زهير ماجد
أمة المليار ونصف تبحث دائما عن الأصول الوطنية والتراثية لكي تحاكي شعبها .. الصين التي نطلق عليها عظيمة، صارت الرقم الصعب الذي فتح الباب لتاريخ من الصراع مع دولة لا تريد أن يكون هنالك عظمى غيرها.
الصين في ثورة إنتاج، لكنها تنطلق دائما من معاييرها الوطنية .. من المؤكد أنها لا تتأثر بما يتخذه الأميركي ضدها، فهي محصنة وغير قابلة للكسر ولا للمؤثرات الخارجية .. فيما العرب تنهال عليهم التسميات المخترعة وعليهم التشبث بها وإعادة تكرارها في اليوم من أجل حفظها عن ظهر قلب .. إنها الأوامر التي لا تناقش ولا تعارض .. نعرف أنهم الضعفاء أمام قوي، لكن ثمة ضعيفا لديه كرامة.
الآن نتسلى بصفقة القرن، فيما نحن في مطلعه .. بقي علينا ثمانون عاما تقريبا لكي ننهيه، وفي منطقتنا الملتهبة سنسمع الكثير من العناوين وعلينا أن نحفظها، بل سيكون علينا أن نستعد دوما لأحداث داهمة مخطط لها لكن عنصر مفاجأتها هو المشكلة.
غدا يجتمعون في المنامة، يقررون، الكلام مكتوب منذ حين، ولكل حاضر في تلك الورشة دوره، فمن يعاند (!).. تم تقديم الجزء الأول من “الصفقة” التي تحمل عنوانا وحيدا هو القضية الضحية والفلسطينيون الضحايا الذين في كل مرحلة يضاف إلى نكبتهم نكبة، ودائما “إخوانهم” العرب أساس فيها.
كان يقول لي مثقف عربي معروف، لن أتبرأ من عروبتي، لكن أتبرأ من عربي .. أرفع يدي احتجاجا على انتمائي لهم .. أضاعوا فلسطين ودائما كادوا يضيعون أقطارا أخرى.. مغرمون بإضاعة قطع من أجسادهم.
الفلسطينيون قاطعوا ورشة البحرين .. والورشة معقودة من أجلهم فماذا سيصدر عنها غير الذي يعرفونه؟ وبالتالي لن يخسروا سوى “اللطافة” التي يواجهون بها قضايا تمسهم أحيانا من أجل أن تظل إطلالتهم على العالم قائمة .. أما الصفقة فهي محصلة تفكير فيه ولدنة، من هو هذا الصبي كوشنير لكي يفكر بحل قضية لا تحل إلا بتفكير واحد: عودة الفلسطينيين إلى فلسطين، وإقامة دولتهم على أن تكون القدس عاصمتهم؟ الصفقة ضد هذا كله، هي ضد العودة وضد الدولة وضد القدس، فلماذا يذهب الفلسطينيون إلى سماع كلام عرفوا نهايته؟!
ما زال الصراع مع إسرائيل في بداياته، العاقلون من الفلسطينيين يعرفون هذا الأمر، ويعرفون أكثر أن ما من قوة على وجه الأرض يمكنها إغلاق الصراع أو شطب القضية إلا برضاهم وبموافقتهم وبإمضائهم. مرت القضية الفلسطينية بأشكال مختلفة، هذه المرة يريدونها سياسية بحتة، لا سلاح ولا رصاص، قبلها كانت تجربة الفدائي المسلح، واليوم يريدون الفدائي السياسي .. لكن الثورة لم تأتِ بعد، والحلم بها مؤجل دائما لأنه يحتاج إلى مناخ وقيادة ومشروع .. كل ما مر في التاريخ الفلسطيني مهما أطلقوا عليه من تسميات كان تجربة لما هو قادم ونكاد نراه خلف جيل يهوى الكلمات، فيما هو المطلوب أن تكون الكلمات رصاصا ومدافع.
تجارب، وكذلك حال صبي الصفقة الذي أراد إطلاق تجربة تحمل اسمه كي يدون في التاريخ أنه من حاول لكنهم أفشلوه .. لكن اسمه سينام في مذكرات المنطقة وسينسى بعد حين .. كثيرة هي الأسماء التي حاولت لكنها تلاشت.