زهير ماجد
كلما أطل عام جديد قلنا إنها سنة الحل .. وأي حل هو ذاك الذي ينتهي ولا ينتهي إلا بزوال إسرائيل. كل حلول المنطقة معلقة على هذه الفكرة التي تبدو للبعض غير منطقية، لكن واقع مستقبل الأمة مبني على ذلك.
وسواء اعترف من اعترف بالكيان الإسرائيلي، أو ظلت العداوة قائمة، فليس من بد سوى رحيله عن هذه الأرض .. كلما قوي جيشه ضعفت همته .. كانت قوة إسرائيل في بداية استيطانها في همة المؤسسين من قادة وقوى عسكرية، يقابله ضعف عربي في الهمة كونه لم يكن يعير الوجود الشعبي معنى وجوده.
اليوم إسرائيل أقوى عسكريا، لكنها أضعف شعبيا، يقابله قوة شعبية عربية، وبروز حالة مقاومات منها، إضافة إلى جيوش بات لها مفهوم جديد قائم على حرب الشعب .. وهذه قد تلتقي من هنا وهناك لتبدد كل أشكال الهزائم الأولى وتصنع نصرها الأخير.
هي ليست أمنيات العام الجديد وما سيليه وبعده، إنها إمكانيات تتوفر في الميدان، صحيح أننا ننتظر العافية النهائية لسوريا والعراق واليمن وليبيا كي نقول ماهي الترجمة المفترضة لعالم عربي فتح تاريخا لاأعتقد أن الإسرائيلي والأميركي والغربي عموما لم يفهموه حتى الآن، بأنه إطلالة على صراع من نوع جديد.
لاشك أن الإسرائيلي يقرأ حتى الممحي من كتاباتنا، بعض كتّابه يتحسس فعليا أبعاد هذه الأفكار، يرى فيها خطرا على كيانه، فهل بوسائله الخاصة يمكن توظيف رؤيته من أجل إسماع قادته والمفكرين الصهاينة ومن إلى جانبهم من الأميركيين والغربيين أن عالما مختلفا يتحضر للمواجهات المقبلة، إن لم يكن للمواجهة الأكبر في تاريخ المنطقة.
دائما نتذكر الهزيمة العربية الكبرى في يونيو1967 كونها تركت آثارها على الواقع العربي سنين طويلة، بعد حرب 33 يوما بين حزب الله وإسرائيل 2006 لايجوز إغفال عوامل التغيير الذي طرأ على شكل الصراع ليس في أبعاده العسكرية فقط، بل في نتائحه على فهم الواقع الجديد الذي طرأ وصار، أولا مانعا من قيام أي حرب إسرائيلية تظنها إسرائيل سهلة التحقق في نتائجها، وثانيا أنها وما رافقها من إعلام مقاوم ضاغط على الكيان العبري أسس لأول مرة خوفا وليس حرصا من قبل هذا الكيان على أية منازلة محفوفة بعدم معرفة الخصم مائة بالمائة، وثالثا، هنالك شعور بأن الحرب المقبلة مع حزب الله يقوم عليها مستقبل إسرائيل الحقيقي، بمعنى أن ماسلف كان مجرد تجارب بالرصاص الحي، ولم يكن مثل الحرب القادمة وجوديا.
الإسرائيلي يراكم خبراته في الحروب التي مرت على المنطقة خلال السنوات الست أو التي ستصبح سبعا، يقرأ فيها المتغيرات الداهمة التي لايأمن لها إطلاقا .. يرى جيوشا تبنى على قواعد حروب طويلة تعتبر مقتلا له في مفهوم الحرب السريعة التي هي مذهبه. هو تطوير لمفهوم الحرب الطويلة الأمد المبنية أساسا على المفهوم الأصلي حرب التحرير الشعبية التي أعلن عنها في إحدى المناسبات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله من أن حشودا من المقاتلين من شتى الأنواع والأجناس سوف تشترك في الحرب القادمة ..
لعل هذا الخوف الإسرائيلي مدعاة لقيام الكيان العبري بإقامة الجدار الضخم عند الحدود اللبنانية، والتي هي حسابات مبنية على مواجهة شكل الصراع المستقبلي مع جبهة تستعد لأن تكون من سيسدل الستارة على وجود إسرائيل.