المخيمات الفلسطينية في لبنان تعج بأناسها الذين هم أجيال جديدة بعدما توفي الأجداد ومعظم الآباء .. الواضح أن السلاح ما زال متوفرا بكثرة بين أيدي هؤلاء الذين ليس لأكثرهم كما قلنا أعمال خاصة أو عامة .. ثم هم يعتبرون أنهم مهددون في أي وقت من أعمال إسرائيلية شريرة تطول وجودهم فعليهم أن يكونوا مستعدين لهذا اليوم.
ثمة قيادات بين هذا الشعب المكافح لها صلاتها ومعلوماتها، وهي دائما تلعب دورا متوازنا بين ما يطلبه لبنان من الشعب الفلسطيني، وبين ما يمكن أن يقدمه لهم. أحد القياديين المتابعين بدقة لمجريات الأمور في المنطقة والعالم، وخصوصا لقضيته، يعتبر أن ما يجري من صراع أميركي إيراني يريد أن يخلق جوا مشوشا على ما يتم ترتيبه للقضية الفلسطينية ولمسألة صفقة القرن بالذات، وتغطية لما هو مخطط لها، و”قد اعتدنا دائما على ضباب كبير كلما أريد ترتيب ما للقضية الفلسطينية أو أية قضايا أخرى في المنطقة”.
القيادي يكاد يجزم أن الصفقة تتحقق بالتقسيط، بدءا من اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وما تلاها، وصولا إلى المؤتمر الذي سيعقد في البحرين والذي شعاره “السلام من أجل الازدهار”، وتشجيع الاستثمار في الأراضي الفلسطينية .. أي تحويل القضية إلى مجرد مشكلة اقتصادية وحل، وليس كما يجب أن تكون قضية وطن سليب .. والواضح أن عراب هذه الصفقة صهر الرئيس ترامب جاريد كوشنير قال صراحة أن لا حديث إطلاقا عن حل الدولتين، بمعنى أن لا دولة فلسطينية ضمن حدود العام 1967 وأن القدس عاصمتها ثم قضية اللاجئين .. هذه الأمور من الواضح أن لا أمل لها في الصفقة التي يقال إنه وضع لها مئات المليارات من الدولارات كي لا يكون هنالك خيار أمام مسؤول فلسطيني إلا التجاوب معها والالتزام بها ومن يعارض، حتى الرئيس عباس، سيتم شطبه.
وعما إذا كان هذا الكلام موجود في كل الوسط الفلسطيني القيادي، يجزم أنه موجود وأكثر، هنالك الكثير من المعلومات التي تناثرت هنا وهناك عن الصفقة بعضها صحيح، وبعضها الآخر مشكوك بصحته .. لكن الصورة الأكيدة أنها (الصفقة) ستكون القنبلة التي ستنفجر في وجه الشعب الفلسطيني الذي صارت الضفة الغربية مليئة بالمستوطنات التي ستعترف بها الصفقة على أنها أرض إسرائيلية.
قلت، هبط على المنطقة الكثير من المشاريع حول القضية الفلسطينية من أجل إيجاد مخرج لها، فقاطع أن كلها لم تعش لأنها لم تكن جدية، وحتى لو كانت جدية فقد كانت إسرائيل ترفضها أو تعمل سلفا على إسقاطها .. أما الصفقة الحالية برأيه فمنتهى الجدية أنها حققت بعض شروطها بانتظار تحقيق الشروط الأخرى.
ينتهي الكلام، ولا تنتهي الإشارات التي تؤكد أن كل فلسطيني في المخيمات مستعد للهجرة إذا ما تحققت شروطها اللازمة له .. إنه يقين يبحث عن كيفية تنفيذه.